الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٣٤ ] ﴿وما لَهم ألا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وهم يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ وما كانُوا أوْلِياءَهُ إنْ أوْلِياؤُهُ إلا المُتَّقُونَ ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَعْلَمُونَ﴾ . ﴿وما لَهم ألا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وهم يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ أيْ: وأيُّ شَيْءٍ لَهم في انْتِفاءِ العَذابِ عَنْهم، وحالُهُمُ الصَّدُّ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ، كَما صَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عامَ الحُدَيْبِيَةِ، ومِن صَدِّهِمْ عَنْهُ إلْجاءُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ والمُؤْمِنِينَ إلى الهِجْرَةِ. قالَ القاشانِيُّ: أيْ: لَيْسَ عَدَمُ نُزُولِ العَذابِ لِعَدَمِ اسْتِحْقاقِهِمْ لِذَلِكَ بِحَسَبِ أنْفُسِهِمْ، بَلْ إنَّهم مُسْتَحِقُّونَ بِذَواتِهِمْ، لِصُدُودِهِمْ، وصَدِّهِمُ المُسْتَعِدِّينَ، وعَدَمِ بَقاءِ الخَيْرِيَّةِ فِيهِمْ، ولَكِنْ يَمْنَعُهُ وجُودُكَ ووُجُودُ المُؤْمِنِينَ المُسْتَغْفِرِينَ مَعَكَ فِيهِمْ. ثُمَّ قالَ: واعْلَمْ أنَّ الوُجُودَ الإمْكانِيَّ يَتْبَعُ الخَيْرَ الغالِبَ، لِأنَّ الوُجُودَ الواجِبِيَّ هو الخَيْرُ المَحْضُ، فَما رَجَحَ خَيْرُهُ عَلى شَرِّهِ فَهو مَوْجُودٌ بِوُجُودِهِ بِالمُناسَبَةِ الخَيْرِيَّةِ، وإذا غَلَبَ الشَّرُّ لَمْ تَبْقَ المُناسَبَةُ، فَلَزِمَ اسْتِئْصالُهُ وإعْدامُهُ. فَهم ما دامُوا عَلى الصُّورَةِ الِاجْتِماعِيَّةِ كانَ الخَيْرُ فِيهِمْ غالِبًا، فَلَمْ يَسْتَحِقُّوا الدَّمارَ بِالعَذابِ، وأمّا إذا تَفَرَّقُوا فَما بَقِيَ إلّا شَرُّهم خالِصًا فَوَجَبَ تَدْمِيرُهم، كَما وقَعَ في واقِعَةِ بَدْرٍ. ومِن هَذا يَظْهَرُ تَحْقِيقُ المَعْنى الثّانِي في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكم خاصَّةً﴾ [الأنفال: ٢٥] لِغَلَبَةِ الشَّرْعِ عَلى المَجْمُوعِ حِينَئِذٍ. انْتَهى. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما كانُوا أوْلِياءَهُ﴾ رَدٌّ لِما كانُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ وُلاةِ البَيْتَ والحَرَمَ، (p-٢٩٨٩)نَصُدُّ مَن نَشاءُ، ونُدْخِلُ مَن نَشاءُ، أيْ: ما كانُوا مُسْتَحِقِّينَ وِلايَةَ أمْرِهِ، لِشِرْكِهِمْ: ﴿إنْ أوْلِياؤُهُ إلا المُتَّقُونَ﴾ أيْ: مِنَ الشِّرْكِ، فَلَهم أنْ يَصُدُّوا المُفْسِدِينَ: ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَعْلَمُونَ﴾ أيْ: أنَّهم لا وِلايَةَ لَهم عَلَيْهِ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب