الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ١٧ - ٢٠ ] ﴿كَلا بَلْ لا تُكْرِمُونَ اليَتِيمَ﴾ ﴿ولا تَحاضُّونَ عَلى طَعامِ المِسْكِينِ﴾ [الفجر: ١٨] ﴿وتَأْكُلُونَ التُّراثَ أكْلا لَمًّا﴾ [الفجر: ١٩] ﴿وتُحِبُّونَ المالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر: ٢٠]
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَلا﴾ رَدْعٌ عَنْ قَوْلَيْهِ في حالَيْهِ، أعْنِي اعْتِقادَ الإكْرامِ في الإعْطاءِ، والإهانَةِ في المَنعِ، (p-٦١٥٣)بَلْ لِطَلَبِ الشُّكْرِ، وهو صَرْفُ النِّعَمِ إلى ما خُلِقَتْ لَهُ، وإعْطاءُ المالِ لِذَوِيهِ، وأحَقُّهُمُ الأيْتامُ وهم لا يَفْعَلُونَهُ، كَما قالَ: ﴿بَلْ لا تُكْرِمُونَ اليَتِيمَ﴾ وهو مَن فَقَدَ كافِلَهُ ومُرَبِّيَهُ، فَإنَّ مِن آكَدِ الواجِباتِ القِيامَ عَلى تَأْدِيبِهِ وكَفالَتِهِ، صَوْنًا إذا أهْمَلَ مِن فَسادِ طَبِيعَتِهِ وعَيْثِهِ بِالضَّرَرِ في أهْلِ جِبِلَّتِهِ. ومِثْلُهُ التَّحاضُّ عَلى مُواساةِ البُؤَساءِ، وهَؤُلاءِ المَنعِيُّ عَلَيْهِمْ ضَلالُهم في غَفْلَةٍ عَنْهُ، كَما قالَ:
﴿ولا تَحاضُّونَ عَلى طَعامِ المِسْكِينِ﴾ [الفجر: ١٨] أيْ: لا يَحُضُّ بَعْضُكم بَعْضًا عَلَيْهِ ولا يَتَواصى بِهِ.
قالَ الإمامُ: وإنَّما ذَكَرَ التَّحاضَّ عَلى الطَّعامِ، ولَمْ يَكْتَفِ بِالإطْعامِ فَيَقُولُ: (لَمْ تُطْعِمُوا المِسْكِينَ)؛ لِيُصَرِّحَ لَكَ بِالبَيانِ الجَلِيِّ أنَّ أفْرادَ الأُمَّةِ مُتَكافِلُونَ، وأنَّهُ يَجِبُ أنْ يَكُونَ لِبَعْضِهِمْ عَلى بَعْضٍ عَطْفٌ بِالأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، مَعَ التِزامِ كُلٍّ لِما يَأْمُرْ بِهِ، وابْتِعادِهِ عَمّا يَنْهى عَنْهُ.
لَطِيفَةٌ:
قالَ القاشانِيُّ: في دَلالَةِ قَوْلِهِ تَعالى:
﴿فَأمّا الإنْسانُ﴾ [الفجر: ١٥] أيِ: الإنْسانُ يَجِبُ أنْ يَكُونَ في مَقامِ الشُّكْرِ أوِ الصَّبْرِ بِحُكْمِ الإيمانِ، لِحَدِيثِ: ««الإيمانُ نِصْفانِ نِصْفٌ: صَبْرٌ، ونِصْفٌ شُكْرٌ»» لِأنَّ اللَّهَ تَعالى إمّا يَبْتَلِيهِ بِالنِّعَمِ والرَّخاءِ، فَعَلَيْهِ أنْ يَشْكُرَهُ بِاسْتِعْمالِ نِعْمَتِهِ فِيما يَنْبَغِي مِن إكْرامِ اليَتِيمِ وإطْعامِ المِسْكِينِ وسائِرِ مُراضِيهِ. ولا يَكْفُرُ نِعْمَتَهُ بِالبَطَرِ والِافْتِخارِ فَيَقُولُ: إنَّ اللَّهَ أكْرَمَنِي لِاسْتِحْقاقِي وكَرامَتِي عِنْدَهُ، ويُتْرِفُهُ في الأكْلِ ويَحْتَجِبُ بِمَحَبَّةِ المالِ وبِمَنعِ المُسْتَحِقِّينَ، أوْ بِالفَقْرِ وضِيقِ الرِّزْقِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يَصْبِرَ ولا يَجْزَعَ ولا يَقُولَ: إنَّ اللَّهَ أهانَنِي، فَرُبَّما كانَ ذَلِكَ إكْرامًا لَهُ بِأنْ لا يَشْغَلَهُ بِالنِّعْمَةِ عَنِ المُنْعِمِ، ويَجْعَلُ ذَلِكَ وسِيلَةً لَهُ في التَّوَجُّهِ إلى الحَقِّ والسُّلُوكِ في طَرِيقِهِ لِعَدَمِ التَّعَلُّقِ، كَما أنَّ الأوَّلَ رُبَّما كانَ اسْتِدْراجًا مِنهُ. انْتَهى.
﴿وتَأْكُلُونَ التُّراثَ أكْلا لَمًّا﴾ [الفجر: ١٩] قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أيْ: تَأْكُلُونَ المِيراثَ أكْلًا شَدِيدًا، لا تَتْرُكُونَ مِنهُ شَيْئًا. مِن قَوْلِهِمْ: لَمَمْتُ ما عَلى الخُوانِ أجْمَعَ فَأنا ألُمُّهُ لَمًّا)، إذا: أكَلْتَ ما عَلَيْهِ فَأتَيْتَ عَلى جَمِيعِهِ.
(p-٦١٥٤)قالَ ابْنُ زَيْدٍ: كانُوا لا يُوَرِّثُونَ النِّساءَ ولا يُوَرِّثُونَ الصِّغارَ، وقَرَأ: ﴿ويَسْتَفْتُونَكَ في النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكم فِيهِنَّ وما يُتْلى عَلَيْكم في الكِتابِ في يَتامى النِّساءِ اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وتَرْغَبُونَ أنْ تَنْكِحُوهُنَّ والمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الوِلْدانِ﴾ [النساء: ١٢٧] أيْ: لا تُورِثُوهُنَّ أيْضًا. وقالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: اللَّمُّ: الِاعْتِداءُ في المِيراثِ، يَأْكُلُ مِيراثَهُ وغَيْرَهُ.
﴿وتُحِبُّونَ المالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر: ٢٠] أيْ: جَمْعَهُ وكَنْزَهُ، حُبًّا كَثِيرًا شَدِيدًا.
{"ayahs_start":17,"ayahs":["كَلَّاۖ بَل لَّا تُكۡرِمُونَ ٱلۡیَتِیمَ","وَلَا تَحَـٰۤضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِینِ","وَتَأۡكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكۡلࣰا لَّمࣰّا","وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبࣰّا جَمࣰّا"],"ayah":"وَلَا تَحَـٰۤضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِینِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق