الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ﴾. إلى قوله: ﴿خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾.
أي: قال موسى وهارون: يا ربنا إننا نخاف فرعون إن نحن دعوناه إلى ما أمرتنا به أن يفرط علينا بالعقوبة. أي يعجل علينا ويقدم علينا. وأصله من التقدم. ومنه حديث النبي ﷺ "أنا فرطكم على الحوض
ثم قال تعالى: ﴿لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ﴾. أي: إنني أعينكما عليه وأبصركما. أسمع ما يجري بينكما وبينه، فألهمكما ما تجاوباه وأرى ما تفعلان ويفعل، فلا أخلي بينكما وبينه.
قال ابن جريج: "أسمع وأرى ما يحاوركما، فأوحي إليكما، فتجاوباه. ثم قال: ﴿فَأْتِيَاهُ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ﴾.
أي: أرسلنا ربك إليك، يأمرك أن ترسل معنا بني إسرائيل، ولا تعذبهم بما تكلفهم من الأعمال الصعبة.
* * *
﴿قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ﴾.
أي بمعجزة تدل على أنا أرسلنا إليك بذلك إن أنت لم تصدقنا فيما نقول أريناكها ﴿وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ﴾. أي: والسلامة لمن اتبع الهدى.
وليس السلام هنا تحية.
* * *
ثم قال: ﴿إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ﴾.
هذا متصل بما قبله. أي: فقولا لفرعون: إنا رسولا ربك، وقولا له: إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى. أي: إن عذاب الله الذي لا انقطاع له على من كذب برسله وكتبه، وتولى عن طاعته.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ﴾.
هذا كلام فيه حذف واختصار. والتقدير: فأتياه [فقالا] له ما أمرهما به ربهما. فقال لهما فرعون: ﴿فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ﴾ اكتفى بخطاب موسى من خطاب أخيه من آخر الكلام. وقد خاطبهما جميعاً قبل ذلك في قوله: "ربكما" وإنما جاز ذلك لأن الخطاب إنما يكون من واحد، فردّ الخطاب إلى واحد مثله. وقريب منه "نسيا حوتهما" ولم ينسه إلا فتى موسى وحده. دل على ذلك قوله: ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ﴾.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾. أي: قال موسى: ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه. أي: جعل لك ذكر نظير خلقه من الإناث. ثم هداهم لموضع الوطء الذي فيه النماء والزيادة من الخلق. فهدى كل حي كيف يأتي الوطء فيكون التقدير: أعطى كل شيء مثل خلقه. ثم حذف المضاف.
قال ابن عباس. معناه: خلق لكل شيء زوجه ثم هداه لمنكحه ومطعمه ومشربه ومسكنه ومولده. وكذلك قال السدي.
وقال الحسن: معناه: تمم لكل شيء خلقه، ثم هداه لما يصلحه.
القرون الماضية وكيف تبعث، فأجابه موسى بعلمها فقال: علمها عند ربي. ثم قال: ﴿فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى﴾ أي علمها في أم الكتاب و ﴿لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى﴾. نعتان لكتاب. أي: في كتاب غير ضال الله، أي: غير ذاهب عن الله وغير ناس الله له.
وقيل: إن الكلام قد تم عند قوله: "في كتاب" ثم ابتدأ فقال: "لا يضل ربي" أي: لا يهلك.
وقيل: معنى الآية: لا يضل عن ربي علم شيء، ولا ينسى شيئاً.
وقال ابن عباس: لا يخطئ ربي ولا ينسى شيئاً.
وقال ابن عباس وقتادة: لا يخطئ ربي ولا ينسى شيئاً.
وقال قتادة: قوله: ﴿فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ﴾ أي فما أعمار القرون الأولى. فوكلها موسى إلى الله فقال: ﴿عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي﴾.
وقرأ الحسن وقتادة وعيسى وعاصم الجحدري: ﴿لاَّ يَضِلُّ﴾ بضم الياء وكسر الضاد. أي: لا يضيعه. يقال: ضل فلان منزله يضله إذا أخطأه. وكذلك يقال في كل شيء ثابت، لا يبرح فيخطئه. فإذا ضاع ما يزول بنفسه مثل: دابة، وناقة، وفرس مما ينفلت فيذهب بنفسه، فإنه يقال: أضل فلان بعيره يضله.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً﴾.
أي: فراشاً يتمهدها الناس، ولم يجعلها خربة خشنة.
ومن قرأ "مهداً" فهو: مصدر وصفت الأرض به. أي: ذات مهد.
وقيل "مهداً" اسم وصفت الأرض به، لأن الناس يتمهدونها فهي لهم كالمهد الذي يعرف.
وقيل: هما لغتان، كاللبس واللباس، والريش والرياش.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً﴾ أي: طرقاً.
* * *
ثم قال: ﴿وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً﴾ أي: مطراً.
﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً﴾ خرج إلى الإخبار عن الله جلّ ذكره، لأن كلام موسى مع فرعون انتهى إلى قوله: "من السماء ماء". ثم أخبر الله تعالى عن نفسه بجميل صنعه لخلقه في معاشهم ومعاش أنعامهم فقال: "فأخرجنا به".
وقيل: كله من كلام موسى، أخبر موسى عن نفسه، ومن معه بالزراعة والمعالجة في الحرث. فالماء هو سبب خروج النبات وبه تم وكمل. والمعالجة في الحرث وغيره لبني آدم بعون الله لهم وأقداره إياهم على ذلك. فلذلك أخبر عن نفسه فقال: فأخرجنا به أزواجاً. وقد قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ﴾ [الواقعة: ٦٣] فأضاف الحرث إلى الخلق، وهو الزارع المنبث للحرث لا إله إلا هو. أي: أخرجنا بالمطر من الأرض أشباهاً وضروباً من نبات شتى. "وشتى": نعت للنبات أو للأزواج. ومعناه: مختلفة الأطعمة والرائحة والمنظر.
{"ayahs_start":45,"ayahs":["قَالَا رَبَّنَاۤ إِنَّنَا نَخَافُ أَن یَفۡرُطَ عَلَیۡنَاۤ أَوۡ أَن یَطۡغَىٰ","قَالَ لَا تَخَافَاۤۖ إِنَّنِی مَعَكُمَاۤ أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ","فَأۡتِیَاهُ فَقُولَاۤ إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ وَلَا تُعَذِّبۡهُمۡۖ قَدۡ جِئۡنَـٰكَ بِـَٔایَةࣲ مِّن رَّبِّكَۖ وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلۡهُدَىٰۤ","إِنَّا قَدۡ أُوحِیَ إِلَیۡنَاۤ أَنَّ ٱلۡعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ","قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا یَـٰمُوسَىٰ","قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِیۤ أَعۡطَىٰ كُلَّ شَیۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ","قَالَ فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ","قَالَ عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّی فِی كِتَـٰبࣲۖ لَّا یَضِلُّ رَبِّی وَلَا یَنسَى","ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدࣰا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِیهَا سُبُلࣰا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦۤ أَزۡوَ ٰجࣰا مِّن نَّبَاتࣲ شَتَّىٰ"],"ayah":"ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدࣰا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِیهَا سُبُلࣰا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦۤ أَزۡوَ ٰجࣰا مِّن نَّبَاتࣲ شَتَّىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق