قوله: ﴿ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ﴾ الآية.
معنى النظر هنا: هو نظر القلب "معناه: تَبيَّنْ فاعلم كيف كذبوا في الآخرة".
* * *
وقوله: ﴿كَذَبُواْ﴾ معناه: يكذبون، إلا أنه لما كان أمراً يقع بلا شك، أخبر عنه بمثل ما يخبر (عما) وقع.
* * *
ومعنى ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ أي: وفارقتهم الأنداد والأصنام، وتبرأوا منها. وقيل: (معناه) ذهب عنهم ما كانوا يختلقون.
قال ابن عباس: لما رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الإسلام، قالوا (تعالوا) فلنجحد ما كنا فيه، فقالوا: ﴿وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾، فختم الله على أفواههم، وتكلمت أيديهم وأرجلهم، فلا يكتمون الله حديثاً، فود الذين كفروا حين ذلك لو تسوى بهم الأرض، و ﴿لاَ يَكْتُمُونَ﴾ حديثاً.
وقال ابن جبير: لما أمر بإخراج من دخل النار من أهل التوحيد، قال من فيها من المشركين: تعالوا فلنقل "لا إله إلا الله" لعلنا نخرج من هؤلاء. فقالوا، فلم يُصَدّقوا، فحلفوا فقالوا: ﴿وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾.
وقال قطرب: إنهم لم يتعمدوا الكذب، ولكنهم قالوا ما قالوا وهم عند أنفسهم صادقون، لكنهم كاذبون عند الله، ولذلك قال: ﴿ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ﴾.
والذي يدل على خطأ قول قطرب قوله: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ﴾ [المجادلة: ١٨]. فلم (يحلفوا للنبي) قط إلا وهم يعلمون أنهم كاذبون، وقد أخبر الله أن (اليمينين متساويتان). وقوله: ﴿ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ﴾ يدل على أنهم تعمدوا الكذب.
{"ayah":"ٱنظُرۡ كَیۡفَ كَذَبُوا۟ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ"}