الباحث القرآني
قوله: ﴿وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ ٱلصَّالِحُونَ﴾، إلى قوله: ﴿ٱلْمُصْلِحِينَ﴾.
روى أبو بكر عن عاصم: "وَقَطَعْنَهَمْ"، بالتخفيف.
والمعنى: وفرقنا بني إسرائيل في الأرض ﴿أُمَماً﴾، أي: جماعات شتى. ففي كل أرض قوم من اليهود، ﴿مِّنْهُمُ ٱلصَّالِحُونَ﴾، أي: منهم من يؤمن بالله ورسله، ﴿وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ﴾، وصفهم بهذا قَبْلَ كُفْرِهِمْ وارتدادهم عن دينهم، وقَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ عِيسَى (عليه السلام).
* * *
﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِٱلْحَسَنَاتِ﴾.
أي: بالرخاء، والسعة في الرزق، ﴿وَٱلسَّيِّئَاتِ﴾، بالجدب والمصائب، أي: اختبرناهم بذلك، ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾، إلى طاعة الله (عز وجل).
* * *
قوله: ﴿أُمَماً﴾، وقف.
و ﴿دُونَ ذٰلِكَ﴾، وقف.
و ﴿وَٱلسَّيِّئَاتِ﴾، وقف.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ﴾.
أي: حدث من بعدهم خَلْفُ سُوْءٍ، يعني: أبناءهم.
و "الخَلْف": الرديء من القول، ومن الأبناء، يقال للواحد والاثنين والجميع، بلفظ واحد.
ويقال في المدح: "هذا خَلَف صِدْقٍ"، بتحريك اللام، ولَزِمَ تسكن اللام فيه، هذا الأشهر.
وقد تحرك في الذم وتسكن في المدح، قال حسان:
؎ ......، وخَلْفُنَا ∗∗∗ لأوَّلِنَا فِي طَاعَةِ اللهِ تابعُ
والخَلَفُ السُّوْءِ، مأخوذ من قولهم: "خَلَفَ اللّبَن"، إذ حمض حتى فسد، ومن قولهم: "خَلَفُ فَمِ الصَّائِمِ"، إذا تغير ريحه.
وقال مجاهد: "الخَلْف" في الآية يراد به النصارى بعد اليهود.
* * *
﴿يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ﴾.
يعني: الرشوة على الحكم في قول الجميع.
* * *
﴿وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا﴾.
يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه مغفور، لا نؤاخَذُ به.
والثاني: أنه ذنب، لكن الله قد يغفره لنا، تأميلاً منهم لرحمته.
وهو ما عَنَّ لهم من عرض الدنيا حلالاً كان أو حراماً، يأخذونه ويتمنون المغفرة، ﴿وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا﴾، وإن وجدوا بعده مثله، أخذوه، فهم مُصِرُّونَ على أخذه، وإنما يتمنى المغفرة من أَقْلَعَ عن الذنب، فلم يعد إليه، ولاَ نَوَى الرجوع إلى مثله.
قال ابن جبير: يعملون بالذنب ثم يستغفرون منه، فإن عرض لهم ذنب رَكِبُوه.
و "العَرَضُ" عنده: الذنوب.
قال السدي: كان بنو إسرائيل لا يَسْتَقْضُونَ قَاضِياً إِلاَّ ارْتَشَىِ في الحُكْمِ، فيقال له في ذلك، فيقول: ﴿سَيُغْفَرُ لَنَا﴾، فيطعن عليه بقية بني إسرائيل. فإذا مات جعل مكانه رجل ممن كان يطعن عليه، فيرتشي، أيضاً، ثم لاَ يَثُوبُونَ.
قال ابن زيد: يأتيهم المحق برشوة، فيخرجون له كتاب الله، ثم يحكمون له بالرشوة فإذا جاءهم الظالم بالرِّشوة، أخرجوا له الكتاب الذي كتبوا بأيديهم، وقالوا: ﴿هَـٰذَا [مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ] لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً﴾ [البقرة: ٧٩]، وهو عَرَضُ الدنيا، هو الرُّشَى في الحكم، فيحكمون له بما في الكتاب، فهو [في كتابهم]، محق، وهو في التوراة ظالم، فقال الله (عز وجل): ﴿أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِّيثَٰقُ ٱلْكِتَٰبِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ﴾.
المعنى: ألم يؤخذ عليهم الميثاق، ألا يعملوا إلا بما في التوراة، و ﴿أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ﴾.
[قال ابن عباس: ﴿أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ﴾]، يعني [فيما] يوجبون به من غفران ذنوبهم التي هم عليها مصرون.
* * *
وقوله: ﴿وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ﴾.
معناه: ورثوا الكتاب، ودرسوا ما فيه، فَنَبَذُوهُ، وعملوا بخلاف ما فيه.
وقال ابن زيد: علَّموه، فَعَلِمُوا ما فيه.
* * *
ثم قال: ﴿وَٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾.
أي: ما فيها من النعيم.
* * *
قوله: ﴿يَأْخُذُوهُ﴾، وقف.
وكذا: ﴿إِلاَّ ٱلْحَقَّ﴾.
وكذا: ﴿وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ﴾.
* * *
ثم قال: ﴿وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَابِ﴾.
أي: يعملون بما في التوراة، ﴿وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ﴾، [ي: أجر المُصلِحِ منهم].
{"ayahs_start":168,"ayahs":["وَقَطَّعۡنَـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ أُمَمࣰاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَ ٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَـٰهُم بِٱلۡحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّیِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ","فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفࣱ وَرِثُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ یَأۡخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَیَقُولُونَ سَیُغۡفَرُ لَنَا وَإِن یَأۡتِهِمۡ عَرَضࣱ مِّثۡلُهُۥ یَأۡخُذُوهُۚ أَلَمۡ یُؤۡخَذۡ عَلَیۡهِم مِّیثَـٰقُ ٱلۡكِتَـٰبِ أَن لَّا یَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ وَدَرَسُوا۟ مَا فِیهِۗ وَٱلدَّارُ ٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّلَّذِینَ یَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ","وَٱلَّذِینَ یُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِینَ"],"ayah":"وَقَطَّعۡنَـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ أُمَمࣰاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَ ٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَـٰهُم بِٱلۡحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّیِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق