الباحث القرآني
قوله ﴿قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي﴾ إلى آخر السورة.
والمعنى، قل يا محمد لهؤلاء الكافرين بك، السائلين عن المسائل، لو كان ماء البحر مداداً للقلم الذي يكتب به كلمات ربي لنفد ماء البحر قبل أن تنفد كلمات ربي.
* * *
ثم قال: ﴿وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً﴾.
أي: لو مددنا البحر بمثل ما فيه من الماء، ما فرغت كلمات ربي، والمدد الزيادة والمعونة، يقول جئتك مدداً لكم، أي زيادة ومنه قيل لما يكتب به مِداد: لأنه يمد الكاتب شيئاً بعد شيء. والمداد جمع واحدته مدادة. ويجوز أن يكون المداد مصدر مد.
وقرأ ابن عباس ﴿وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً﴾ على معنى ولو زدنا مثل ما فيه من المدد الذي يكتب به مداداً.
* * *
ثم قال: ﴿قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ﴾.
أي: قل لهؤلاء المشركين، إنما أنا إنسان مثلكم من بني آدم، لا علم لي إلا ما علمني الله، يوحي إلي إنما معبودكم معبود واحد لا ثاني له.
* * *
قوله: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ﴾.
أي: يخاف لقاء ربه يوم القيامة ويخاف عقابه ﴿فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً﴾ فليخلص العبادة لله ويعمل بطاعته، قال: ابن جبير: ﴿يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ﴾ أي لقاء ثواب ربه.
فعلى قول ابن جبير يرجو بمعنى ينظر ويطمع ويوقن وعلى القول الأول يرجو بمعنى يخاف كقوله: ﴿مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً﴾ [نوح: ١٣] أي لا تخافون لله عظمة كقوله ﴿قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا﴾ [يونس: ١٥] أي لا يخافون. ويحتمل أن يكون ﴿لاَ يَرْجُونَ﴾ لا ينتظرون ولا يوقنون بلقائنا. وقد فسر أكثر الناس ترجو بمعنى تطمع.
وقال: مقاتل في قوله: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ﴾ أي يخشى لقاء ربه، ويخشى بمعنى يخاف، وقال: الفراء وغيره من الكوفيين لا يكون الرجاء بمعنى الخوف إلاّ مع الجحد. كقولك ما رجوت ولم أرج ولا أرجو.
وقال: ابن المبارك: ﴿يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ﴾ هو النظر إلى الله جل ذكره. فالرجاء في هذا بمعنى الطمع، وذكر الزجاج وغيره الرجاء بمعنى الخوف، فلا جحد معه.
وأصل الرجاء وبابه أن يأتي بمعنى الطمع الذي يقرب من اليقين، يقع بمعنى الخوف على ما ذكرنا من الاختلاف والمعنيان متداخلان لأن من أيقن وطمع بلقاء ربه وثوابه خاف عقابه. ولا يخاف عقاب ربه إلا من طمع وأيقن بلقاء ثواب ربه. وكل واحد من المعنيين مرتبط بالآخر على ما ترى.
* * *
ثم قال: ﴿وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً﴾.
أي: لا يعبد معه غيره . وقيل: لا يراني بعمله الذي يعمله لله أحداً. وسأل رجل عبادة بن الصامت رحمه الله وقال: أرأيت رجلاً يصلي يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد؟ ويتصدق ويبتغي وجه الله، ويحب أن يحمد؟ ويحج ويبتغي وجه الله، ويحب أن يحمد؟ فقال: عبادة: ليس له شيء. إن الله عز وجل يقول أنا خير شريك. فمن كان له معي شريك فهو له كله لا حاجة لي فيه.
وروى طاوس أن رجلا أتى النبي ﷺ فقال: يا نبي الله إني أحب الجهاد في سبيل الله وأحب أن يرى موطني ويرى مكاني. فأنزل الله عز وجل: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ﴾ الآية، وقال: سفيان رضي الله عنه: الشرك هنا الرياء.
وقال: معاوية بن أبي سفيان على المنبر وقد قرأ هذه الآية: إنها آخر آية نزلت من القرآن، يعني والله أعلم بمكة لأن السورة مكية.
وقال: الحسن رحمه الله: نزلت هذه الآية في المؤمنين، والشرك الرياء.
وقال: ابن عباس: هي في المشركين. أي لا يعبد مع الله احداً.
والرياء إنما يكون في التطوع فأما في الفرائض فقد استوى الناس فيها فليس فيها رياء. وقال: بكر القاضي: سمعت سهل بن عبد الله الزاهد يقول: الرياء في أهل القدر، لأنهم يعتقدون أن أعمالهم من أنفسهم واستطاعتهم. فأما أهل السنة فيعتقدون في أعمال البر كلها أنها من فضل الله عليهم ولولا ذلك ما قدروا عليها. فليس يكون الرياء فيهم إلا خاطراً لا يبطل بما يعتقدوه. فلا رياء يصح عليهم إن شاء الله. وصلى الله على محمد نبيه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته وسلم تسليماً.
{"ayahs_start":109,"ayahs":["قُل لَّوۡ كَانَ ٱلۡبَحۡرُ مِدَادࣰا لِّكَلِمَـٰتِ رَبِّی لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ قَبۡلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَـٰتُ رَبِّی وَلَوۡ جِئۡنَا بِمِثۡلِهِۦ مَدَدࣰا","قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُوحَىٰۤ إِلَیَّ أَنَّمَاۤ إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱۖ فَمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ لِقَاۤءَ رَبِّهِۦ فَلۡیَعۡمَلۡ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا وَلَا یُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦۤ أَحَدَۢا"],"ayah":"قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُوحَىٰۤ إِلَیَّ أَنَّمَاۤ إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱۖ فَمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ لِقَاۤءَ رَبِّهِۦ فَلۡیَعۡمَلۡ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا وَلَا یُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦۤ أَحَدَۢا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق