الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٢٢ - ٢٥ ] ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ﴾ ﴿واللَّهُ أعْلَمُ بِما يُوعُونَ﴾ [الإنشقاق: ٢٣] (p-٦١١١)﴿فَبَشِّرْهم بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ [الإنشقاق: ٢٤] ﴿إلا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهم أجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ [الإنشقاق: ٢٥] ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ﴾ أيْ: بِآياتِ اللَّهِ وتَنْزِيلِهِ المُبَيِّنِ لِما ذُكِرَ مِن أحْوالِ القِيامَةِ وأهْوالِها، مَعَ تَحْقِيقِ مُوجِباتِ تَصْدِيقِهِ، والإضْرابِ عَنْ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ -كَما قالَ الإمامُ- لا تَظُنَّ أنَّ قَرْعَ القُرْآنِ لَمْ يَكْسِرْ أغْلاقَ قُلُوبِهِمْ، ولَمْ يَبْلُغْ صَوْتُهُ أعْماقَ ضَمائِرِهِمْ، بَلى قَدْ بَلَغَ وأقْنَعَ فِيما بَلَغَ، ولَكِنَّ العِنادَ هو الَّذِي يَمْنَعُهم عَنِ الإيمانِ ويَصُدُّهم عَنِ الإذْعانِ، فَلَيْسَ مَنشَأُ التَّكْذِيبِ قُصُورَ الدَّلِيلِ، وإنَّما هو تَقْصِيرُ المُسْتَدِلِّ وإعْراضُهُ عَنْ هِدايَتِهِ، فالإضْرابُ يَرْمِي إلى مَحْذُوفٍ مِنَ القَوْلِ يَدُلُّ عَلَيْهِ السّابِقُ واللّاحِقُ. ﴿واللَّهُ أعْلَمُ بِما يُوعُونَ﴾ [الإنشقاق: ٢٣] أيْ: بِما يُسِرُّونَ في صُدُورِهِمْ مِن حَقِّيَّةِ التَّنْزِيلِ، وإنْ أخْفَوْهُ عِنادًا. أوْ بِما يُضْمِرُونَ مِنَ البَغْيِ والمَكْرِ، فَسَيَجْزِيهِمْ عَلَيْهِ. ولِذا قالَ: ﴿فَبَشِّرْهم بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ [الإنشقاق: ٢٤] أيْ: جَزاءً عَلى تَكْذِيبِهِمْ وإعْراضِهِمْ وبَغْيِهِمْ. ﴿إلا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهم أجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ [الإنشقاق: ٢٥] أيْ: غَيْرُ مَقْطُوعٍ أوْ غَيْرُ مَمْنُونٍ بِهِ عَلَيْهِمْ. والِاسْتِثْناءُ مُنْقَطِعٌ أوْ مُتَّصِلٌ، عَلى أنَّ المُرادَ بِمَن آمَنَ مَن أسْلَمَ مِنهم فَآمَنُوا بِاعْتِبارِ ما مَضى أوْ بِمَعْنى: يُؤْمِنُونَ، وكَوْنُهُ مُنْقَطِعًا أظْهَرَ لِمَجِيءِ "لَهم أجْرٌ" بِغَيْرِ فاءٍ. واللَّهُ أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب