الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٦ - ٩ ] ﴿يا أيُّها الإنْسانُ إنَّكَ كادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ﴾ ﴿فَأمّا مَن أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ [الإنشقاق: ٧] ﴿فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا﴾ [الإنشقاق: ٨] ﴿ويَنْقَلِبُ إلى أهْلِهِ مَسْرُورًا﴾ [الإنشقاق: ٩] ﴿يا أيُّها الإنْسانُ إنَّكَ كادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ﴾ قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أيْ: (p-٦١٠٨)إنَّكَ عامِلٌ إلى رَبِّكَ عَمَلًا فَمُلاقِيهِ بِهِ، خَيْرًا كانَ أوْ شَرًّا. المَعْنى: فَلْيَكُنْ عَمَلُكَ مِمّا يُنْجِيكَ مِن سُخْطِهِ، ويُوجِبُ لَكَ رِضاهُ، ولا يَكُنْ مِمّا يُسْخِطُهُ عَلَيْكَ فَتَهْلَكَ. وقالَ القاشانِيُّ: أيْ: إنَّكَ ساعٍ مُجْتَهِدٌ في الذَّهابِ إلَيْهِ بِالمَوْتِ، أيْ: تَسِيرُ مَعَ أنْفاسِكَ سَرِيعًا، كَما قِيلَ: أنْفاسُكَ خُطاكَ إلى أجَلِكَ، أوْ مُجْتَهِدٌ مُجِدٌّ في العَمَلِ: خَيْرًا أوْ شَرًّا، ذاهِبٌ إلى رَبِّكَ فَمُلاقِيهِ ضَرُورَةً. قالَ: والضَّمِيرُ إمّا لِلرَّبِّ وإمّا لِلْكَدْحِ. وأصْلُ الكَدْحِ جُهْدُ النَّفْسِ في العَمَلِ والكَدُّ فِيهِ، حَتّى يُؤَثِّرَ فِيها، مِن: (كَدَحَ جِلْدُهُ)، إذا خَدَشَهُ، فاسْتُعِيرَ لِلْجِدِّ في العَمَلِ ولِلتَّعَبِ، بِجامِعِ التَّأْثِيرِ في ظاهِرِ البَشَرَةِ. ﴿فَأمّا مَن أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ [الإنشقاق: ٧] وهم مَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا واتَّصَفَ بِما وُصِفَ بِهِ الأبْرارُ، في غَيْرِ ما آيَةٍ. ﴿فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا﴾ [الإنشقاق: ٨] قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: بِأنْ يَنْظُرَ في أعْمالِهِ فَيُغْفَرُ لَهُ سَيِّئُها ويُجازى عَلى حُسْنِها. وقالَ القاشانِيُّ: بِأنْ تُمْحى سَيِّئاتُهُ ويُعْفى عَنْهُ ويُثابَ بِحَسَناتِهِ دُفْعَةً واحِدَةً، لِبَقاءِ فِطْرَتِهِ عَلى صَفائِها ونُورِيَّتِها الأصْلِيَّةِ. ﴿ويَنْقَلِبُ إلى أهْلِهِ﴾ [الإنشقاق: ٩] أيْ: زَوْجَتِهِ وأقارِبِهِ، أوْ قَوْمِهِ مَن يُجانِسُهُ ويُقارِنُهُ مِن أصْحابِ اليَمِينِ ﴿مَسْرُورًا﴾ [الإنشقاق: ٩] أيْ: بِنَجاتِهِ مِنَ العَذابِ، أوْ بِصُحْبَتِهِمْ ومُرافَقَتِهِمْ، وبِما أُوتِيَ مِن حُظُوظِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب