الباحث القرآني
(p-٥٩٥٧)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ المُزَّمِّلِ
قالَ المَهايِمِيُّ: سُمِّيَتْ بِهِ لِدَلالَتِهِ عَلى عِظَمِ أمْرِ الوَحْيِ؛ لِأنَّ أقْوى الخَلائِقِ كانَ يَرْتَعِدُ عِنْدَهُ فَيَتَزَمَّلُ.
وهِيَ مَكِّيَّةٌ، قِيلَ: إلّا قَوْلَهُ تَعالى: إنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ إلى آخِرِ السُّورَةِ، وآيُها عِشْرُونَ.
(p-٥٩٥٨)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[١ - ٤] ﴿يا أيُّها المُزَّمِّلُ﴾ ﴿قُمِ اللَّيْلَ إلا قَلِيلا﴾ [المزمل: ٢] ﴿نِصْفَهُ أوِ انْقُصْ مِنهُ قَلِيلا﴾ [المزمل: ٣] ﴿أوْ زِدْ عَلَيْهِ ورَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلا﴾ [المزمل: ٤]
﴿يا أيُّها المُزَّمِّلُ﴾ أيِ: المُتَزَمِّلُ. مِن تَزَمَّلَ بِثِيابِهِ إذا تَلَفَّفَ بِها. فَأدْغَمَ التّاءَ في الزّايِ؛ خُوطِبَ ﷺ بِحِكايَةِ حالِهِ وقْتَ نُزُولِ الوَحْيِ، مُلاطَفَةً وتَأْنِيسًا وتَنْشِيطًا لِلتَّشَمُّرِ لِقِيامِ اللَّيْلِ، وقِيلَ: مَعْناهُ المُتَحَمِّلُ أعْباءَ النُّبُوَّةِ، مِن تَزَمَّلَ الزِّمْلَ، إذا تَحَمَّلَ الحِمْلَ؛ فَفِيهِ اسْتِعارَةٌ، شَبَّهَ إجْراءَ التَّبْلِيغِ بِتَحَمُّلِ الحَمْلِ الثَّقِيلِ، بِجامِعِ المَشَقَّةِ.
قالَ الشِّهابُ: وأُورِدَ عَلَيْهِ أنَّهُ مَعَ صِحَّةِ المَعْنى الحَقِيقِيِّ، واعْتِضادِهِ بِالأحادِيثِ الصَّحِيحَةِ، لا وجْهَ لِادِّعاءِ التَّجَوُّزِ فِيهِ.
وقَدْ يُجابُ بِأنَّ الأحادِيثَ رُوِيَتْ في نُزُولِ سُورَةِ المُدَّثِّرِ، لا في هَذِهِ السُّورَةِ، كَما سَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ، إلّا أنْ يُقالَ: هُما بِمَعْنًى واحِدٍ.
﴿قُمِ اللَّيْلَ﴾ [المزمل: ٢] أيْ: فِيهِ لِلصَّلاةِ، ودَعِ التَّزَمُّلَ لِلْهُجُوعِ ﴿إلا قَلِيلا﴾ [المزمل: ٢] أيْ: بِحُكْمِ الضَّرُورَةِ لِلِاسْتِراحَةِ، ومَصالِحِ البَدَنِ الَّتِي لا يُمْكِنُ بَقاؤُهُ بِدُونِها.
ثُمَّ بَيَّنَ تَعالى قَدْرَ القِيامِ مُخَيِّرًا لَهُ بِقَوْلِهِ:
﴿نِصْفَهُ﴾ [المزمل: ٣] أيْ: نِصْفَ اللَّيْلِ بَدَلٌ مِنَ اللَّيْلِ.
﴿أوِ انْقُصْ مِنهُ﴾ [المزمل: ٣] أيْ: مِنَ النِّصْفِ ﴿قَلِيلا﴾ [المزمل: ٣] أيْ: إلى الثُّلْثِ.
﴿أوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾ [المزمل: ٤] أيِ: النِّصْفَ إلى الثُّلْثَيْنِ، والمَقْصُودُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ قِيامِ النِّصْفِ وما فَوْقَهُ وما دُونَهُ. ولا يُقالُ: كَيْفَ يَكُونُ النِّصْفُ قَلِيلًا وهو مُساوٍ لِلنِّصْفِ الآخَرِ؟ لِأنَّ القِلَّةَ بِالنِّسْبَةِ إلى الكُلِّ، لا إلى عَدِيلِهِ.
(p-٥٩٥٩)﴿ورَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلا﴾ [المزمل: ٤] أيْ: بَيِّنْهُ تَبْيِينًا، وتَرَسَّلْ فِيهِ تَرَسُّلًا.
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: تَرْتِيلُ القُرْآنِ قِراءَتُهُ عَلى تَرَسُّلٍ وتُؤَدَةٍ، بِتَبْيِينِ الحَرْفِ، وإشْباعِ الحَرَكاتِ، حَتّى يَجِيءَ المَتْلُوُّ مِنهُ شَبِيهًا بِالثَّغْرِ المُرَتِّلِ، وهو المُفَلَّجُ المُشَبَّهُ بِنُورِ الأُقْحُوانِ، وأنْ لا يَهُذَّهُ هَذا، ولا يَسْرُدَهُ سَرْدًا.
تَنْبِيهٌ:
قالَ السُّيُوطِيُّ: في الآيَةِ اسْتِحْبابُ تَرْتِيلِ القِراءَةِ، وأنَّهُ أفْضَلُ مِنَ الهَذِّ بِهِ، وهو واضِحٌ.
وقَدْ ثَبَتَ في السُّنَّةِ أنَّهُ ﷺ ««كانَ يُقَطِّعُ قِراءَتَهُ آيَةً آيَةً، وأنَّها كانَتْ مُفَسَّرَةً حَرْفًا حَرْفًا، وأنَّهُ كانَ يَقِفُ عَلى رُؤُوسِ الآيِ»» .
واسْتُدِلَّ بِالآيَةِ عَلى أنَّ التَّرْتِيلَ والتَّدَبُّرَ، مَعَ قِلَّةِ القِراءَةِ أفْضَلُ مِن سُرْعَةِ القِراءَةِ مَعَ كَثْرَتِها؛ لِأنَّ المَقْصُودَ مِنَ القُرْآنِ فَهْمُهُ وتَدَبُّرُهُ، والفِقْهُ فِيهِ، والعَمَلُ بِهِ.
قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لا تَهُذُّوا القُرْآنَ هَذَّ الشِّعْرِ، ولا تَنْثُرُوهُ نَثْرَ الدَّقَلِ، قِفُوا عِنْدَ عَجائِبِهِ، وحَرِّكُوا بِهِ القُلُوبَ، ولا يَكُنْ هَمُّ أحَدِكم آخِرَ السُّورَةِ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ","قُمِ ٱلَّیۡلَ إِلَّا قَلِیلࣰا","نِّصۡفَهُۥۤ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِیلًا","أَوۡ زِدۡ عَلَیۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِیلًا"],"ayah":"نِّصۡفَهُۥۤ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِیلًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق