الباحث القرآني

(p-٦٠١٩)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ المُرْسَلاتِ وتُسَمّى سُورَةَ العُرْفِ وهي مَكِّيَّةٌ وآيُها خَمْسُونَ. رَوى البُخارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: «بَيْنَما نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ في غارٍ بِمِنًى، إذْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ (والمُرْسَلاتِ) فَإنَّهُ لَيَتْلُوها، وإنِّي لَأتَلَقّاها مِن فِيهِ، وإنَّ فاهُ لَرَطْبٌ بِها، إذْ وثَبَتْ عَلَيْنا حَيَّةٌ. فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: اقْتُلُوها. فابْتَدَرْناها فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: وُقِيَتْ شَرَّكم كَما وُقِيتُمْ شَرَّها». وأخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أيْضًا. ورَوى الإمامُ أحْمَدُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ عَنْ أُمِّهِ أنَّها «سَمِعَتِ النَّبِيَّ ﷺ يَقْرَأُ في المَغْرِبِ بِالمُرْسَلاتِ عُرْفًا». ورَواهُ الشَّيْخانِ أيْضًا. (p-٦٠٢٠)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ١ - ٧ ] ﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ [المرسلات: ٢] ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ [المرسلات: ٣] ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ [المرسلات: ٤] ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ [المرسلات: ٥] ﴿عُذْرًا أوْ نُذْرًا﴾ [المرسلات: ٦] ﴿إنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ﴾ [المرسلات: ٧] ﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ إقْسامٌ بِالرِّياحِ المُرْسَلَةِ مُتَتابِعَةً كَشَعْرِ العُرْفِ. أوْ بِالمَلائِكَةِ المُرْسَلَةِ بِأمْرِ اللَّهِ ونَهْيِهِ، وذَلِكَ هو العُرْفُ. أوْ بِالرُّسُلِ مِن بَنِي آدَمَ المَبْعُوثَةِ بِذَلِكَ. ﴿فالعاصِفاتِ عَصْفًا﴾ [المرسلات: ٢] أيِ: الرِّياحِ الشَّدِيداتِ الهُبُوبِ، السَّرِيعاتِ المَمَرِّ. ﴿والنّاشِراتِ نَشْرًا﴾ [المرسلات: ٣] أيِ: الرِّياحُ الَّتِي تَنْشُرُ السَّحابَ والمَطَرَ، كَما قالَ: ﴿وهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ [الأعراف: ٥٧] وقَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحابًا فَيَبْسُطُهُ في السَّماءِ﴾ [الروم: ٤٨] أوِ المَلائِكَةُ الَّتِي تَنْشُرُ الشَّرائِعَ والعِلْمَ والحِكْمَةَ والنُّبُوَّةَ والهِدايَةَ في الأرْضِ ﴿فالفارِقاتِ فَرْقًا﴾ [المرسلات: ٤] أيِ: المَلائِكَةُ الَّتِي تُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ بِسَبَبِ إنْزالِ الوَحْيِ والتَّنْزِيلِ. أوِ الآياتُ القُرْآنِيَّةُ الَّتِي تُفَرِّقُ كَذَلِكَ. أوِ السُّحُبُ الَّتِي نَشَرْنَ المَواتَ فَفَرَقْنَ بَيْنَ مَن يَشْكُرُ اللَّهَ تَعالى وبَيْنَ مَن يَكْفُرُ، (p-٦٠٢١)كَقَوْلِهِ: ﴿لأسْقَيْناهم ماءً غَدَقًا﴾ [الجن: ١٦] ﴿لِنَفْتِنَهم فِيهِ﴾ [الجن: ١٧] ﴿فالمُلْقِياتِ ذِكْرًا﴾ [المرسلات: ٥] أيِ: المَلائِكَةُ المُلْقِياتُ ذِكْرَ اللَّهِ إلى أنْبِيائِهِ، المُبَلِّغاتُ وحْيَهُ. ﴿عُذْرًا أوْ نُذْرًا﴾ [المرسلات: ٦] أيْ: إعْذارًا مِنَ اللَّهِ لِخَلْقِهِ، وإنْذارًا مِنهُ لَهُمْ، مَصْدَرانِ بِمَعْنى الإعْذارِ والإنْذارِ، أيِ: المُلْقِياتِ ذِكْرًا لِلْإعْذارِ والإنْذارِ، أيْ: لِإزالَةِ إعْذارِهِمْ، وإنْذارِهِمْ عِقابَ اللَّهِ تَعالى إنْ عَصَوْ أمْرَهُ. ﴿إنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ﴾ [المرسلات: ٧] جَوابُ القَسَمِ، أيْ: إنَّ الَّذِي تُوعَدُونَ بِهِ مِن مَجِيءِ القِيامَةِ والجَزاءِ لَكائِنٌ نازِلٌ، كَقَوْلِهِ: ﴿وإنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ﴾ [الذاريات: ٦] أوْ مِن زَهُوقِ ما أنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الباطِلِ، وظَفَرِ الحَقِّ بِقَرْنِهِ، أوْ ما هو أعَمُّ. والأوَّلُ أوْلى؛ لِإرْدافِهِ بِعَلاماتِهِ، بِقَوْلِهِ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب