قوله: ﴿ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ﴾.
قال ابن مسعود: "ومعنى ﴿حَقَّ تِلاَوَتِهِ﴾، أي: يحل حلاله ويحرم حرامه، ويضعه على مواضعه. فمن قرأ منه شيئاً كان له بكل حرف عشر حسنات".
وعني بذلك من آمن بالنبي [عليه السلام]، فيكون "يتلون" الخبر. وإن شئت "أولئك" الخبر، و "يتلون" حال.
وقيل: عني بذلك من آمن بالنبي [عليه السلام] من بني إسرائيل والنصارى، فيكون "يتلون" الخبر، وهو اختيار الطبري. فيكون مردوداً على ما قبله من ذكرهم ولم يجر لأصحاب محمد ﷺ ذكر فيرد إليهم، ولآلهم ذكر بعدها، فتجعل الآية مبتدأة فيهم، ولا جاء أثر بأن ذلك فيهم. فردها إلى ما قبلها أولى وهو ذكر بني إسرائيل والنصارى.
وأجاز ابن كيسان أن يكون: ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ﴾ خبراً عن "الذين" على أن يكون "الذين" يراد بهم المرسلون والأنبياء صلوات الله عليهم. وأجاز أن يراد "بالذين" العاملون بالكتاب خاصة منهم؛ فيكون "يتلون" الخبر أيضاً. ويجوز وجوه أخرى أيضاً.
وروي أنها مخصصة نزلت في أربعين رجلاً من أهل نجران بعضهم، ومن الحبشة بعضهم، ومن الروم منهم ثمانية؛ وهم الملاحون أصحاب السفينة الذين أقبلوا إلى النبي ﷺ مع جعفر بن أبي طالب أثنى الله تعالى عليهم إذ آمنوا بكتابهم وبالنبي ﷺ، فأثنى الله عز وجل عليهم في غير موضع من كتابه، فيكون "يتلون" خبراً عنهم.. وإن جعلته عاماً كان "يتلون" حالاً لا غير، لأنك إن جعلته خبراً أوجبت أن كل منْ أوتي الكتاب من النصارى ومن بني إسرائيل يتلونه حق تلاوته، وليسوا كذلك.
* * *
قوله: ﴿أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾.
أي: بمحمد ﷺ لأنهم إذا تلوا التوراة حق تلاوتها وجدوه مكتوباً فيها. فهم يؤمنون بمحمد ﷺ ضرورة إذا أنصفوا في التلاوة.
* * *
ومعنى ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ﴾ أي: يتبعونه حق اتباعه. كذلك رواه مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي ﷺ قاله. أي: يتبعون ما فيه حق اتباعه. وقيل: معناه: يقرأونه حق قراءته.
وقد قيل: إن الهاء في "به" عائدة على الكتاب كالهاء في "يتلونه" والهاء في "ومن يكفر به".
قال ابن زيد: "تعود على محمد ﷺ". وقيل تعود على الكتاب.
{"ayah":"ٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ یَتۡلُونَهُۥ حَقَّ تِلَاوَتِهِۦۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُؤۡمِنُونَ بِهِۦۗ وَمَن یَكۡفُرۡ بِهِۦ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡخَـٰسِرُونَ"}