الباحث القرآني

(p-٢٩٤٤)سُورَةُ الأنْفالِ مَدَنِيَّةٌ، أوْ، إلّا ﴿وإذْ يَمْكُرُ بِكَ﴾ [الأنفال: ٣٠] الآياتِ السَّبْعِ، فَمَكِّيَّةٌ. وآياتُها خَمْسٌ وسَبْعُونَ آيَةً. سُمِّيَتْ بِالأنْفالِ لِأنَّها مَبْدَأُ هَذِهِ السُّورَةِ، ومُنْتَهى ما ذُكِرَ فِيها مِن أثَرِ أمْرِ الحُرُوبِ. (p-٢٩٤٥)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ١ ] ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ قُلِ الأنْفالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ فاتَّقُوا اللَّهَ وأصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكم وأطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ . ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ قُلِ الأنْفالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ فاتَّقُوا اللَّهَ وأصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكم وأطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ رَوى البُخارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ سُورَةَ الأنْفالِ نَزَلَتْ في بَدْرٍ. ورَوى الإمامُ أحْمَدُ عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ قالَ: «خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا، فالتَقى النّاسُ، فَهَزَمَ اللَّهُ تَعالى العَدُوَّ، فانْطَلَقَتْ طائِفَةٌ في آثارِهِمْ يَهْزِمُونَ ويَقْتُلُونَ، وأقْبَلَتْ طائِفَةٌ عَلى العَسْكَرِ يَحُوزُونَهُ ويَجْمَعُونَهُ، وأحْدَقَتْ طائِفَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ لا يُصِيبُ العَدُوُّ مِنهُ غِرَّةً، حَتّى إذا كانَ اللَّيْلُ، وفاءَ النّاسُ بَعْضُهم إلى بَعْضٍ، قالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الغَنائِمَ: نَحْنُ حَوَيْناها وجَمَعْناها، فَلَيْسَ لِأحَدٍ فِيها نَصِيبٌ. قالَ الَّذِينَ خَرَجُوا في طَلَبِ العَدُوِّ: لَسْتُمْ بِأحَقَّ بِهِ مِنّا، نَحْنُ نَفَيْنا عَنْها العَدُوَّ وهَزَمْناهم. وقالَ الَّذِينَ أحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: لَسْتُمْ بِأحَقَّ بِها مِنّا، نَحْنُ أحْدَقْنا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وخِفْنا أنْ يُصِيبَ العَدُوُّ مِنهُ غِرَّةً، واشْتَغَلْنا بِهِ، فَنَزَلَتْ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ﴾ الآيَةَ، فَقَسَمَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلى فَواقٍ مِنَ المُسْلِمِينَ». (p-٢٩٤٦)وهَذا الحَدِيثُ رَواهُ التِّرْمِذِيُّ أيْضًا وحَسَّنَهُ، ورَواهُ ابْنُ حَيّانَ في صَحِيحِهِ، وصَحَّحَهُ الحاكِمُ. ولَفْظُ ابْنِ إسْحاقَ عَنْ عُبادَةَ قالَ: «فِينا، أصْحابَ بَدْرٍ، نَزَلَتْ، حِينَ اخْتَلَفْنا في النَّفْلِ، وساءَتْ فِيهِ أخْلاقُنا، فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِن أيْدِينا، فَجَعَلَهُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ المُسْلِمِينَ عَلى السَّواءِ» . ورَوى أبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ وابْنُ حِبّانَ والحاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «لَمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَن صَنَعَ كَذا وكَذا فَلَهُ مِنَ النَّفْلِ كَذا وكَذا» . فَتَسارَعَ في ذَلِكَ شُبّانُ القَوْمِ، وبَقِيَ الشُّيُوخُ تَحْتَ الرّاياتِ. فَلَمّا كانَتِ المَغانِمُ، جاءُوا يَطْلُبُونَ الَّذِي جُعِلَ لَهم، فَقالَ الشُّيُوخُ: لا تَسْتَأْثِرُوا عَلَيْنا، فَإنّا كُنّا رِدْءًا لَكم، لَوِ انْكَشَفْتُمْ لَثُبْتُمْ إلَيْنا، فَتَنازَعُوا، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ﴾ الآيَةِ»، وهَذا مِمّا يُفِيدُ أنَّ التَّشاجُرَ كانَ مُتَنَوِّعًا، وأنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ لِفَصْلِهِ. والأنْفالُ: هي المَغانِمُ، جَمْعُ ( نَفَلٍ) مُحَرَّكَةً، وهو الغَنِيمَةُ، أيْ: كُلُّ نَيْلٍ نالَهُ المُسْلِمُونَ مِن أمْوالِ أهْلِ الحَرْبِ. قالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لِأنَّها زِيادَةٌ في أمْوالِ المُسْلِمِينَ. أيْ: لِأنَّ النَّفَلَ يُطْلَقُ عَلى الزِّيادَةِ، كَما في (" التّاجِ)، ومِنهُ النّافِلَةُ لِصَلاةِ التَّطَوُّعِ لِزِيادَتِها عَلى الفَرِيضَةِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلِ الأنْفالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ﴾ _ قالَ المَهايِمِي: أيْ: لَيْسَتْ هي في مُقابَلَةِ الجِهادِ، وإنَّما مُقابِلُهُ الأجْرُ الأُخْرَوِيُّ، وهَذِهِ زائِدَةٌ عَلَيْهِ، خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ المُشْرِكِينَ فَصارَتْ مِلْكًا خالِصًا لِلَّهِ ولِرَسُولِهِ. والرَّسُولُ خَلِيفَةٌ يُعْطِيها، عَلى ما أراهُ اللَّهُ، مَن يَشاءُ، لَوْمًا أطْلَقَ لَهُ ﷺ الحُكْمَ فِيها فَقَسَمَها بَيْنَهم بِالسَّوِيَّةِ، ووَهَبَ مَنِ اسْتَوْهَبَهُ. فَرَوى الإمامُ أحْمَدُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: «لِما كانَ يَوْمُ بَدْرٍ قُتِلَ (p-٢٩٤٧)أخِي عُمَيْرٌ وقَتَلْتُ سَعِيدَ بْنَ العاصِ، وأخَذْتُ سَيْفَهُ، وكانَ يُسَمّى ذا الكَتِيفَةِ، فَأتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: اذْهَبْ فاطْرَحْهُ في القَبْضِ، قالَ: فَرَجَعْتُ وبِي ما لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ، مِن قَتْلِ أخِي وأخْذِ سَلْبِي. قالَ: فَما جاوَزْتُ إلّا يَسِيرًا حَتّى نَزَلَتْ سُورَةُ الأنْفالِ. فَقالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اذْهَبْ فَخُذْ سَلَبَكَ»» . ورَوى الإمامُ أحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ - وصَحَّحَهُ - عَنْ سَعْدِ بْنِ مالِكٍ قالَ: «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ شَفانِي اللَّهُ اليَوْمَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَهَبْ لِي هَذا السَّيْفَ، فَقالَ: «إنَّ هَذا السَّيْفَ لا لَكَ ولا لِي ضَعْهُ» . قالَ، فَوَضَعْتُهُ ثُمَّ رَجَعْتُ، فَقُلْتُ: عَسى أنْ يُعْطِيَ هَذا السَّيْفَ اليَوْمَ مَن لا يُبْلِي بَلائِي. قالَ: إذا رَجُلٌ يَدْعُونِي مِن ورائِي. قالَ: قُلْتُ: قَدْ أنْزَلَ اللَّهُ فِيَّ شَيْئًا. قالَ: كُنْتَ سَألْتَنِي السَّيْفَ، لَيْسَ هو لِي، إنَّهُ قَدْ وُهِبَ لِي، فَهو لَكَ. قالَ: وأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ﴾ الآيَةَ» . تَنْبِيهاتٍ: الأوَّلُ: ذَهَبَ بَعْضُهم إلى أنَّ أنْفالَ بَدْرٍ قُسِّمَتْ مِن غَيْرِ تَخْمِيسٍ، ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ آيَةُ الخُمْسِ، فَنَسَخَتِ الأُولى. قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: فِيهِ نَظَرٌ. ويَرُدُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ في شارَفَيْهِ اللَّذَيْنِ حَصَلا لَهُ، مِنَ الخُمْسِ، يَوْمَ بَدْرٍ. فالصَّوابُ أنَّها مُجْمَلَةٌ مُحْكَمَةٌ، بَيَّنَ مَصارِفَها في آيَةِ الخُمْسِ. الثّانِي: رُوِيَ عَنْ عَطاءٍ أنَّهُ فَسَّرَ ( الأنْفالَ) بِما شَذَّ مِنَ المُشْرِكِينَ إلى المُسْلِمِينَ في غَيْرِ قِتالٍ مِن دابَّةٍ أوْ أمَةٍ أوْ مَتاعٍ. قالَ: فَهو نَفْلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ يَصْنَعُ بِهِ ما يَشاءُ. قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وهَذا يَقْتَضِي أنَّهُ فَسَّرَ ( الأنْفالَ) بِالفَيْءِ وهو ما أُخِذَ مِنَ الكُفّارِ مِن غَيْرِ قِتالٍ. (p-٢٩٤٨)قُلْتُ: صِدْقُ ( النَّفْلِ) عَلَيْهِ، لا شَكَّ فِيهِ، وأمّا كَوْنُهُ المُرادَ مِنَ الآيَةِ بِخُصُوصِهِ، فَلا يُساعِدُهُ سَبَبُ نُزُولِها المارُّ ذِكْرُهُ، لا سِيَّما قَوْلُهُ: ﴿وأصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ﴾ المُشِيرُ إلى التَّنازُعِ المُتَقَدِّمِ. ثُمَّ قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: واخْتارَ ابْنُ جَرِيرٍ أنَّها الزِّيادَةُ عَلى القَسْمِ، أيْ: ما يُدْفَعُ إلى الغازِي زائِدًا عَلى سَهْمِهِ مِنَ المَغْنَمِ، والكَلامُ الَّذِي قُلْتُهُ قَبْلُ، يَجْرِي هُنا أيْضًا. ونَقَلَ الرّازِيُّ عَنِ القاضِي؛ أنَّ كُلَّ هَذا الوُجُوهِ تَحْتَمِلُهُ الآيَةُ. قالَ: ولَيْسَ فِيها دَلِيلٌ عَلى تَرْجِيحِ بَعْضِها عَلى بَعْضٍ، وإنْ صَحَّ في الأخْبارِ ما يَدُلُّ عَلى التَّعَيُّنِ، قَضى بِهِ، وإلّا فالكُلُّ مُحْتَمَلٌ. وكَما أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنها جائِزٌ، فَكَذَلِكَ إرادَةُ الجَمِيعِ جائِزَةٌ فَإنَّهُ لا تَناقُضَ بَيْنِها. أيْ: لِصِدْقِ ( النَّفْلِ) عَلَيْها. الثّالِثُ: وقَعَ عِنْدَ الزَّمَخْشَرِيِّ أنَّ المُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا في غَنائِمِ بَدْرٍ، لِمَنِ الحُكْمُ فِيها ألِلْمُهاجِرِينَ أمْ لِلْأنْصارِ، أمْ لَهم جَمِيعًا ؟ فَأُجِيبُوا بِأنَّ الحاكِمَ فِيها الرَّسُولُ، ولَيْسَ لِأحَدٍ فِيها حُكْمٌ. تَأثَّرَ الزَّمَخْشَرِيُّ أبُو السُّعُودِ في سَوْقِهِ لِما ذُكِرَ، وزادَ عَلَيْهِ اعْتِمادُهُ لَهُ، بِتَطْوِيلٍ مُمِلٍّ، ولا أدْرِي مِن أيْنَ سَرَتَ لَهم هَذا الرِّوايَةُ. فَإنَّ رُواةُ الآثارِ لَمْ يُخْرِجُوها في صِحاحِهِمْ ولا سُنَنِهِمْ، بَلْ ولا أصْحابُ السِّيَرِ، كابْنِ إسْحاقَ وابْنِ هِشامٍ، وهَلْ يُمْكِنُ لِلْمُسْلِمِينَ أنْ يَخْتَلِفُوا لِلْحُكْمِ عَلى الغَنائِمِ، ويَتَنازَعُوا وِلايَتَها، والرَّسُولُ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ ؟ ومَتى عَهِدَ ذَلِكَ مِن سِيرَتِهِمْ ؟ سُبْحانَكَ هَذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ ! ولَكِنْ هو الرَّأْيُ ( قاتَلَهُ اللَّهُ) ! ونَبَذَ كُتُبَ السَّنَةِ، والتَّقْلِيدِ البَحْتِ، الَّذِي لا يَهْتَمُّ صاحِبُهُ بِحَقائِقِ الأشْياءِ، ولا يُرِيدُ مَعْرِفَتَها ولا فَحْصَها بِالعَقْلِ يَضَعُ قَدَمَهُ عَلى القَدَمِ، حَيْثُ يَكُونُ مِطْواعًا لِآراءِ غَيْرِهِ، مُنْقادًا لَها مُصَدِّقًا ما يَنْطِقُ بِهِ فَمُهُ، غَثًّا كانَ أوْ سَمِينًا. اللَّهُمَّ نَوِّرْ بَصِيرَتِنا بِفَضْلِكَ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ﴾ أيْ: في الِاخْتِلافِ والتَّخاصُمِ، وكُونُوا مُتَحَدِّينَ مُتَآخِينَ في اللَّهِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ﴾ أيْ: أحْوالَ بَيْنِكم، يَعْنِي ما بَيْنَكم مِنَ الأحْوالِ، حَتّى تَكُونَ أحْوالَ أُلْفَةٍ ومَحَبَّةٍ واتِّفاقٍ. (p-٢٩٤٩)وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ أيْ: في قَسْمِهِ بَيْنَكم، عَلى ما أراهُ اللَّهُ تَعالى. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِالأوامِرِ الثَّلاثَةِ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: جَعَلَ التَّقْوى، وإصْلاحَ ذاتِ البَيْنِ، وطاعَةَ اللَّهِ ورَسُولِهِ، مِن لَوازِمِ الإيمانِ ومُوجِباتِهِ، لِيُعْلِمَهم أنَّ كَمالَ الإيمانِ مَوْقُوفٌ عَلى التَّوَفُّرِ عَلَيْها فَمَعْنى قَوْلِهِ ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أيْ: كامِلِي الإيمانِ. ثُمَّ بَيَّنَ تَعالى مَن أُرِيدَ بِال (مُؤْمِنِينَ) بِذِكْرِ أوْصافِهِمُ الجَلِيلَةِ، المُسْتَتْبَعَةِ لِما ذُكِرَ مِنَ الخِصالِ الثَّلاثِ، تَرْغِيبًا لَهم في الِامْتِثالِ بِالأوامِرِ المَذْكُورَةِ، فَقالَ سُبْحانَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب