الباحث القرآني
قوله: ﴿رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿قَوْلاً مَّيْسُوراً﴾.
معناه: ربكم يعلم ما تعتقدون من إبرار والديكم وتعظيمكم إياهم، أو ضد ذلك من العقوق لهم، فيجازيكم على ما تعتقدون في أمرهم.
[ومعنى ﴿إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ﴾ أي: إن أصلحتم نياتكم وأطعتم الله في والديكم في القيام بهم والمعرفة بعقوقهم بعد صبوة كانت معكم في أمرهم]، أو زلة زللتم، في [ترككم] إبرارهم، ﴿فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ﴾ أي: للثوابين بعد الهفوة "غفوراً" أي: ساتراً لذنوبهم إذا تابوا منها.
قال ابن جبير في قوله: ﴿رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ﴾:
هي المبادرة: تكون من الرجل إلى أبويه لا يريد بذلك إلا الخير.
وقال ابن عباس: "للأوابين" المسبحين. وقيل: هم المحسنون المطيعون. روي ذلك عن ابن عباس أيضاً.
وقال قتادة: هم المطيعون، أهل الصلاة. وقال ابن المنكدر: هم المصلّون بين المغرب والعشاء. وقال عون العقيلي [هم] الذين يصلّون صلاة الضحى. وقال مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب: هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب. وقال ابن جبير: هم الراجعون إلى الخير. وقال مجاهد: هم الذين يذكرون ذنوبهم في الخلاء فيتوبون منها.
وأصل آب إلى كذا، رجع إليه فكأنهم الراجعون من معصية الله [عز وجل] إلى طاعته. ومن آب الرجل من سفره، أي: رجع. وأوّاب فعّال من أب. والأوبة الرجعة منه.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ﴾.
هذا خطاب للنبي ﷺ والمراد به أمته. قال الحسن أمر الله [عز وجل] في هذه الآية بصلة الرحم، ونذب إلى أن تعطي القرابة من المال من غير الزكاة، ولهم في الزكاة حق وغير ذلك. وقال ابن عباس: هو أن تصل قرابتك والمساكين وتحسن إلى ابن السبيل. وقيل: عني بذي القربى هنا قرابة رسول الله ﷺ.
وروي ذلك عن الحسن بن علي، أن يعطوا من غير الزكاة.
والمسكين هنا هو الدليل من الفقر. وابن السبيل المسافر المنقطع به يضاف ويحسن إليه. وقيل: حق ابن السبيل ضيافته ثلاثة أيام. وهذا ندب غير فرض.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً﴾.
أي: لا تمحق ما أعطاك الله [عز وجل] من مال في معصيته، وأصل التبذير التفريق في السرف. قال ابن مسعود: التبذير: الإسراف في الإنفاق في غير حق. وهو قول ابن عباس وقتادة.
وقال ابن زيد: هو النفقة في المعاصي. وهذا قول حسن.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ﴾.
[أي: المفرقين أموالهم في معاصي الله تعالى وفي غير الحق كانوا أولياء للشياطين].
* * *
﴿وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً﴾.
أي: لنعمة ربه [عز وجل] جاحداً لا يشكره عليها، إذ يترك طاعته ويتبع معصيته فكذلك إخوانه من بني آدم.
وكل من تابع أمر قوم وسنتهم فالعرب تسميه أخاً. فلذلك قال: ﴿كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ﴾.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا﴾.
أي: إن أعرضتم بوجوهكم عن هؤلاء الذين أمرتم أن تعطوهم حقوقهم من أجل عدمكم، تبتغون انتظار رزق من عند الله فلا تؤيسوهم ولكن قولوا لهم قولاً ميسوراً، أي: عدوهم وعداً جميلاً. بأن تقولوا لهم: سيرزق الله فنعطيكم... وشبه ذلك من القول اللين. كما قال تعالى ذكره: ﴿وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ﴾ [الضحى: ١٠] هذا معنى قول النخعي وابن عباس وغيرهما.
وقال ابن زيد: معنى الآية: إن خشيتم منهم أن ينفقوا ما أعطيتموهم في معاصي الله [عز وجل] ورأيتم أن منعهم خير، فقولوا لهم: قولاً ميسوراً، أي: قولاً جميلاً: رزقك الله، ووفّقك الله ونحوه.
وكان النبي عليه السلام إذا سئل وليس عنده شيء أمسك انتظار رزق الله [عز وجل] أن يأتي كأنه يكره الرد. فلما نزلت ﴿فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً﴾ كان إذا سئل ولم يكن عنده ما يعطي يقول يرزقنا الله وإياكم من فضله.
وقال جماعة من المفسرين: [نزلت] هذه الآية في خباب، وبلال وعامر بن فهيرة، وغيرهم من فقراء المسلمين كانوا يسألون النبي ﷺ فيعرض عنهم ويسكت. إذ لا يجد ما يعطيهم، فأمر أن يحسن لهم في القول، إلى أن يرزقه الله ما يعطيهم، وهو قوله: ﴿ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا﴾، أي: انتظار الرزق من ربك تتوقعه ﴿فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً﴾ أي: عدهم وعداً حسناً.
{"ayahs_start":25,"ayahs":["رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا فِی نُفُوسِكُمۡۚ إِن تَكُونُوا۟ صَـٰلِحِینَ فَإِنَّهُۥ كَانَ لِلۡأَوَّ ٰبِینَ غَفُورࣰا","وَءَاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِینَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِیلِ وَلَا تُبَذِّرۡ تَبۡذِیرًا","إِنَّ ٱلۡمُبَذِّرِینَ كَانُوۤا۟ إِخۡوَ ٰنَ ٱلشَّیَـٰطِینِۖ وَكَانَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ لِرَبِّهِۦ كَفُورࣰا","وَإِمَّا تُعۡرِضَنَّ عَنۡهُمُ ٱبۡتِغَاۤءَ رَحۡمَةࣲ مِّن رَّبِّكَ تَرۡجُوهَا فَقُل لَّهُمۡ قَوۡلࣰا مَّیۡسُورࣰا"],"ayah":"إِنَّ ٱلۡمُبَذِّرِینَ كَانُوۤا۟ إِخۡوَ ٰنَ ٱلشَّیَـٰطِینِۖ وَكَانَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ لِرَبِّهِۦ كَفُورࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق