الباحث القرآني
قوله تعالى ذكره: ﴿لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ فِتْنَةً﴾. إلى قوله: ﴿يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾.
المعنى: فعل ذلك من نسخ ما ألقى الشيطان ليجعله فتنة للذين في قلوبهم مرض، أي: اختباراً للذين في قلوبهم نفاق ﴿وَٱلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ هم المشركون الذين قست قلوبهم عن الإيمان فلا تلين ولا ترعوي.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾.
أي: وإن مشركي قومك لفي خلاف لله، في أمر بعيد من الحق. والشقاق: أشد العداوة.
* * *
ثم قال: ﴿وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ﴾.
أي: نسخ ما ألقى الشيطان ليعلم الذين أوتوا العلم بالله أنه الحق من ربك. أي: أن الذي أنزله إليك هو الحق، لا ما نسخ مما ألقى الشيطان ﴿فَيُؤْمِنُواْ بِهِ﴾ أي: فيصدقوا به. ﴿فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ﴾ أي، تخضع للقرآن قلوبهم وتذعن بالتصديق به والإقرار بما فيه.
* * *
ثم قال: ﴿وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ﴾.
أي: لمرشد المؤمنين إلى الطريق القاصد والحق الواضح، فينسخ ما ألقى الشيطان في أمنية رسول الله ﷺ، فلا يضرهم كيد الشيطان شيئاً.
وقيل: المعنى: لهاديهم إلى طريق الجنة في الآخرة.
وقيل: المعنى: لهاديهم إلى الثبات على الإيمان في بقية أعمارهم.
وقال ابن جريج: ﴿أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ﴾ يعني: القرآن.
ويروى: أن قوماً من المهاجرين بأرض الحبشة بلغهم أن أهل مكة أسلموا حين تقربوا من النبي عليه السلام لما سمعوا منه ما ألقى الشيطان في تلاوته، فرجعوا إلى عشائرهم، وقالوا هم أحب إلينا، فوجدوا القوم قد ارتكسوا حين نسخ الله ما ألقى الشيطان.
وقوله: "لهاد" حذفت الياء في الوصل لسكونها وسكون اللام بعدها وحذفت من الخط، لأن الكاتب كتبها على لفظ الوصل، ولو كتبها على الوقف لكتبها بالياء كما كتب ﴿بِهَادِي ٱلْعُمْيِ﴾ [النمل: ٨١] في النمل بالياء على الوقف، وكتب "بهاد العمي" في الروم بغير ياء على الوصل، ولا يحسن الوقف عليه، لأنك إن وقفت بالياء خالفت الخط، وإن وقفت بغير ياء، حذفت لام الفعل لغير علة.
وقد قال يعقوب وسلام: الوقف "لهادي" بالياء على الأصل، والأحسن ألا تقف عليه لما ذكرت لك. ولأنه ليس بتمام ولا قطع، ولأنك تفرق بين المضاف والمضاف إليه، وكلاهما كالشيء الواحد.
وقد روى أبو محمد اليزيدي عن أبي عمرو في "لهاد الذين آمنوا" قال: الوصل بالياء، والوقف على الكتب. وروي ذلك عن اليزيدي أبو عبد الرحمان وأبو حمدون. ومعنى هذا أنه ينوي الياء في الوصل وإن كان لا يلفظ بها، فإذا وقف، وقف بغير ياء اتباعاً للخط فكأنه قال: الوصل بنية الياء. وهذا كلام مستقيم. وقد استجهل اليزيدي في هذه الرواية ومجازها ما ذكرنا.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ﴾.
أي: لا يزال الكفار في شك من القرآن.
وقيل: من النبي.
وقيل: من سجوده معهم في آخر النجم.
وقيل: "مما ألقى الشيطان في تلاوة النبي ﷺ من قوله: تلك الغرانيف العلى" قال هذا القول الأخير ابن جبير وابن زيد.
قال ابن زيد: لا يخرج ذلك من قلوبهم زادهم ضلالة. وكونها تعود على القرآن أبين، لقوله تعالى: ﴿وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ﴾ يعني: القرآن وهو أقرب إليه.
* * *
وقوله: ﴿حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً﴾.
أي: حتى تأتيهم ساعة حشر الناس لموقف الحساب "بغتة" أي: فجأة، وهو مصدر في موضع الحال.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾.
أي: عذاب يوم القيامة، ومعنى عقيم لا ليلة له شبهت الليلة باليوم، بمنزلة الولد للوالدة، هذا قول الضحاك وعكرمة.
وقيل: عنى به يوم بدر. وسمي عقيماً لأنهم لم ينظروا إلى الليل، قال ذلك: مجاهد وابن جبير وقتادة وأبي بن كعب. وهذا القول: حسن لأنه قد تقدم ذكر يوم القيامة في قوله: ﴿حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً﴾ فلا يكون يوم القيامة مرة أخرى، وإنما المعنى: لا يزالون في شك من القرآن حتى تقوم الساعة أو يقتلوا يوم بدر.
قال أبي بن كعب: "عذاب يوم عقيم"، يوم بدر، واللزام: القتال في يوم بدر، ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ﴾ [الدخان: ١٦] يوم بدر، ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ﴾ [السجدة: ٢١]، يوم بدر، فذلك أربع آيات نزلن في يوم بدر.
وقيل: إنما سمي يوم بدر عقيماً لأنه عقيم فيه الخير والفرج عن الكفار.
وقيل: هو يوم القيامة، عقم أن يكون بعده يوم مثله، أي: منع من ذلك.
{"ayahs_start":53,"ayahs":["لِّیَجۡعَلَ مَا یُلۡقِی ٱلشَّیۡطَـٰنُ فِتۡنَةࣰ لِّلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ وَٱلۡقَاسِیَةِ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَفِی شِقَاقِۭ بَعِیدࣲ","وَلِیَعۡلَمَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَیُؤۡمِنُوا۟ بِهِۦ فَتُخۡبِتَ لَهُۥ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ","وَلَا یَزَالُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فِی مِرۡیَةࣲ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِیَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ یَأۡتِیَهُمۡ عَذَابُ یَوۡمٍ عَقِیمٍ"],"ayah":"لِّیَجۡعَلَ مَا یُلۡقِی ٱلشَّیۡطَـٰنُ فِتۡنَةࣰ لِّلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ وَٱلۡقَاسِیَةِ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَفِی شِقَاقِۭ بَعِیدࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق