الباحث القرآني
قوله: ﴿وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ الآية.
بيّن الله في الآية التي قبلها حال من لم يفرض لها، وحض على المتعة لها على قول من قال: هو ندب، وفرضها على قول من قال: هو فرض، ثم بين في هذه الآية حال المطلقة قبل الدخول التي قد فرض لها فرضاً أن تعطى نصف الطلاق الذي فرض لها.
وهذه الآية تبيين لصدر الآية التي قبلها لأن قوله: ﴿لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ هي المفروض لها.
* * *
وقوله: ﴿أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٦].
أي أو لم تفرضوا لهن فريضة، فهي غير المفروض لها، فكرر هذه الآية في التي قد فرض لها للبيان والتأكيد.
وقال قتادة: هذه الآية نسخت التي قبلها لأنه لم يفرض لها أولاً شيئاً، وجعل لها متعة، ثم فرض لها الآن نصف الصداق ولا متعة لها".
وهو قول الربيع وجماعة معه.
* * *
قوله: ﴿إِلاَّ أَن يَعْفُونَ﴾.
يريد إلا أن تعفو الثيب أو البكر التي زوجها غير أبيها التي لا ولي لها عن أخذ نصف الصداق.
قال ذلك ابن عباس، وهو قول الجماعة من التابعين والفقهاء.
* * *
قوله: ﴿أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ﴾.
قال ابن عباس: "هو ولي البكر إذ كانت لا يجوز أمرها في مالها فله أن يعفو عن النصف إن شاء، فإن أبت جاز فعل الولي".
وهو قول الحسن وعطاء وإبراهيم وعكرمة وطاوس وربيعة وزيد بن أسلم ومحمد بن كعب القرظي وشريح وأصحاب ابن مسعود والشعبي وقتادة والسدي وغيرهم.
وقال الزهري وغيره: "هو الأب في ابنته البكر، أو السيد في أمته لهما أن يعفوا، وإن أبت". وهو قول مالك.
قال مالك: "هو الأب في ابنته البكر، أو السيد في أمته".
وليس له أن يعفو ولم يقع طلاق، إنما العفو بعد طلاق، وكل ذلك في التي لم يدخل بها.
وقاله علي بن أبي طالب ومجاهد وسعيد بن جبير.
وروي أيضاً عن ابن عباس: "أن الذي بيده عقده النكاح هو الزوج المطلق".
ومعنى: ﴿أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ﴾: أي يعفو الزوج فيعطي الصداق كله.
والذي يرد هذا أن العفو إنما هو ترك ما يجب للعافي. هذا أصله في اللغة. وليس هو موضوعاً على إعطاء الرجل ما لا يلزمه فإضافته إلى الولي أولى به وأبين في الخطاب، لأنه ندب إلى أن يترك ما وجب لوليته.
ومن كلام العرب: "عفا ولي المقتول عن القاتل"، أي ترك له حقه من الدية. وليس يقال: "عفا القاتل"، إذا أعطى أكثر من الدية التي تلزمه ولو كان العافي الزوج يعطي الصداق كله، لكانت الترجمة عن هذا بالهبة أولى منه بالعفو لأنه إذا أعطى الصداق كله فهو واهب، وليس بعافٍ إنما العافي من يترك حقه، ليس هو من يهب ماله.
وأيضاً فإنه قال: ﴿فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ يخاطب الأزواج، ثم قال: ﴿إِلاَّ أَن يَعْفُونَ﴾ يريد الزوجات المالكات لأنفسهن، ثُمَّ قال: ﴿أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ﴾، فهذا ثالث غير الأول والثاني ولا ثالث إلا الولي.
وأيضاً فإن الله إنما ذكر العفو بعد وقوع الطلاق، فكيف يقال لمن طلق ولا شيء في يديه أنه هو الذي بيده عقدة النكاح، وهو الآن [لا] عقدة في يديه إذ قد طلق.
وقيل: إنما هو مخاطبة للأزواج الذين دفعوا الصداق كله، ثم طلقوا قبل الدخول فندبوا [إلى أن يعفوا] عن نصف الصداق ولا يرجعون به على الزوجات.
وهذا القول يدل على أن الآية خاصة في بعض الأزواج، وليست الآية كذلك، إنما هي عامة اللفظ.
ويدل أيضاً على أن المراد به غير الأزواج قوله: ﴿بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ﴾، والمطلق لا عقدة بيده من إثبات نكاح التي طلق قبل الدخول إنما عقدة نكاحها بيد الولي، فهو المراد. وكذلك غير المطلق لا عقدة بيده، إنما عقدة النكاح للولي، وإنما بيد الزوج عقدة نكاح نفسه، وبيد الولي عقدة نكاح المرأة. وأيضاً، فإن معنى: ﴿عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ﴾ أي نكاحها.
والألف واللام عوض من الهاء كما قال: ﴿فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ﴾ [النازعات: ٤١]. أي: مأواه، فكان رد الضمير المحذوف إليهن، لأنهن أقرب ذكر في قوله: ﴿إِلاَّ أَن يَعْفُونَ﴾ أولى به.
* * *
قوله: ﴿وَأَن تَعْفُوۤاْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾.
هذا مخاطبة للأولياء والمطلقات المالكات أمرهن.
وقيل: خوطب بذلك أزواج المطلقات في أن يتركوا الصداق كله إن كان قد ساقوه قبل الطلاق إلى الزوجة.
* * *
قوله: ﴿وَلاَ تَنسَوُاْ ٱلْفَضْلَ﴾.
أي لا تتركوا فعل الخير فيما بينكم؛ يتفضل الزوج على المرأة بإعطاء الصداق كله فإن لم يفعل فتتفضل برد نصف الصداق الذي وصل إليها، أو تترك الكل فذلك فضلها.
قال مجاهد: "هو إتمام الزوج الصداق كله، أو ترك المرأة النصف الذي لها واجب".
وقال السدي وعكرمة وسفيان وابن زيد مثله.
{"ayah":"وَإِن طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدۡ فَرَضۡتُمۡ لَهُنَّ فَرِیضَةࣰ فَنِصۡفُ مَا فَرَضۡتُمۡ إِلَّاۤ أَن یَعۡفُونَ أَوۡ یَعۡفُوَا۟ ٱلَّذِی بِیَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ وَأَن تَعۡفُوۤا۟ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۚ وَلَا تَنسَوُا۟ ٱلۡفَضۡلَ بَیۡنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق