الباحث القرآني
(p-٦١٠٥)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الِانْشِقاقِ
وتُسَمّى سُورَةَ (إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ). وهي مَكِّيَّةٌ. وهي خَمْسٌ وعِشْرُونَ آيَةً. قِيلَ تَرْتِيبُ هَذِهِ السُّوَرِ الثَّلاثِ ظاهِرٌ. لِأنَّ في (انْفَطَرَتْ) تَعْرِيفَ الحَفَظَةِ الكاتِبِينَ وفي (المُطَفِّفِينَ) مَقَرُّ كُتُبِهِمْ. وفي هَذِهِ عَرْضُها لِلْقِيامَةِ.
رَوى الإمامُ مالِكٌ عَنْ أبِي سَلَمَةَ «أنَّ أبا هُرَيْرَةَ قَرَأ بِهِمْ: ﴿إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ فَسَجَدَ فِيها. فَلَمّا انْصَرَفَ أخْبَرَهم أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَجَدَ فِيها».
ورَواهُ مُسْلِمٌ والنَّسائِيُّ وأخْرَجَ البُخارِيُّ «عَنْ أبِي رافِعٍ قالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أبِي هُرَيْرَةَ العَتَمَةَ. فَقَرَأ ﴿إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ فَسَجَدَ. فَقُلْتُ: ما هَذِهِ؟ قالَ: سَجَدْتُ بِها خَلْفَ أبِي القاسِمِ ﷺ، فَلا أزالُ أسْجُدُ فِيها حَتّى ألْقاهُ».
وفِي رِوايَةٍ لِلنَّسائِيِّ «عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: سَجَدْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في ﴿إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ و﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: ١]»
(p-٦١٠٦)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ١ - ٥ ] ﴿إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ ﴿وأذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ﴾ [الإنشقاق: ٢] ﴿وإذا الأرْضُ مُدَّتْ﴾ [الإنشقاق: ٣] ﴿وألْقَتْ ما فِيها وتَخَلَّتْ﴾ [الإنشقاق: ٤] ﴿وأذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ﴾ [الإنشقاق: ٥]
﴿إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ أيِ: انْصَدَعَتْ وتَقَطَّعَتْ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ: ﴿إذا السَّماءُ انْفَطَرَتْ﴾ [الإنفطار: ١] ﴿وأذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ﴾ [الإنشقاق: ٢] أيْ: سَمِعَتْ لَهُ في تَصَدُّعِها وتَشَقُّقِها، وهو مَجازٌ عَنْ الِانْقِيادِ والطّاعَةِ. والمَعْنى أنَّها انْقادَتْ لِتَأْثِيرِ قُدْرَتِهِ حِينَ أرادَ انْشِقاقَها، انْقِيادَ المُطَوِّعِ الَّذِي يَسْتَمِعُ لِلْآمِرِ ويُذْعِنُ لَهُ. قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: العَرَبُ تَقُولُ: (أُذِنَ لَكَ في هَذا إذْنًا)، بِمَعْنى اسْتُمِعَ لَكَ. ومِنهُ الخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:««ما أذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ ما أذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنّى بِالقُرْآنِ»» . يَعْنِي ما اسْتَمَعَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كاسْتِماعِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنّى بِالقُرْآنِ. ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎صُمٌّ إذا سَمِعُوا خَيْرًا ذُكِرْتُ بِهِ وإنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهم أذِنُوا
(p-٦١٠٧)ومَعْنى قَوْلِهِ تَعالى: "وحُقَّتْ" أيْ: حَقَّ لَها ووَجَبَ أنْ تَنْقادَ لِأمْرِ القادِرِ ولا تَمْتَنِعَ، وهي حَقِيقَةٌ بِالِانْقِيادِ لِأنَّها مَخْلُوقَةٌ لَهُ في قَبْضَةِ تَصَرُّفِهِ. قالَ المُعْرِبُ: الأصْلُ حَقَّ اللَّهُ طاعَتَها، ولَمّا كانَ الإسْنادُ في الآيَةِ إلى السَّماءِ نَفْسِها، والتَّقْدِيرُ: وحَقَّتْ هِيَ، كانَ أصْلُ الكَلامِ عَلى تَقْدِيرِ مُضافٍ في الضَّمِيرِ المُسْتَكِنِّ في الفِعْلِ، أيْ: وحَقَّ سَماعُها وطاعَتُها، فَحُذِفَ المُضافُ، ثُمَّ أُسْنِدَ الفِعْلُ إلى ضَمِيرِهِ، ثُمَّ اسْتَتَرَ فِيهِ.
﴿وإذا الأرْضُ مُدَّتْ﴾ [الإنشقاق: ٣] أيْ: بُسِطَتْ وجُعِلَتْ مُسْتَوِيَةً، وذَلِكَ بِنَسْفِ جِبالِها وآكامِها كَما قالَ: ﴿قاعًا صَفْصَفًا﴾ [طه: ١٠٦] ﴿لا تَرى فِيها عِوَجًا ولا أمْتًا﴾ [طه: ١٠٧] ولِذا قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: مُدَّتْ مَدَّ الأدِيمِ العُكاظِيِّ؛ لِأنَّ الأدِيمَ إذا مُدَّ زالَ كُلُّ انْثِناءٍ فِيهِ واسْتَوى.
﴿وألْقَتْ ما فِيها﴾ [الإنشقاق: ٤] أيْ: ما في جَوْفِها مِنَ الكُنُوزِ والأمْواتِ ﴿وتَخَلَّتْ﴾ [الإنشقاق: ٤] أيْ: وخَلَّتْ غايَةَ الخُلُوِّ، حَتّى لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ في باطِنِها، كَأنَّها تَكَلَّفَتْ أقْصى جُهْدِها في الخُلُوِّ.
﴿وأذِنَتْ لِرَبِّها وحُقَّتْ﴾ [الإنشقاق: ٥] أيِ: انْقادَتْ لَهُ في التَّخْلِيَةِ، وحَقَّ لَها ذَلِكَ؛ وإعادَةُ الآيَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّ ذَلِكَ تَحْتَ سُلْطانِ الجَلالِ الإلَهِيِّ وقَهْرِهِ ومَشِيئَتِهِ. وجَوابُ "إذا" مَحْذُوفٌ لِلتَّهْوِيلِ بِالإبْهامِ، أيْ: كانَ ما كانَ مِمّا لا يَفِي بِهِ البَيانُ، أوْ لاقى الإنْسانُ كَدْحَهُ، كَما قالَ:
{"ayahs_start":1,"ayahs":["إِذَا ٱلسَّمَاۤءُ ٱنشَقَّتۡ","وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ","وَإِذَا ٱلۡأَرۡضُ مُدَّتۡ","وَأَلۡقَتۡ مَا فِیهَا وَتَخَلَّتۡ","وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ"],"ayah":"وَإِذَا ٱلۡأَرۡضُ مُدَّتۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











