الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٩١] ﴿فَأخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأصْبَحُوا في دارِهِمْ جاثِمِينَ﴾ ﴿فَأخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ " أيِ الزَّلْزَلَةُ الشَّدِيدَةُ. قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: أخْبَرَ تَعالى هُنا أنَّهم أخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ، كَما أرَجَفُوا شُعَيْبًا وأصْحابَهُ وتَوَعَّدُوهم بِالجَلاءِ، كَما أخْبَرَ عَنْهم في سُورَةِ هُودٍ، فَقالَ: ﴿ولَمّا جاءَ أمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْبًا والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنّا وأخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ [هود: ٩٤] والمُناسَبَةُ هُناكَ -واللَّهُ أعْلَمُ- أنَّهم لَمّا تَهَكَّمُوا بِهِ في قَوْلِهِمْ ﴿أصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ﴾ [هود: ٨٧] الآيَةَ، فَجاءَتِ الصَّيْحَةُ فَأسْكَتَتْهم. وقالَ تَعالى في الشُّعَراءِ: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأخَذَهم عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء: ١٨٩] وما ذاكَ إلّا لِأنَّهم قالُوا لَهُ في سِياقِ القِصَّةِ: ﴿فَأسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفًا مِنَ السَّماءِ﴾ [الشعراء: ١٨٧] الآيَةَ (p-٢٨٢١)فَأخْبَرَ أنَّهُ أصابَهم عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ. وقَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ كُلُّهُ، أصابَهم عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، وهي سَحابَةٌ أظَلَّتْهُمْ، فِيها شَرَرٌ مِن نارٍ ولَهَبٍ ووَهَجٍ عَظِيمٍ، ثُمَّ جاءَتْهم صَيْحَةٌ مِنَ السَّماءِ، ورَجْفَةٌ مِنَ الأرْضِ شَدِيدَةٌ مِن أسْفَلَ مِنهُمْ، فَزَهِقَتِ الأرْواحُ، وفاضَتِ النُّفُوسُ، وخَمَدَتِ الأجْسامُ. ﴿فَأصْبَحُوا في دارِهِمْ﴾ " أيْ: مَدِينَتِهِمْ ﴿جاثِمِينَ﴾ " أيْ ساقِطِينَ مَيِّتِينَ، لا يَنْتَفِعُونَ بِرُؤُوسِ أمْوالِهِمْ ولا بِزَوائِدِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب