الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٨ - ١٥ ] ﴿فَإذا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾ ﴿وإذا السَّماءُ فُرِجَتْ﴾ [المرسلات: ٩] ﴿وإذا الجِبالُ نُسِفَتْ﴾ [المرسلات: ١٠] ﴿وإذا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] ﴿لأيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ﴾ [المرسلات: ١٢] ﴿لِيَوْمِ الفَصْلِ﴾ [المرسلات: ١٣] ﴿وما أدْراكَ ما يَوْمُ الفَصْلِ﴾ [المرسلات: ١٤] ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] ﴿فَإذا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾ أيْ: مُحِقَتْ أوْ ذَهَبَ ضِياؤُها، كَقَوْلِهِ: ﴿انْكَدَرَتْ﴾ [التكوير: ٢] و﴿انْتَثَرَتْ﴾ [الإنفطار: ٢] (p-٦٠٢٢)﴿وإذا السَّماءُ فُرِجَتْ﴾ [المرسلات: ٩] أيْ: شُقِّقَتْ وصُدِّعَتْ. ﴿وإذا الجِبالُ نُسِفَتْ﴾ [المرسلات: ١٠] أيِ: اقْتُلِعَتْ مِن أماكِنِها بِسُرْعَةٍ فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا. ﴿وإذا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] أيْ: أُجِّلَتْ لِلِاجْتِماعِ لِوَقْتِها يَوْمَ القِيامَةِ لِلشَّهادَةِ عَلى أُمَمِهِمْ والفَوْزِ بِما وُعِدُوهُ مِنَ الكَرامَةِ. والهَمْزَةُ مِن﴿أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١] مُبْدَلَةٌ مِنَ الواوِ. قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وقَرَأهُ بَعْضُ قُرّاءِ البَصْرَةِ بِالواوِ وتَشْدِيدِ القافِ، وأبُو جَعْفَرٍ بِالواوِ وتَخْفِيفِ القافِ. وكُلُّ ذَلِكَ قِراءاتٌ مَعْرُوفاتٌ ولُغاتٌ مَشْهُوراتٌ بِمَعْنًى واحِدٍ، فَبِأيَّتِها قَرَأ القارِئُ فَمُصِيبٌ، غَيْرَ أنَّ مِنَ العَرَبِ مَن يَسْتَثْقِلُ ضَمَّةَ الواوِ، كَما يَسْتَثْقِلُ كَسْرَةَ الياءِ في أوَّلِ الحَرْفِ فَيَهْمِزُها. ﴿لأيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ﴾ [المرسلات: ١٢] أيْ: أُخِّرَتْ عَنْ مُعاجَلَةِ الثَّوابِ والعِقابِ، أيْ: يُقالُ: لِأيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ، فالجُمْلَةُ مَقُولُ قَوْلٍ مُضْمَرٍ، هو جَوابُ: (إذا)، أوْ حالٌ مِن مَرْفُوعِ "أُقِّتَتْ" والمَعْنى لِيَوْمٍ عَظِيمٍ أُخِّرَتْ أُمُورُ الرُّسُلِ. وهو تَعْذِيبُ الكَفَرَةِ وإهانَتُهُمْ، وتَعْظِيمُ المُؤْمِنِينَ ورِعايَتُهُمْ، وظُهُورُ ما كانَتِ الرُّسُلُ تَذْكُرُهُ مِن أحْوالِ الآخِرَةِ وأهْوالِها، ولِذا عَظُمَ شَأْنُ اليَوْمِ، وهَوْلُ أمْرِهِ بِالِاسْتِفْهامِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِيَوْمِ الفَصْلِ﴾ [المرسلات: ١٣] بَدَلٌ مِمّا قَبْلَهُ، مُبَيِّنٌ لَهُ. أوْ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ، أيْ: أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الفَصْلِ بَيْنَ الخَلائِقِ. وقَدْ قِيلَ: لامُهُ بِمَعْنى (إلى). ﴿وما أدْراكَ ما يَوْمُ الفَصْلِ﴾ [المرسلات: ١٤] أيْ: بَيْنَ السُّعَداءِ والأشْقِياءِ. والِاسْتِفْهامُ كِنايَةٌ عَنْ تَهْوِيلِهِ وتَعْظِيمِهِ. ﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥] أيْ: بِيَوْمِ الفَصْلِ، كَما قالَ في سُورَةِ المُطَفِّفِينَ: ﴿الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المطففين: ١١] والتَّكْذِيبُ بِهِ إنْكارُ البَعْثِ لَهُ والحَشْرِ إلَيْهِ. (p-٦٠٢٣)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب