الباحث القرآني
قوله: ﴿وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ الآية.
هذه الآية من أدل دليل على صحة نبوة محمد ﷺ، إذ أخبرهم بمكنون سرهم وخفي اعتقادهم. ومعنى قولهم ﴿يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾: "خير الله مُمسَك" وعطاؤه محبوس عن الاتساع عليهم واليد - هنا - بمنزلة قوله تعالى في تأديب نبيه: ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ﴾ [الإسراء: ٢٩] أي: لا تقتر في النفقة حتى تضر بنفسك وبمن معك، ﴿(وَ) لاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ﴾ [الإسراء: ٢٩] أي: لا تسرف في الإنفاق والتبذير، فتبقى لا شيء لك. وإنما خصت اليد بأن جعلت في موضع الإمساك والإنفاق، لأن عطاء الناس وبذلهم مَعْروفهم، الغالب عليه باليد، فجرى استعمال الناس في وصف بعضهم بعضاً بالكرم أو بالبخل بأن أضافوه إلى اليد التي بها يكون العطاء والإمساك، فخوطبوا بما يتعارفونه في كلامهم، فحكى الله عن اليهود أنهم قالوا ﴿يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ أي: أنه يبخل علينا بالعطاء كالذي يده مغلولة عن العطاء، تعالى الله عما قال أعداء الله علواً كبيراً.
وقال بعض المفسرين (في) معنى الآية: نعمة الله مقبوضة عنا.
لأنهم كانوا إذا نزل بهم خير، قالوا: يد الله مبسوطة علينا، وإذا نزل بهم ضيق وجدْبٌ، قالوا: يد الله مقبوضة عنا، أي: نعمته وأفضاله.
وقد قيل: في قوله ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾: أنهما مطر السماء ونبات الأرض، لأن النعم (بهما ومنهما) تكون.
* * *
قوله: ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ﴾ أي: من الخير، ﴿وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ﴾ أي: أبعدوا من رحمة الله عز وجل لقولهم ذلك. وقيل: غلت في الآخرة، وهو دعاء عليهم.
ثم قال تعالى - راداً لما حكى من قولهم -: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ أي: بالبذل والإعطاء، ﴿يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ﴾ أي: يعطي: فيحرم هذا ويُقَتِّرُ عليه، ويُوسِّع على هذا.
قال عكرمة ومجاهد والضحاك: قولهم ﴿يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ معناه: أنه بخيل ليس بالجواد. وكذلك معنى قول ابن عباس وغيره.
* * *
قوله: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ قيل: معناه: نعمتاه الظاهرة والباطنة على خلقه مبسوطتان. وقيل: معناه: نعمتاه، يعني نعمته في الدنيا ونعمته في الآخرة. والعرب تقول: "لفلان عند فلان يد"، أي: نعمة. وقيل: عنى بذلك القوة، كقوله: ﴿أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ﴾ [ص: ٤٥] أي: أصحاب القوة والبصائر في الدين.
وقد قيل في معنى قولهم: ﴿يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ أي: عن عذابنا، [أي يده مقبوضة عن عذابنا، و] معنى ﴿مَبْسُوطَتَانِ﴾ أي: [مطلقتان].
واليد - عند أهل النظر والسنة في هذا الموضع وما كان مثله - صفة من صفات الله، ليست بجارحة، فعلينا أن نصفه بما وصف به نفسه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، فلا يحل لأحد أن يعتقد الجوارح لله، إذ ليس كمثله شيء، و (أن ما) وقع من ذكر هذا وشبهه، وذكر المجيء والإتيان، صفات لله، لا أنها فيها انتقال وحركة وجارحة، فسبحان من ليس كمثله شيء من جميع الأشياء، فلو أنك أثبت له حركة أو انتقالاً أو جارحة لكنت قد جعلته كبعض الأشياء الموجودة، وقد قال: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، فاحذر أن يتصور في عقلك أن البارئ جل ذكره يشبه شيئاً من الأشياء التي عقلت وفهمت، ومتى فعلت شيئاً من هذا فقد ألحدت، وأهل السنة يقولون: ان يديه غير نعمته.
* * *
وقوله: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً﴾ أي: ليزيدنهم ما أطلعناك عليه من خفي اعتقادهم، وسوء مذهبهم، ﴿طُغْيَاناً﴾ عن الإيمان بك، ﴿وَكُفْراً﴾ بما جئت به.
﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ﴾ أي: بين اليهود والنصارى. وهو مردود إلى قوله: ﴿لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ﴾ [المائدة: ٥١].
﴿كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ﴾ أي: كلما أجمعوا أمرهم على شيء شتته الله وأفسده عليهم. قال قتادة: (لن تلقى) يهودياً ببلد إلا وجدته (من) أذل أهل ذلك البلد، ولقد جاء الإسلام - حين (جاء - وهم) تحت أيدي المجوس أبغض خلق الله إليه.
وهو كلام تمثيل، وتحقيقه: كلما تجمعوا لتفريق المؤمنين وحربهم، شتتهم الله و [محقهم].
﴿وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً﴾ أي: يسعون في إبطال الإسلام، والكفر برسوله وآياته، ﴿وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ﴾ أي: "من كان عاملاً بمعاصيه".
{"ayah":"وَقَالَتِ ٱلۡیَهُودُ یَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ غُلَّتۡ أَیۡدِیهِمۡ وَلُعِنُوا۟ بِمَا قَالُوا۟ۘ بَلۡ یَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ یُنفِقُ كَیۡفَ یَشَاۤءُۚ وَلَیَزِیدَنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُم مَّاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡیَـٰنࣰا وَكُفۡرࣰاۚ وَأَلۡقَیۡنَا بَیۡنَهُمُ ٱلۡعَدَ ٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَاۤءَ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ كُلَّمَاۤ أَوۡقَدُوا۟ نَارࣰا لِّلۡحَرۡبِ أَطۡفَأَهَا ٱللَّهُۚ وَیَسۡعَوۡنَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَسَادࣰاۚ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق