قال ﴿يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ﴾ أي: إن استطعتم] أن تجوزوا أقطار السماوات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا فإنكم لا تجوزون لذلك إلا بحجة من ربكم، يقال لهم ذلك يوم القيامة.
والمعنى سنقصد لكم يوم القيامة فيقال لكم إن قدرتم أن تجوزوا أقطار السماوات والأرض فتعجزوا ربكم فلا يصل إلى عذابكم فجوزوا فإنكم لا تقدرون على ذلك إلا بحجة من عند ربكم تنجيكم.
قال الضحاك إذا كان يوم القيامة أمر الله جل وعز السماء الدنيا [فتشققت] بأهلها ومن فيها من الملائكة فأحاطوا بالأرض ومن عليها، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة فصفوا صفاً دون صف ثم ينزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهل الأرض نادوا فلا يأتون قطراً من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه فذلك قوله عز وجل ﴿إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ﴾ [غافر: ٣٢] على قراءة من قرأ بالتشديد ﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ﴾ [غافر: ٣٣]، وذلك قوله تعالى: ﴿وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً * وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾ [الفجر: ٢٢-٢٣] وهو قوله ﴿يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ﴾.. الآية وذلك قوله ﴿وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ﴾ [الحاقة: ١٦-١٧].
وعن الضحاك أيضاً أن المعنى: أن استطعتم أن تهربوا من الموت فاهربوا فإنه مدرككم. وقال ابن عباس معناه: إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض فأعلموا ولن تعلموا إلا بسلطان، أي: ببينة من الله تعالى.
وعن ابن عباس أيضا أن معناه: لا تخرجون من سلطاني وقدرتي عليكم. والأقطار جمع قطر وهي الأطراف والنواحي، ويقال فيها الأقتار بالتاء يقال قطر الدار وقترها. قال مجاهد: إلا بسلطان: إلا بحجة. وقال قتادة: إلا بملك وليس لكم ملك. ثم قال ﴿فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قد تقدم تفسيره. ثم قال: ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ﴾ قال ابن عباس المعنى يرسل عليكم أيه الثقلان يوم القيامة لعب من نار ودخان. فالشوظ: اللهيب، والنحاس، الدخان، وقال مجاهد والضحاك وقتادة وابن زيد: وعن الضحاك الشواظ: الدخان. قال ابن عباس النحاس: الدخان، وعنه أنه قال النحاس: الصفر يعذبون به.
وقال مجاهد: يذاب الصفر من فوق رؤوسهم. وقال قتادة: النحاس: الصفر يعذبون به، وهو قول الحسن.
وقوله ﴿فَلاَ تَنتَصِرَانِ﴾ أي: لا ينصر بعضكم بعضا أيها الجن والأنس. وكسر الشين في شواظ لغة، ومن خفض "نحاس" فعلى معنى يرسل عليكما لهب يتشعب من نار ومن دخان، وهذا التقدير حسن.
{"ayahs_start":33,"ayahs":["یَـٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُوا۟ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُوا۟ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَـٰنࣲ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","یُرۡسَلُ عَلَیۡكُمَا شُوَاظࣱ مِّن نَّارࣲ وَنُحَاسࣱ فَلَا تَنتَصِرَانِ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"],"ayah":"یَـٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُوا۟ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُوا۟ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَـٰنࣲ"}