الباحث القرآني
قوله: ﴿وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ﴾ إلى قوله: ﴿وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ﴾ الآيات.
أي: وفي الأرض عبر وعظات لأهل اليقين بالله إذا ساروا فيها.
قال قتادة: في الأرض معتبر لمن اعتبر.
وقال ابن جبير: إذا ساروا في الأرض رأوا عبراً، وآيات عظاماً. ثم قال: ﴿وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ﴾.
قال ابن الزبير: معناه وفي سبيل الخلاء، يعني سبيل الغائط [والبول] من أنفسكم أفلا تبصرون، أي: في خلق ذلك وتدبيره وتيسيره عبرة لمن اعتبر.
وقيل في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: وفي الأرض وفي أنفسكم آيات للموقنين أفلا تبصرون.
وقيل: هو على الحذف لدلالة الأول عليه تقديره وفي الأرض آيات للموقنين، وفي أنفسكم آيات أفلا تبصرون.
وقال قتادة: معناه أن يتفكر الإنسان في نفسه فيعرف أنه إنما لينت مفاصله للعبادة.
وقال ابن زيد: معناه: وفي خلقكم من تراب وجعله لكم السمع والبصر والفؤاد وغير ذلك [عبرة] لمن أعتبر، وهو مثل قوله ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ﴾ [الروم: ٢٠].
وقيل: معناه: وتأكلون وتشربون في مدخل واحد ويخرج من موضعين.
* * *
ثم قال: ﴿وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ يعني: المطر الذي يخرج به النبات قاله الضحاك وسفيان ابن عيينة وغيرهما.
وقال الثوري: معناه ومن عند الله الذي في السماء رزقكم.
وقيل: معناه: وفي السماء تقدير رزقكم، أي: فيها مكتوب يرزق فلان كذا وفلان كذا.
وقال مجاهد: معنى: ﴿وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [يعني من خير وشر.
وقال الضحاك معناه: وما توعدون] من الجنة والنار في السماء هو.
وقال سفيان [بن عيينة]: ﴿وَمَا تُوعَدُونَ﴾: يعني الجنة.
* * *
ثم قال: ﴿فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ هذا قسم الله جل ذكره بنفسه، أن الذي أخبرهم به من أن رزقهم في السماء وفيها ما يوعدون حق، كما أنهم ينطقون حق.
قال الحسن: بلغني أن النبي ﷺ قال: "قاتل الله عز وجل أقواماً أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدقوه". ومن نصب "مثل" فهو عند سيبويه مبني لما أضيف إلى غير متمكن ونظيره ﴿وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ﴾ [هود: ٦٦] في قراءة من فتح.
وقال الكسائي: هو نصب على القطع، ونصبه الفراء على أنه نعت لمصدر محذوف تقديره إنه (لحق كمثل ذلك حقاً) مثل نطقكم، وأجاز أن يكون أنتصب على حذف الكاف، والتقدير عنده "أنه لحق كمثل ما أنكم"، فلما حذف الكاف نصب، وأجاز زيد مثلك بالنصب على تقدير حذف الكاف، ويلزمه على هذا أن يجيز "عبد الله الأسد" بالنصب على تقدير "كالأسد"، فينصبه إذا حُذف الكاف، وهذا لا يجيزه أحد.
وقد امتنع من إجازته الفراء وغيره، واعتذر في جوازه مع "مثل" أن الكاف تقوم مقام "مثل" فأما من رفعه، فإنه جعله نعتاً لحق.
* * *
ثم قال: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ﴾ هذه الآية تنبيه للنبي ﷺ أنه يحل بقومه إن تمادوا على غيهم ما أحل بقوم لوط، ومذكر قريشاً لما فعل بالأمم قبلهم، إذ كفروا وعصوا ليزدجروا ويتعظوا، وإنما قيل لهم "المكرمين" لأن إبراهيم وسارة خدماهم بأنفسهما على جلالة قدرهما.
وقال مجاهد: أكرمهم إبراهيم وأمر أهله لهم بالعجل.
وقيل إنما وصفوا [بذلك] لأن الله أكرمهم واختارهم إذ أرسلهم إلى إبراهيم وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل (صلوات الله عليهم).
* * *
ثم قال: ﴿إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ﴾ أي: حين دخلوا على إبراهيم: ﴿فَقَالُواْ سَلاَماً﴾ أي: سلَّموا سلاماً.
وقال المبرد: معناه سلمنا سلاماً، فهو مصدر عنده.
وأبو حاتم يرى أن "سلاماً" وقف كاف، قال سلاماً كاف أيضاً.
* * *
قوله: ﴿قَالَ سَلاَمٌ﴾ أي: قال لهم إبراهيم سلام عليكم. ومن قرأ سلام فمعناه قال لهم إبراهيم: أنتم سلام ﴿قَوْمٌ مُّنكَرُونَ﴾ أي: ننكركم ولا نعرفكم.
* * *
ثم قال: ﴿فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ﴾ أي: عدل إليهم، ورجع في خفية.
﴿فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ جاء أضيافه بعجل مشوي سمين، وكان عامة مال إبراهيم ﷺ البقر.
* * *
ثم قال: ﴿فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ﴾ في هذا الكلام حذف، والتقدير: فقربه إليهم فأمسكوا عن الأكل، فقال: ألا تأكلون؟
﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾ أي: أضمر في نفسه منهم خوفاً حين امتنعوا من الأكل.
﴿قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ﴾ أي: عليم إذا كبر.
قال مجاهد: هو إسماعيل، وقال غيره هو إسحاق.
ومذهب الطبري. وهو الصواب إن شاء الله أنها: سارة الحرة، وأم إسماعيل إنما كانت أمة اسمها هاجر.
ويدل على أنه إسحاق قوله في موضع آخر ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ﴾، فهذا نص ظاهر لا يحتاج إلى تأويل.
{"ayahs_start":20,"ayahs":["وَفِی ٱلۡأَرۡضِ ءَایَـٰتࣱ لِّلۡمُوقِنِینَ","وَفِیۤ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ","وَفِی ٱلسَّمَاۤءِ رِزۡقُكُمۡ وَمَا تُوعَدُونَ","فَوَرَبِّ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ لَحَقࣱّ مِّثۡلَ مَاۤ أَنَّكُمۡ تَنطِقُونَ","هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِیثُ ضَیۡفِ إِبۡرَ ٰهِیمَ ٱلۡمُكۡرَمِینَ","إِذۡ دَخَلُوا۟ عَلَیۡهِ فَقَالُوا۟ سَلَـٰمࣰاۖ قَالَ سَلَـٰمࣱ قَوۡمࣱ مُّنكَرُونَ","فَرَاغَ إِلَىٰۤ أَهۡلِهِۦ فَجَاۤءَ بِعِجۡلࣲ سَمِینࣲ","فَقَرَّبَهُۥۤ إِلَیۡهِمۡ قَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ","فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِیفَةࣰۖ قَالُوا۟ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَـٰمٍ عَلِیمࣲ"],"ayah":"هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِیثُ ضَیۡفِ إِبۡرَ ٰهِیمَ ٱلۡمُكۡرَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق