الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ١٣ - ١٩ ] ﴿إنَّ الأبْرارَ لَفي نَعِيمٍ﴾ ﴿وإنَّ الفُجّارَ لَفي جَحِيمٍ﴾ [الإنفطار: ١٤] ﴿يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الإنفطار: ١٥] (p-٦٠٨٩)﴿وما هم عَنْها بِغائِبِينَ﴾ [الإنفطار: ١٦] ﴿وما أدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الإنفطار: ١٧] ﴿ثُمَّ ما أدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الإنفطار: ١٨] ﴿يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا والأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الإنفطار: ١٩] ﴿إنَّ الأبْرارَ لَفي نَعِيمٍ﴾ قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أيْ: إنَّ الَّذِينَ بَرُّوا بِأداءِ فَرائِضِ اللَّهِ، واجْتِنابِ مَعاصِيهِ، لَفي نَعِيمِ الجِنانِ يَنْعَمُونَ فِيها. والأبْرارُ جَمْعُ (بَرٍّ) بِفَتْحِ الباءِ وهو المُتَّصِفُ بِالبِرِّ (بِكَسْرِها)، أيِ: الطّاعَةِ. قالَ الأصْفَهانِيُّ: وقَدِ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكم قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ ولَكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ والمَلائِكَةِ والكِتابِ والنَّبِيِّينَ وآتى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبى واليَتامى والمَساكِينَ وابْنَ السَّبِيلِ والسّائِلِينَ وفي الرِّقابِ وأقامَ الصَّلاةَ وآتى الزَّكاةَ والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذا عاهَدُوا والصّابِرِينَ في البَأْساءِ والضَّرّاءِ وحِينَ البَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٧٧] وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإنَّ الفُجّارَ لَفي جَحِيمٍ﴾ [الإنفطار: ١٤] أيِ: الَّذِينَ فَجَرُوا عَنْ أمْرِ اللَّهِ، أيِ: انْشَقُّوا عَنْهُ وخالَفُوهُ، وهم مَن لَمْ تُوجَدْ فِيهِمْ نُعُوتُ الأبْرارِ المَذْكُورَةِ في الآيَةِ قَبْلُ. ﴿يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الإنفطار: ١٥] أيْ: يَوْمَ يُدانُ العِبادُ بِالأعْمالِ، فَيُجازَوْنَ بِها، ﴿وما هم عَنْها بِغائِبِينَ﴾ [الإنفطار: ١٦] أيْ: بِخارِجِينَ، لِأنَّهم مُخَلَّدُونَ في صِلِيِّها. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما أدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الإنفطار: ١٧] ﴿ثُمَّ ما أدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الإنفطار: ١٨] تَفْخِيمٌ لِأمْرِ ذَلِكَ اليَوْمِ وتَعْظِيمٌ لِشَأْنِهِ، أيْ: أيُّ شَيْءٍ أعْلَمَكَ بِهِ؟ أيْ: أنْتَ لا تَدْرِيهِ مَعَ أنَّهُ مِن أوْجَبِ ما تُهِمُّ دِرايَتُهُ والبَحْثُ عَنْهُ. (p-٦٠٩٠)والخِطابُ لِلْإنْسانِ المُتَقَدِّمِ أوَّلَ السُّورَةِ. ثُمَّ فَسَّرَ تَعالى بَعْضَ شَأْنِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ [الإنفطار: ١٩] أيْ: مِن دَفْعِ ضُرٍّ أوْ كَشْفِ هَمٍّ، ﴿والأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الإنفطار: ١٩] أيْ: أمْرُ المُلْكِ الظّاهِرِ ونُفُوذِ القَضاءِ القاهِرِ، يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ وحْدَهُ؛ لِاضْمِحْلالِ المَمالِكِ وذَهابِ الرِّياساتِ. قالَ الرّازِيُّ: وهو وعِيدٌ عَظِيمٌ، مِن حَيْثُ إنَّهُ عَرَّفَهم أنَّهُ لا يُغْنِي عَنْهم إلّا البِرُّ والطّاعَةُ يَوْمَئِذٍ، دُونَ سائِرِ ما كانَ قَدْ يُغْنِي عَنْهم في الدُّنْيا مِن مالٍ ووَلَدٍ وأعْوانٍ وشُفَعاءَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب