الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١٢٨] ﴿قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ واصْبِرُوا إنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ والعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ " ﴿قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ واصْبِرُوا﴾ أيْ عَلى أذاهم ﴿إنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها﴾ " أيْ يُعْطِيها ﴿مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ والعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ " يَعْنِي أنَّ النَّصْرَ والظَّفَرَ لِلْمُتَّقِينَ عَلى عَدُوِّهِمْ. وكانَ تَعالى وعَدَ مُوسى بِأنَّهُ سَيَطْرُدُ المِصْرِيِّينَ مِن أرْضِهِمْ، ويُهْلِكُهم ويُنَجِّي قَوْمَهُ مِن عَذابِ آلِ فِرْعَوْنَ لَهم. تَنْبِيهٌ: قالَ الجَمْشِيُّ: تَدُلُّ الآياتُ عَلى أنَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ لَمّا عَجَزُوا عَنْ مُوسى في آياتِهِ، عَدَلُوا إلى إغْراءِ فِرْعَوْنَ بِمُوسى، وأوْهَمُوهُ أنَّ تَرْكَهُ فَسادٌ في الأرْضِ، وأنَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ أوْعَدَهُ. وذَلِكَ مِن أدَلِّ الدَّلِيلِ عَلى نُبُوَّةِ مُوسى، لِأنَّ قَتْلَ صاحِبِ المُعْجِزَةِ لا يَقْدَحُ في مُعْجِزَتِهِ، ولِهَذا قالَ مَشايِخُنا: إنَّ العَرَبَ لَمّا عَدَلُوا عَنْ مُعارَضَةِ القُرْآنِ، الَّتِي في إيرادِها إبْطالُ أمْرِ النَّبِيِّ ﷺ، إلى القِتالِ، الَّذِي لا يُفِيدُ ذَلِكَ، دَلَّ عَلى عَجْزِهِمْ. وهَكَذا حالُ كُلِّ ضالٍّ مُبْتَدِعٍ، إذا أعْيَتْهُ الحُجَّةُ، عَدَلَ إلى التَّهْدِيدِ والوَعِيدِ، وتَدُلُّ عَلى أنَّ عِنْدَ الخَوْفِ مِنَ الظَّلَمَةِ يَجِبُ الفَزَعُ إلى اللَّهِ تَعالى، والِاسْتِعانَةُ بِهِ والصَّبْرُ. ولا مَفْزَعَ إلّا في هَذَيْنِ: وهو الِانْقِطاعُ إلى اللَّهِ تَعالى بِطَلَبِ المَعُونَةِ في الدَّفْعِ، واللُّطْفُ لَهُ في الصَّبْرِ. وتَدُلُّ عَلى أنَّ العاقِبَةَ المَحْمُودَةَ تُنالُ بِالتَّقْوى، وهي اتِّقاءُ الكَبائِرِ والمَعاصِي. انْتَهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب