الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٥ ] ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ وإنَّ فَرِيقًا مِنَ المُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ﴾ . وقَوْلُهُ تَعالى: (p-٢٩٥٤)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ وإنَّ فَرِيقًا مِنَ المُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ﴾ الكافُ في (كَما) كافُ التَّشْبِيهِ، والعامِلُ فِيهِ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا، فَإمّا هو مَعْنى الفِعْلِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ: ﴿قُلِ الأنْفالُ لِلَّهِ﴾ [الأنفال: ١] تَقْدِيرُهُ نَزَعَ الأنْفالَ مِن أيْدِيهِمْ بِالحَقِّ، كَما أخْرَجَكَ بِالحَقِّ. وإمّا هو مَعْنى الحَقِّ، يَعْنِي هَذا الذِّكْرُ حَقٌّ، كَما أخْرَجَكَ بِالحَقِّ، وإمّا أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ هو المُشَبَّهُ، أيْ: حالُهم هَذِهِ في كَراهَةِ تَنْفِيلِ الغُزاةِ، كَحالِ إخْراجِكَ مِن بَيْتِكَ لِلْحَرْبِ في كَراهَتِهِمْ لَهُ (كَما سَيَأْتِي في تَفْصِيلِ القِصَّةِ) . وهَذا هو قَوْلُ الفَرّاءِ، فَإنَّهُ قالَ: الكافُ شَبَّهَتْ هَذِهِ القِصَّةَ الَّتِي هي إخْراجُهُ مِن بَيْتِهِ، بِالقِصَّةِ المُتَقَدِّمَةِ، الَّتِي هي سُؤالُهم عَنِ الأنْفالِ وكَراهَتُهم لِما وقَعَ فِيها، مَعَ أنَّها أوْلى بِحالِهِمْ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِن بَيْتِكَ﴾ أرادَ بِهِ بِالمَدِينَةِ، أوِ المَدِينَةِ نَفْسِها، لِأنَّها مَثْواهُ، أيْ: إخْراجُهُ إلى بَدْرٍ. وزَعَمَ بَعْضٌ أنَّ المُرادَ إخْراجُهُ ﷺ مِن مَكَّةَ إلى المَدِينَةِ لِلْهِجْرَةِ، وهو ساقِطٌ بِرَدِّهِ سِياقَ القِصَّةِ البَدْرِيَّةِ في الآياتِ بَعْدُ. ومُلَخَّصُها أنَّ أبا سُفْيانَ قَدِمَ بِعِيرٍ مِنَ الشّامِ في تِجارَةٍ عَظِيمَةٍ فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وأصْحابُهُ لِيَغْنَمُوها، فَعَلِمَتْ قُرَيْشٌ، فَخَرَجَ أبُو جَهْلٍ ومُقاتِلُو مَكَّةَ لِيَذُبُّوا عَنْها، وهُمُ النَّفِيرُ. وأخَذَ أبُو سُفْيانَ بِالعِيرِ طَرِيقَ السّاحِلِ، فَنَجَتْ، فَقِيلَ لِأبِي جَهْلٍ: ارْجِعْ، فَأبى وسارَ إلى بَدْرٍ. فَشاوَرَ ﷺ أصْحابَهُ وقالَ لَهم: إنَّ اللَّهَ وعَدَنِي إحْدى الطّائِفَتَيْنِ، فَوافَقُوهُ عَلى قِتالِ النَّفِيرِ، وكَرِهَ بَعْضُهم ذَلِكَ، وقالُوا: لَمْ نَسْتَعِدَّ لَهُ، كَما قالَ تَعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب