الباحث القرآني
(p-٣٢٠١)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ٧٢ ] ﴿وعَدَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها ومَساكِنَ طَيِّبَةً في جَنّاتِ عَدْنٍ ورِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أكْبَرُ ذَلِكَ هو الفَوْزُ العَظِيمُ﴾ .
﴿وعَدَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ أيْ: مِن تَحْتِ شَجَرِها ومَسْكَنِها أنْهارُ الخَمْرِ والماءِ والعَسَلِ واللَّبَنِ ﴿خالِدِينَ فِيها ومَساكِنَ طَيِّبَةً﴾ أيْ: مَنازِلَ حَسَنَةً تَسْتَطِيبُها النُّفُوسُ أوْ يَطِيبُ فِيها العَيْشُ، ﴿فِي جَنّاتِ عَدْنٍ﴾ أيْ: إقامَةٌ وثَباتٌ ويُقالُ: ﴿عَدْنٍ﴾ عَلَمٌ لِمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ في الجَنَّةِ، لِآثارٍ فِيهِ، ولَمّا كانَ ﴿ومَساكِنَ﴾ مَعْطُوفًا عَلى: (جَنّاتٍ)، قِيلَ: إنَّ المُتَعاطِفَيْنِ إمّا أنْ يَتَغايَرا بِالذّاتِ، فَيَكُونُوا وُعِدُوا بِشَيْئَيْنِ، وهُما الجَنّاتُ بِمَعْنى البَساتِينِ ومَساكِنَ في الجَنَّةِ، فَلِكُلِّ أحَدٍ جَنَّةٌ ومَسْكَنٌ، أوِ الجَنّاتُ المَقْصُودُ بِها غَيْرُ عَدْنٍ، وهي لِعامَّةِ المُؤْمِنِينَ، وعَدْنٌ لِلنَّبِيِّينَ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، والشُّهَداءِ والصِّدِّيقِينَ، وإمّا أنْ يَتَّحِدا ذاتًا ويَتَغايَرا صِفَةً، فَيُنْزِلُ التَّغايُرُ الثّانِي مَنزِلَةَ الأوَّلِ، ويُعْطَفُ عَلَيْهِ، فَكُلٌّ مِنهُما عامٌّ، ولَكِنَّ الأوَّلَ بِاعْتِبارِ اشْتِمالِها عَلى الأنْهارِ والبَساتِينِ، والثّانِي بِاعْتِبارِ الدُّورِ والمَنازِلِ.
قالَ القاضِي: فَكَأنَّهُ وصَفَ المَوْعُودَ أوَّلًا بِأنَّهُ مِن جِنْسِ ما هو أبْهى الأماكِنِ الَّتِي يَعْرِفُونَها لِتَمِيلَ إلَيْهِ طِباعُهم، أوَّلَ ما يَقْرَعُ أسْماعَهم، ثُمَّ وصَفَهُ بِأنَّهُ مَحْفُوفٌ بِطِيبِ العَيْشِ، مُعَرًّى مِن شَوائِبِ الكُدُوراتِ الَّتِي لا تَخْلُو عَنْ شَيْءٍ مِنها أماكِنُ الدُّنْيا، وفِيها ما تَشْتَهِي الأنْفُسُ، وتَلَذُّ الأعْيُنُ.
ثُمَّ وصَفَهُ بِأنَّهُ دارُ إقامَةٍ وثَباتٍ في جِوارِ العِلِّيِّينَ، لا يَعْتَرِيهِمْ فِيها فَناءٌ ولا تَغَيُّرٌ، ثُمَّ وعَدَهم بِما هو أكْبَرُ مِن ذَلِكَ فَقالَ: ﴿ورِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أكْبَرُ﴾ إذْ عَلَيْهِ يَدُورُ فَوْزُ كُلِّ خَيْرٍ وسَعادَةٍ، وبِهِ يُناطُ نَيْلُ كُلِّ شَرَفٍ وسِيادَةٍ، لَعَلَّ عَدَمَ نَظْمِهِ في (p-٣٢٠٢)سِلْكِ الوَعْدِ مَعَ عِزَّتِهِ في نَفْسِهِ لِأنَّهُ مُتَحَقِّقٌ في ضِمْنِ كُلِّ مَوْعُودٍ، ولِأنَّهُ مُسْتَمِرٌّ في الدّارَيْنِ. أفادَهُ أبُو السُّعُودِ.
وإيثارُ رِضْوانِ اللَّهِ عَلى ما ذُكِرَ إشارَةٌ إلى إفادَةِ أنَّ قَدْرًا يَسِيرًا مِنهُ خَيْرٌ مِن ذَلِكَ.
وقَدْ رَوى الإمامُ مالِكٌ والشَّيْخانِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يَقُولُ لِأهْلِ الجَنَّةِ: «يا أهْلَ الجَنَّةِ ! فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنا وسَعْدَيْكَ والخَيْرُ في يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ: وما لَنا لا نَرْضى يا رَبِّ؛ وقَدْ أعْطَيْتَنا ما لَمْ تُعْطِ أحَدًا مِن خَلْقِكَ ؟ فَيَقُولُ: ألا أُعْطِيكم أفْضَلَ مِن ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُونَ: يا رَبِّ، وأيُّ شَيْءٍ أفْضَلُ مِن ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكم رِضْوانِي، فَلا أسْخَطُ عَلَيْكم بَعْدَهُ أبَدًا»» .
ورَوى المَحامِلِيُّ والبَزّارُ عَنْ جابِرٍ، رَفَعَهُ: «إذا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: «هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا فَأزِيدُكم ؟ قالُوا: يا رَبَّنا ! ما هو خَيْرٌ مِمّا أعْطَيْتَنا ؟ قالَ: رِضْوانِي أكْبَرُ»» .
﴿ذَلِكَ هو الفَوْزُ العَظِيمُ﴾ أيْ: لا ما يَعُدُّهُ النّاسُ فَوْزًا مِن حُظُوظِ الدُّنْيا.
{"ayah":"وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَا وَمَسَـٰكِنَ طَیِّبَةࣰ فِی جَنَّـٰتِ عَدۡنࣲۚ وَرِضۡوَ ٰنࣱ مِّنَ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











