الباحث القرآني
قوله: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ﴾ إلى قوله ﴿وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً﴾.
هذه الآية فيها تهدد ووعيد لمشركي قريش أن يحل بهم من الهلاك مثل ما حل بالأمم الماضية بعد نوح من الأهلاك بذنوبهم.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً﴾.
أي: حسبك يا محمد بعلم ربك وإحصائه لذنوب عباده.
والقرن عشرون ومائة سنة. وقيل مائة سنة. وقيل: أربعون سنة.
ودخلت الباء في "كفى بربك" و "كفى بالله" لأن في الكلام معنى المدح. فالباء تدل عليه. كما يقول: أكرم به رجلاً. وناهيك به صاحباً.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ﴾.
أي: من كان يعمل للدنيا وإياها يطلب ولا يوقن بمعاد ولا يرجو ثواباً ولا يخاف عقاباً ﴿عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ﴾ من توسيع أو تقتير لمن نريد.
وقرئت "ما شاء" بالياء، على معنى: ما يشاء الله، أو على معنى: ما يشاء المعجل له ثم يقطره إلى جهنم يصلاها مدموماً مدحوراً.
وقال أبو إسحاق الفزاري: معناه: ما نشاء لمن نريد هلاكه. وقال ابن عباس: "مذموماً": ملوماً.
[ثم قال تعالى] ﴿وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾.
أي: ومن أراد ثواب الآخرة وعمل لها عملها الذي هو طاعة الله "وهو مؤمن" أي: مصدق بثواب الله [سبحانه] وعقابه [عز وجل] ﴿فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً﴾ وشكر الله [عز وجل] إياهم على سعيهم، حسن جزائه [تعالى] لهم على أعمالهم وتجاوزه عن سيئاتهم.
* * *
ثم قال: ﴿كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ﴾.
"كلا" منصوب بنمد و "هؤلاء" بدل من كل. والمعنى: أن الله [عز وجل] يرزق كلا: الذين يريدون العاجلة، والذين يريدون الآخرة من عطائه إلى بلوغ أجل الفريقين. ثم تفترق بهما الأحوال بعد الممات. وتفترق بهم الورود يوم القيامة. فمن أراد العاجلة فإلى جهنم يرد ومن [أراد] الآخرة فإلى الجنة يرد.
* * *
ثم قال: ﴿وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً﴾.
أي: ممنوعاً عمن بسطه الله [عز وجل] عليه، قال قتادة: محظوراً منقوصاً. وقال في معنى الآية: إن الله [عز وجل] قسم الدنيا بين البر والفاجر: والآخرة خصوصاً عند ربك للمتقين.
ومثل هذه الآية في معناها على قول قتادة: ﴿قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: ٣٢] أي: يشترك في الدنيا في الطيبات البر والفاجر. و [الآخرة خصوصاً عند ربك للمتقين، أي]: تخص الآخرة للمؤمنين.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ﴾.
والمعنى: انظر يا محمد كيف هدينا أحد الفريقين إلى السبيل الأرشد، ووفقناه إلى الحق. وخذلنا الفريق الآخر فأضللناه عن الحق، ﴿وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً﴾ إذ ينصرف فريق إلى النعيم المقيم، وفريق إلى عذاب جهنم لا يفتر عنهم أبداً.
وقيل: ﴿وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ﴾ في أهل الجنة يتفاوتون في المنازل فيها، منهم من يعلو على بعض في النعيم والدرجات على قدر منازلهم وأعمالهم. قال النبي ﷺ "بين أعلى أهل الجنة وأسفلهم درجة كالنجم يرى في مشارق الأرض ومغاربها"قال الضحاك: من كان من أهل الجنة عالياً رأى فضله على من هو أسفل منه ومن كان دونه لم ير أن أحداً فوقه أفضل منه.
{"ayahs_start":17,"ayahs":["وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِنۢ بَعۡدِ نُوحࣲۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِیرَۢا بَصِیرࣰا","مَّن كَانَ یُرِیدُ ٱلۡعَاجِلَةَ عَجَّلۡنَا لَهُۥ فِیهَا مَا نَشَاۤءُ لِمَن نُّرِیدُ ثُمَّ جَعَلۡنَا لَهُۥ جَهَنَّمَ یَصۡلَىٰهَا مَذۡمُومࣰا مَّدۡحُورࣰا","وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡـَٔاخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡیَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ كَانَ سَعۡیُهُم مَّشۡكُورࣰا","كُلࣰّا نُّمِدُّ هَـٰۤؤُلَاۤءِ وَهَـٰۤؤُلَاۤءِ مِنۡ عَطَاۤءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَاۤءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا","ٱنظُرۡ كَیۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲۚ وَلَلۡـَٔاخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَـٰتࣲ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِیلࣰا"],"ayah":"ٱنظُرۡ كَیۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲۚ وَلَلۡـَٔاخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَـٰتࣲ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق