الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[١٣٧] ﴿وأوْرَثْنا القَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الأرْضِ ومَغارِبَها الَّتِي بارَكْنا فِيها وتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الحُسْنى عَلى بَنِي إسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا ودَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وقَوْمُهُ وما كانُوا يَعْرِشُونَ﴾
﴿وأوْرَثْنا القَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ﴾ " أيْ بِالِاسْتِعْبادِ وقَتْلِ الأبْناءِ، وفي التَّعْبِيرِ عَنْهم بِهَذا، إظْهارٌ لِكَمالِ لُطْفِهِ تَعالى بِهِمْ، وعَظِيمِ إحْسانِهِ إلَيْهِمْ، في رَفْعِهِمْ مِن حَضِيضِ المَذَلَّةِ إلى أوْجِ العِزَّةِ. ﴿مَشارِقَ الأرْضِ ومَغارِبَها﴾ " أيِ الأرْضُ المُقَدَّسَةُ، أيْ جَوانِبُها الشَّرْقِيَّةُ والغَرْبِيَّةُ، حَيْثُ مَلَكَها بَنُو إسْرائِيلَ بَعْدَ الفَراعِنَةِ والعَمالِقَةِ، وتَصَرَّفُوا في أكْنافِها حَيْثُ شاءُوا. وقَوْلُهُ تَعالى ﴿الَّتِي بارَكْنا فِيها﴾ " أيْ بِالخِصْبِ وسِعَةِ الأرْزاقِ. ﴿وتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الحُسْنى عَلى بَنِي إسْرائِيلَ﴾ أيْ مَضَتْ واسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِمْ، وهي وعْدُهُ إيّاهم بِالنَّصْرِ والتَّمْكِينِ. ﴿بِما صَبَرُوا﴾ " أيْ بِسَبَبِ صَبْرِهِمْ عَلى الشَّدائِدِ الَّتِي كابَدُوها مِن فِرْعَوْنِ وقَوْمِهِ.
(p-٢٨٤٥)قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وحَسْبُكَ بِهِ حاثًّا عَلى الصَّبْرِ، ودالًّا عَلى أنَّ مَن قابَلَ البَلاءَ بِالجَزَعِ، وكُلَّهُ اللَّهُ إلَيْهِ، ومَن قابَلَهُ بِالصَّبْرِ وانْتِظارِ النَّصْرِ، ضَمِنَ اللَّهُ لَهُ الفَرَجَ.
وعَنِ الحَسَنِ: عَجِبْتُ مِمَّنْ خَفَّ كَيْفَ خَفَّ، وقَدْ سَمِعَ قَوْلَهُ تَعالى - وتَلا الآيَةَ- ومَعْنى خَفَّ طاشَ جَزَعًا وقِلَّةَ صَبْرٍ، ولَمْ يَرْزُنْ أُولِي الصَّبْرِ.
﴿ودَمَّرْنا﴾ " أيْ خَرَّبْنا وأهْلَكْنا ﴿ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ﴾ " ﴿وقَوْمُهُ﴾ أيْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ويُسَوُّونَ مِنَ العِماراتِ وبِناءِ القُصُورِ: ﴿وما كانُوا يَعْرِشُونَ﴾ " (بِكَسْرِ الرّاءِ وضَمِّها)، أيْ مِنَ الجَنّاتِ. أوْ ما كانُوا يَرْفَعُونَ مِنَ الأبْنِيَةِ المُشَيَّدَةِ في السَّماءِ، كَصَرْحِ هامانَ، وهَذا كَما قالَ تَعالى: ﴿ونُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا في الأرْضِ ونَجْعَلَهم أئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الوارِثِينَ﴾ [القصص: ٥] ﴿ونُمَكِّنَ لَهم في الأرْضِ ونُرِيَ فِرْعَوْنَ وهامانَ وجُنُودَهُما مِنهم ما كانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القصص: ٦] وقالَ تَعالى: ﴿كَمْ تَرَكُوا مِن جَنّاتٍ وعُيُونٍ﴾ [الدخان: ٢٥] ﴿وزُرُوعٍ ومَقامٍ كَرِيمٍ﴾ [الدخان: ٢٦] ﴿ونَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ﴾ [الدخان: ٢٧] ﴿كَذَلِكَ وأوْرَثْناها قَوْمًا آخَرِينَ﴾ [الدخان: ٢٨]
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وهَذا آخِرُ ما اقْتَصَّ اللَّهُ مِن نَبَأِ فِرْعَوْنَ والقِبْطِ، وتَكْذِيبِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ، وظُلْمِهِمْ ومَعاصِيهِمْ، ثُمَّ أتْبَعَهُ اقْتِصاصَ نَبَأِ بَنِي إسْرائِيلَ، وما أحْدَثُوهُ بَعْدَ إنْقاذِهِمْ مِن مُلْكَةِ فِرْعَوْنَ واسْتِعْبادِهِ، ومُعايَنَتِهِمُ الآياتِ العِظامَ، ومُجاوَزَتِهِمُ البَحْرَ مِن عِبادَةِ البَقَرِ، وطَلَبِ رُؤْيَةِ اللَّهِ جَهْرَةً، وغَيْرَ ذَلِكَ مِن أنْواعِ الكُفْرِ والمَعاصِي، لِيَعْلَمَ حالَ الإنْسانِ وأنَّهُ كَما وصَفَهُ ﴿لَظَلُومٌ كَفّارٌ﴾ [إبراهيم: ٣٤] "، جَهُولٌ كَنُودٌ، إلّا مَن عَصَمَهُ اللَّهُ: ﴿وقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبإ: ١٣] ولِيُسَلِّيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِمّا أُرِي مِن بَنِي إسْرائِيلَ بِالمَدِينَةِ، فَقالَ تَعالى:
(p-٢٨٤٦)
{"ayah":"وَأَوۡرَثۡنَا ٱلۡقَوۡمَ ٱلَّذِینَ كَانُوا۟ یُسۡتَضۡعَفُونَ مَشَـٰرِقَ ٱلۡأَرۡضِ وَمَغَـٰرِبَهَا ٱلَّتِی بَـٰرَكۡنَا فِیهَاۖ وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلۡحُسۡنَىٰ عَلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ بِمَا صَبَرُوا۟ۖ وَدَمَّرۡنَا مَا كَانَ یَصۡنَعُ فِرۡعَوۡنُ وَقَوۡمُهُۥ وَمَا كَانُوا۟ یَعۡرِشُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق