الباحث القرآني
(p-٦١٣٦)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الغاشِيَةِ
مَكِّيَّةٌ. وآيُها سِتٌّ وعِشْرُونَ. وقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ يَقْرَأُ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلى والغاشِيَةَ) في صَلاةِ العِيدِ ويَوْمِ الجُمُعَةِ».
ورَوى الإمامُ مالِكٌ «أنَّ الضَّحّاكَ بْنَ قَيْسٍ سَألَ النُّعْمانَ بْنَ بَشِيرٍ: بِما كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ في الجُمُعَةِ مَعَ سُورَةِ الجُمُعَةِ؟ قالَ: هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الغاشِيَةِ» (رَواهُ مُسْلِمٌ وأبُو داوُدَ وغَيْرُهُما).
(p-٦١٣٧)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ١ - ٩ ] ﴿هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الغاشِيَةِ﴾ ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ﴾ [الغاشية: ٢] ﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ﴾ [الغاشية: ٣] ﴿تَصْلى نارًا حامِيَةً﴾ [الغاشية: ٤] ﴿تُسْقى مِن عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥] ﴿لَيْسَ لَهم طَعامٌ إلا مِن ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] ﴿لا يُسْمِنُ ولا يُغْنِي مِن جُوعٍ﴾ [الغاشية: ٧] ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ﴾ [الغاشية: ٨] ﴿لِسَعْيِها راضِيَةٌ﴾ [الغاشية: ٩]
﴿هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الغاشِيَةِ﴾ أيْ: خَبَرُها وقِصَّتُها، وهي القِيامَةُ.
وأصْلُ الغاشِيَةِ الدّاهِيَةُ الَّتِي تَغْشى النّاسَ بِشَدائِدِها. والِاسْتِفْهامُ لِلتَّعْظِيمِ والتَّعَجُّبِ مِمّا في حَيِّزِهِ، مَعَ تَقْرِيرِهِ.
﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ﴾ [الغاشية: ٢] أيْ: ذَلِيلَةٌ. وهي وُجُوهُ أهْلِ الكُفْرِ بِالحَقِّ والجُحُودِ لَهُ. والمُرادُ بِالوُجُوهِ الذَّواتُ.
﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ﴾ [الغاشية: ٣] قالَ القاشانِيُّ: أيْ: تَعْمَلُ دائِبًا أعْمالًا صَعْبَةً تَتْعَبُ فِيها، كالهُوِيِّ في دَرَكاتِ النّارِ، والِارْتِقاءِ في عَقَباتِها، وحَمْلِ مَشاقِّ الصُّوَرِ والهَيْئاتِ المُتْعَبَةِ المُثْقَلَةِ مِن آثارِ أعْمالِها. أوْ عامِلَةٌ مِنِ اسْتِعْمالِ الزَّبانِيَةِ إيّاها في أعْمالٍ شاقَّةٍ فادِحَةٍ مِن جِنْسِ أعْمالِها الَّتِي ضَرِيَتْ بِها في الدُّنْيا، وأتْعابُها فِيها مِن غَيْرِ مَنفَعَةٍ لَهم مِنها إلّا التَّعَبَ والعَذابَ. (p-٦١٣٨)وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ ﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ﴾ [الغاشية: ٣] إشارَةٌ إلى عَمَلِهِمْ في الدُّنْيا، أيْ: عَمِلَتْ ونَصَبَتْ في أعْمالٍ لا تُجْدِي عَلَيْها في الآخِرَةِ. فَيَكُونُ بِمَنزِلَةِ حابِطَةِ أعْمالِها. أوْ جُعِلَتْ أعْمالُها هَباءً مَنثُورًا كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ آياتٌ أُخَرُ، ويُؤَيِّدُهُ مُقابَلَةُ هَذِهِ الآيَةِ، لِقَوْلِهِ في أهْلِ الجَنَّةِ ﴿لِسَعْيِها راضِيَةٌ﴾ [الغاشية: ٩] وذَلِكَ السَّعْيُ هو الَّذِي كانَ في الدُّنْيا. واللَّهُ أعْلَمُ.
﴿تَصْلى نارًا حامِيَةً﴾ [الغاشية: ٤] أيْ: تَدْخُلُ نارًا مُتَناهِيَةً في الحَرارَةِ. قالَ القاشانِيُّ: أيْ: مُؤْذِيَةٌ مُؤْلِمَةٌ بِحَسَبِ ما تُزاوِلُها في الدُّنْيا مِنَ الأعْمالِ.
﴿تُسْقى مِن عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥] أيْ: بَلَغَتْ غايَتَها في شِدَّةِ الحَرِّ.
﴿لَيْسَ لَهم طَعامٌ إلا مِن ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] وهو مِن جِنْسِ الشَّوْكِ، تَرْعاهُ الإبِلُ ما دامَ رَطْبًا، فَإذا يَبِسَ تَحامَتْهُ، وهو سُمٌّ قاتِلٌ. قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: الضَّرِيعُ عِنْدَ العَرَبِ نَبْتٌ يُقالُ لَهُ: الشَّبْرَقُ، وتُسَمِّيهِ أهْلُ الحِجازِ الضَّرِيعَ، إذا يَبِسَ. ولا مُنافاةَ بَيْنَ هَذِهِ الآيَةِ وآيَةِ: ﴿ولا طَعامٌ إلا مِن غِسْلِينٍ﴾ [الحاقة: ٣٦] لِأنَّ العَذابَ ألْوانٌ، والمُعَذَّبُونَ طَبَقاتٌ فَمِنهم أكَلَةُ الزَّقُّومِ، ومِنهم أكَلَةُ الغِسْلِينَ، ومِنهم أكَلَةُ الضَّرِيعِ، وقِيلَ: الضَّرِيعُ مَجازٌ أوْ كِنايَةٌ، أُرِيدَ بِهِ طَعامٌ مَكْرُوهٌ حَتّى لِلْإبِلِ الَّتِي تَلْتَذُّ بِرَعْيِ الشَّوْكِ، فَلا يُنافِي كَوْنَهُ زَقُّومًا أوْ غِسْلِينًا.
﴿لا يُسْمِنُ﴾ [الغاشية: ٧] أيْ: لا يُخَصِّبُ البَدَنَ ﴿ولا يُغْنِي مِن جُوعٍ﴾ [الغاشية: ٧] أيْ: لا يَسْكُنُ داعِيَةُ النَّفْسِ ولا نَهَمُها مِن أجْلِهِ.
﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ﴾ [الغاشية: ٨] أيْ: ذاتُ حُسْنٍ، عَلى أنَّهُ مِنَ النُّعُومَةِ، كِنايَةٌ عَنْ حُسْنِ المَنظَرِ. أوْ ناعِمَةٌ بِمَعْنى مُتَنَعِّمَةٍ، عَلى أنَّهُ مِنَ النَّعِيمِ.
﴿لِسَعْيِها راضِيَةٌ﴾ [الغاشية: ٩] أيْ: لِعَمَلِها الَّذِي عَمِلَتْهُ في الدُّنْيا وجِدِّها في طَرِيقِ البِرِّ واكْتِسابِ الفَضائِلِ، شاكِرَةٌ لا تَنْدَمُ ولا تَتَحَسَّرُ.
(p-٦١٣٩)
{"ayahs_start":1,"ayahs":["هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِیثُ ٱلۡغَـٰشِیَةِ","وُجُوهࣱ یَوۡمَىِٕذٍ خَـٰشِعَةٌ","عَامِلَةࣱ نَّاصِبَةࣱ","تَصۡلَىٰ نَارًا حَامِیَةࣰ","تُسۡقَىٰ مِنۡ عَیۡنٍ ءَانِیَةࣲ","لَّیۡسَ لَهُمۡ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِیعࣲ","لَّا یُسۡمِنُ وَلَا یُغۡنِی مِن جُوعࣲ","وُجُوهࣱ یَوۡمَىِٕذࣲ نَّاعِمَةࣱ","لِّسَعۡیِهَا رَاضِیَةࣱ"],"ayah":"لَّیۡسَ لَهُمۡ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِیعࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











