الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٢٠] ﴿فَوَسْوَسَ لَهُما الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِن سَوْآتِهِما وقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلا أنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أوْ تَكُونا مِنَ الخالِدِينَ﴾
﴿فَوَسْوَسَ لَهُما الشَّيْطانُ﴾ " أيْ: إبْلِيسُ بِأكْلِ الشَّجَرَةِ مُخَيِّلًا لَهُما النَّفْعَ ﴿لِيُبْدِيَ لَهُما﴾ " أيْ: يُظْهِرُ لَهُما ﴿ما وُورِيَ﴾ " أيْ: سُتِرَ ﴿عَنْهُما مِن سَوْآتِهِما﴾ " أيْ: عَوْراتِهِما واللّامُ في ﴿لِيُبْدِيَ﴾ " إمّا لِلْعاقِبَةِ، لِأنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ صُدُورَهُ مِنهُما، أيْ: فَكانَ عاقِبَةُ وسْوَسَتِهِ أنْ أظْهَرَ سَوْآتِهِما، أوْ لِلتَّعْلِيلِ والغَرَضِ، وهو الأصْلُ فِيها، بِناءً عَلى حَدْسِهِ أوْ عِلْمِهِ بِطَرِيقٍ ما.
تَنْبِيهٌ:
فِي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ كَشْفَ العَوْرَةِ مِن عَظائِمِ الأُمُورِ، وأنَّهُ مُسْتَهْجَنٌ في الطِّباعِ، ولِذَلِكَ سُمِّيَتْ سَوْأةً، لِأنَّهُ يَسُوءُ صاحِبَها..
(p-٢٦٤٠)قالَ الحاكِمُ: وقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ بِالآيَةِ عَلى وُجُوبِ سَتْرِ العَوْرَةِ، وأنَّهُ كانَ في شَرِيعَةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ.
قالَ القاضِي: لا دَلِيلَ في الآيَةِ عَلى الوُجُوبِ، لِأنَّهُ لَيْسَ فِيها إلّا أنَّهُما فَعَلا ذَلِكَ.
قالَ الأصَمُّ: في الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّهُما كَرِها التَّعَرِّيَ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُما ثالِثٌ، فَفي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلى قُبْحِ التَّعَرِّي، وإنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ المُتَعَرِّي أحَدٌ، إلّا لِحاجَةٍ.
﴿وقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلا أنْ تَكُونا﴾ أيْ: إلّا كَراهَةَ أنْ تَكُونا ﴿مَلَكَيْنِ أوْ تَكُونا مِنَ الخالِدِينَ﴾ أيْ: مِنَ الَّذِينَ لا يَمُوتُونَ ويَبْقُونَ في الجَنَّةِ ساكِنِينَ.
وقَدَ اسْتَدَلَّ بِهَذا مَن رَأى تَفْضِيلَ المَلائِكَةِ عَلى الأنْبِياءِ، لِارْتِكابِهِما ذَلِكَ طَمَعًا في نَيْلِ ما ذُكِرَ، وأجابَ، مَن لَمْ يَرَ هَذا، بِاحْتِمالِ أنْ تَكُونَ هَذِهِ الواقِعَةُ قَبْلَ نُبُوَّةِ آدَمَ. ولَئِنْ كانَتْ بَعْدَها، فَلَعَلَّ آدَمَ رَغِبَ في المِلْكِيَّةِ لِلْقُوَّةِ والشِّدَّةِ والقُدْرَةِ، أوْ لِخِلْقَةِ الذّاتِ، بِأنْ يَصِيرَ جَوْهَرًا نُورانِيًّا -أشارَ لَهُ الرّازِيُّ -.
وقالَ النّاصِرُ: لا يَلْزَمُ مِنِ اعْتِقادِ إبْلِيسَ لِذَلِكَ ووَسْوَسَتِهِ بِأنَّ المَلائِكَةَ أفْضَلُ، أنْ يَكُونَ الأمْرُ كَذَلِكَ في عِلْمِهِ تَعالى، ألا تَرى إبْلِيسَ قَدْ أخْبَرَ أنَّ اللَّهَ تَعالى مَنَعَهُما مِنَ الشَّجَرَةِ حَتّى لا يَخْلُدا أوْ لا يَكُونا مَلَكَيْنِ، وهو في ذَلِكَ كاذِبٌ مُبْطِلٌ فَلا دَلِيلَ فِيهِ إذًا، ولَيْسَ في الآيَةِ ما يُوجِبُ تَقْرِيرَ اللَّهِ تَعالى لِإبْلِيسَ عَلى ذَلِكَ، ولا تَصْدِيقَهُ فِيهِ، بَلْ خُتِمَتِ الآيَةُ بِما يَدُلُّ عَلى أنَّهُ كَذَبَ لَهُما وغَرَّهُما، إذْ قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿فَدَلاهُما بِغُرُورٍ﴾ [الأعراف: ٢٢] " فَلَعَلَّ تَفْضِيلَهُ المَلائِكَةَ عَلى النُّبُوَّةِ مِن جُمْلَةِ غُرُورِهِ -انْتَهى.
قالَ السُّيُوطِيُّ في (الإكْلِيلِ): وأنا أقُولُ: لا أزالُ أتَعَجَّبُ مِمَّنْ أخَذَ يَسْتَدِلُّ مِن هَذِهِ الآيَةِ. والكَلامُ الَّذِي فِيها، حَكاهُ اللَّهُ تَعالى عَنْ قَوْلِ إبْلِيسَ في مَعْرِضِ المُناداةِ عَلَيْهِ بِالكَذِبِ والغُرُورِ والزُّورِ والتَّدْلِيسِ، وإنَّما يُسْتَدَلُّ مِن كَلامِهِ تَعالى، أوْ مِن كَلامٍ حَكاهُ عَنْ بَعْضِ أنْبِيائِهِ. وإنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، فَكَلامٌ حَكاهُ راضِيًا بِهِ مُقِرًّا لَهُ -انْتَهى.
عَلى أنَّهُ قُرِئَ (مَلِكَيْنِ) بِكَسْرِ اللّامِ، كانَ يَقْرَؤُها كَذَلِكَ ابْنُ عَبّاسٍ ويَحْيى بْنُ أبِي (p-٢٦٤١)كَثِيرٍ. قالَ الواحِدِيُّ: إنَّما أتاهُما إبْلِيسُ مِن جِهَةِ المُلْكِ. ويَدُلُّ عَلى هَذا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هَلْ أدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الخُلْدِ ومُلْكٍ لا يَبْلى﴾ [طه: ١٢٠] انْتَهى.
والقِراءَةُ الشّاذَّةُ قَدْ تَكُونُ تَفْسِيرًا لِلْمُتَواتِرَةِ، كَما لا يَخْفى، وبِهِ يَنْدَفِعُ ما لِلرّازِيِّ هُنا.
{"ayah":"فَوَسۡوَسَ لَهُمَا ٱلشَّیۡطَـٰنُ لِیُبۡدِیَ لَهُمَا مَا وُۥرِیَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَ ٰ تِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّاۤ أَن تَكُونَا مَلَكَیۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَـٰلِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق