قوله: ﴿ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً﴾، إلى: ﴿ٱلْمُحْسِنِينَ﴾.
المعنى: ادعوا، أيها الناس، ربكم مستكينين له، مخلصين متخشعين سراً في أنفسكم، ﴿إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ﴾.
* * *
ثم قال: ﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ﴾. أي: لا تشركوا. والفساد هنا: الشرك.
﴿بَعْدَ إِصْلاَحِهَا﴾. أي: بعد إصلاح الله (تعالى) إياها لأهل طاعته، بأن بعثت إليهم نبياً، ينذرهم ويبشرهم.
﴿وَٱدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً﴾. أي: خوفاً من عقابه، وطمعاً في رحمته.
﴿إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ [مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ]﴾. أي: ثواب الله قريب من المحسنين وإنما وصفه (بالقرب)؛ لأنه ليس بينهم وبينه إلا أن يفارقوا الدنيا.
وفي حرف: "الهاء" في ﴿قَرِيبٌ﴾ ستة أقوال:
أحسنها أن "الرحمة" و"الرحم" بمعنى.
وقال الفراء: (إنما أتى ﴿قَرِيبٌ﴾) بغير "هاء" ليفرق بينه وبين قريب من النسب.
ويلزمه ألا يجوز فيه إدخال "الهاء"، وإدخالها جائز عند جميع النحويين لو كان في كلام.
وقال الزجاج: حذفت "الهاء"؛ لأنه ثأنيث غير حقيقي.
ومذهب أبي عبيدة: أن تذكير ﴿قَرِيبٌ﴾، على تذكير المكان.
ويلزمه على هذا نصب ﴿قَرِيبٌ﴾.
وقيل: "الرحمة" هنا: المطر، فَذُكِّر حملاً على المعنى.
وقيل: هو مذكر على النسب كما يقال: امرأة طالِقٌ وحائِضٌ.
{"ayahs_start":55,"ayahs":["ٱدۡعُوا۟ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعࣰا وَخُفۡیَةًۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ","وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَا وَٱدۡعُوهُ خَوۡفࣰا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"],"ayah":"ٱدۡعُوا۟ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعࣰا وَخُفۡیَةًۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ"}