الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١٩٦] ﴿إنَّ ولِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَـزَّلَ الكِتابَ وهو يَتَوَلّى الصّالِحِينَ﴾ " ﴿إنَّ ولِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَـزَّلَ الكِتابَ﴾ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ المُبالاةِ، المُنْفَهِمُ مِنَ السُّوقِ انْفِهامًا جَلِيًّا. أيِ: الَّذِي يَتَوَلّى حِفْظِي ونُصْرَتِي هو اللَّهُ الَّذِي أنْزَلَ الكِتابَ، المُشْتَمِلَ عَلى هَذِهِ العُلُومِ العَظِيمَةِ النّافِعَةِ. قالَ أبُو السُّعُودِ: ووَصْفُهُ تَعالى بِتَنْزِيلِ الكِتابِ، لِلْإشْعارِ بِدَلِيلِ الوِلايَةِ، والإشارَةِ إلى عِلَّةٍ أُخْرى لِعَدَمِ المُبالاةِ، كَأنَّهُ قِيلَ: لا أُبالِي بِكم وبِشُرَكائِكُمْ، لِأنَّ ولِيِّيَ هو اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الكِتابَ النّاطِقَ بِأنَّهُ ولِيِّي وناصِرِي، وبِأنَّ شُرَكاءَكم لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أنْفُسِهِمْ، فَضْلًا عَنْ نَصْرِكم. وقَوْلُهُ تَعالى " ﴿وهُوَ يَتَوَلّى الصّالِحِينَ﴾ تَذْيِيلٌ مُقَرِّرٌ لِما قَبْلَهُ. أيْ ومِن عادَتِهِ أنْ يَتَوَلّى الصّالِحِينَ مِن عِبادِهِ، ويَنْصُرُهم ولا يَخْذُلُهم. وفِيهِ تَعْرِيضٌ، لِمَن فَقَدَ الصَّلاحَ، بِالخِذْلانِ والمَحْقِ. قالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: إنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا يُخَوِّفُونَ الرَّسُولَ ﷺ بِآلِهَتِهِمْ، فَقالَ تَعالى: " ﴿ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ﴾ [الأعراف: ١٩٥] الآيَةَ، لِيُظْهِرَ لَكم أنَّهُ لا قُدْرَةَ لَها عَلى إيصالِ المَضارِّ إلَيَّ، بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ. وهَذا كَما قالَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلامُ، لَمّا قالَ قَوْمُهُ: ﴿إنْ نَقُولُ إلا اعْتَراكَ (p-٢٩٢٨)بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ واشْهَدُوا أنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ﴾ [هود: ٥٤] ﴿مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ﴾ [هود: ٥٥] ﴿إنِّي تَوَكَّلْتُ عَلى اللَّهِ رَبِّي ورَبِّكُمْ﴾ [هود: ٥٦] الآيَةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب