الباحث القرآني
قوله تعالى ذكره: ﴿وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً﴾ - إلى آخر السورة.
أي: وحشر الذين كفروا بالله عز وجل إلى ناره يوم القيامة.
﴿زُمَراً﴾، أي جماعة جماعة. حتى إذا جاءوا جهنم فتحت أبوابها لهم ليدخلوها.
﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ﴾، أي خزنة جهنم.
﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ﴾، أي: بشر مثلكم.
﴿يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ﴾، أي: كتب الله سبحانه.
﴿وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا﴾، أي: مصيركم إلى هذا اليوم (وما تلقون فيه.
﴿قَالُواْ بَلَىٰ﴾، أي: بلى قد جاءتنا الرسل وأنذرتنا لقاءنا هذا اليوم).
﴿وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ﴾، أي: وحقت كلمة الله أن عذابه لاحق بمن كفر به. بكتبه ورسله.
* * *
ثم قال تعالى ﴿قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾، أي: قالت لهم الخزنة ادخلوا أبواب جهنم) السبعة على قدر منازلكم فيها ماكثين فيها لا تنقلون عنها إلى غيرها.
﴿فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ﴾، أي: فبيس مسكن المتكبرين على الله سبحانه جهنم يوم القيامة.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً﴾، أي: حشروا إلى دخول الجنة جماعة جماعة.
﴿حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا﴾، أي: جاؤا الجنة.
﴿وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾. قال الكوفيون: "فتحت" جواب "إذا" والواو زائدة.
وقال بعضهم: الجواب: قال لهم خزنتها، والواو في "وقال" زائدة.
وقال المبرد: الجواب محذوف، والتقدير: حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها سَعِدُوا.
وقال الزجاج: تقدير الجواب المحذوف: "طبتم فادخلوها خالدين، دخولها.
ودلت الواو في "وفتحت" أن الجنة كانت مفتحة لهم الأبواب منها قبل أن يجيؤها.
(ودل حذف الواو في قصة أهل النار من "فتحت" أنها مغلقة قبل أن يجيؤها) ففتحت عند مجيئهم.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ﴾، (أي: قال للذين اتقوا ربهم خزنة الجنة سلام عليكم)، أي: أمنة من الله لكم.
وقوله ﴿طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾، أي: طابت أعمالكم في الدنيا فطاب اليوم مثواكم.
وقال مجاهد: معناه: "كنتم طيبين (بطاعة) الله عز وجل". فادخلوا أبواب الجنة خالدين، أي: ماكثين أبداً لا انتقال لكم عنها.
ويروى أن حشر المتقين في الآخرة يكون على نجائب من نجائب الجنة.
وحشر الكفار يكون بالدفع والعنف. قاله ابن زيد وغيره.
وقرأ ابن زيد في الكفار: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ [الطور: ١٣]. وقرأ في المتقين ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً﴾ [مريم: ٨٥]. ويروى عن علي رضي الله عنه أنه قال في المتقين: يساقون إلى الجنة فيجدون عند بابها شجرة، في أصل ساقها عينان تجريان، فيعمدون إلى إحداهما فيغتسلون فيها، فتجري عليهم نضرة النعيم، فلن تشعث رؤوسهم بعدها أبداً، ولن تغير جلودهم بعدها أبداً كأنما دهنوا بالدهان. ويعمدون إلى الأخرى فيشربون منها فيذهب ما في بطونهم من قذى وأذى، ثم يأتون باب الجنة فيستفتحون فيفتح لهم فتتلقاهم خزنة الجنة فتقول: سلام عليكم، ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون.
قال: وتتلقاهم الولدان المخلدون يطوفون بهم كما يطوف ولدان أهل الدنيا بالحميم إذا جاء من الغيبة، يقولون: أبشر، أعد الله لك كذا وأعدلك كذا. فينطلق أحدهم إلى زوجته فيبشرها به، فيقول قدم فلان - باسمه الذي كان يسمى به في الدنيا - قال: فَيَسْتَحَفِهُّا الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها، فتقول: أنت رأيته، (أنت رأيته) قال: فيقول: نعم، فيجيء حتى يأتي منزله. قال: أصوله من جندل اللؤلؤ بين أصفر وأخضر وأحمر ... قال الله جل ذكره: ﴿وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾ [الغاشية: ١٤-١٦]. قال: ثم يدخل إلى زوجته من الحور العين، فلولا أن الله أعدّها له لا ليمتع بصره من نورها وحسنها. فاتكأ عبد الله ويقول: ﴿ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا﴾ [الأعراف: ٤٣]. فتناديهم الملائكة أن تلكم الجنة أورثتموها بعملكم.
وقال السدي: لهو أهدى إلى منزلة في الجنة منه إلى منزله في الدنيا. ثم قرأ السدي: ﴿وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ [محمد: ٦].
ثم قال تعالى ذكره: ﴿وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾، أي: له الحمد خالصاً إذ صدقنا ما كان وعدنا في الدنيا على طاعته. ﴿وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ﴾، أي: أرض الجنة.
وقيل: أورثوا الأرض التي لأهل النار لو كانوا مؤمنين.
* * *
وقوله: ﴿نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ﴾، أي: نسكن منها حيث نحب. فنعم أجر العملين، أي فنعم ثواب المطيعين العاملين له في الدنيا: الجنة في الآخرة.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ﴾، أي: وترى يا محمد يوم القيامة الملائكة محدقين من حول العرش.
والعرش: السرير. وواحد حافين: حاف، قاله الأخفش.
وقال الفراء: لا يفرد.
ودخلت "من" في قوله: ﴿مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ﴾ لأنه ظرف، والفعل يتعدى إلى الظرف بحرف وبغير حرف. ومثله قوله: ﴿وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ﴾ [الزمر: ٦٥، والشورى: ٣].
وقال بعض البصريين: دخلت "من" في الموضعين توكيداً.
* * *
ثم قال: ﴿يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾، أي: يصلون حول عرش ربهم شكراً لَهُ.
والعرب تدخل الباء مع التسبيح وتحذفها. تقول: سبح بحمد ربك وسبح حمد ربك. كما قال: ﴿سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ﴾ [الأعلى: ١] وقال: ﴿فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ﴾ [الواقعة: ٧٤ و ٩٦].
﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ﴾، أي: وقضى الله بين النبيئين والأمم والشهداء بالعدل.
﴿وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ﴾، أي: وختمت خاتمة القضاء بينهم بالشكر الذي ابتدأ خلقهم ووفقهم للعمل بطاعته.
قال قتادة: فتح أول الخلق بالحمد لله فقال: ﴿ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ﴾ [الأنعام: ١] وختم بالحمد فقال: ﴿وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ﴾.
{"ayahs_start":71,"ayahs":["وَسِیقَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَ ٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَاۤ أَلَمۡ یَأۡتِكُمۡ رُسُلࣱ مِّنكُمۡ یَتۡلُونَ عَلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتِ رَبِّكُمۡ وَیُنذِرُونَكُمۡ لِقَاۤءَ یَوۡمِكُمۡ هَـٰذَاۚ قَالُوا۟ بَلَىٰ وَلَـٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ","قِیلَ ٱدۡخُلُوۤا۟ أَبۡوَ ٰبَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۖ فَبِئۡسَ مَثۡوَى ٱلۡمُتَكَبِّرِینَ","وَسِیقَ ٱلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَ ٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَـٰلِدِینَ","وَقَالُوا۟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی صَدَقَنَا وَعۡدَهُۥ وَأَوۡرَثَنَا ٱلۡأَرۡضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلۡجَنَّةِ حَیۡثُ نَشَاۤءُۖ فَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَـٰمِلِینَ","وَتَرَى ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةَ حَاۤفِّینَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ یُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِیَ بَیۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِیلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"],"ayah":"وَسِیقَ ٱلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَ ٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَـٰلِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق