الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٤ - ٨] ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وعادٌ بِالقارِعَةِ﴾ ﴿فَأمّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطّاغِيَةِ﴾ [الحاقة: ٥] ﴿وأمّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦] (p-٥٩١٢)﴿سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وثَمانِيَةَ أيّامٍ حُسُومًا فَتَرى القَوْمَ فِيها صَرْعى كَأنَّهم أعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧] ﴿فَهَلْ تَرى لَهم مِن باقِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٨] ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وعادٌ بِالقارِعَةِ﴾ أيْ: بِالسّاعَةِ الَّتِي تَقْرَعُ النّاسَ بِأهْوالِها وهُجُومِها عَلَيْهِمْ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ووُضِعَتْ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِتَدُلَّ عَلى مَعْنى القَرْعِ في الحاقَّةِ، زِيادَةً في وصْفِ شِدَّتِها. ولَمّا ذَكَرَها وفَخَّمَها أتْبَعَ ذِكْرَ ذَلِكَ مَن كَذَّبَ بِها، وما حَلَّ بِهِمْ بِسَبَبِ التَّكْذِيبِ، تَذْكِيرًا لِأهْلِ مَكَّةَ، وتَخْوِيفًا لَهم مِن عاقِبَةِ تَكْذِيبِهِمْ. ﴿فَأمّا ثَمُودُ﴾ [الحاقة: ٥] وهم قَوْمُ صالِحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿فَأُهْلِكُوا بِالطّاغِيَةِ﴾ [الحاقة: ٥] أيْ: بِالواقِعَةِ المُجاوِزَةِ لِلْحَدِّ في الشِّدَّةِ، أوْ بِطُغْيانِهِمْ، و(الطّاغِيَةُ) مَصْدَرٌ كالعافِيَةِ. ﴿وأمّا عادٌ﴾ [الحاقة: ٦] وهم قَوْمُ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ﴾ [الحاقة: ٦] أيْ: شَدِيدَةِ العُصُوفِ والبَرْدِ ﴿عاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٦] أيْ: مُتَجاوِزَةٍ الحَدَّ المَعْرُوفَ في الهُبُوبِ والبُرُودَةِ. ﴿سَخَّرَها﴾ [الحاقة: ٧] أيْ: سَلَّطَها ﴿عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وثَمانِيَةَ أيّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] أيْ: مُتَتابِعاتٍ مِن حَسَمْتُ الدّابَّةَ، إذا تابَعْتَ بَيْنَ كَيِّها. شَبَّهَ تَتابُعَ الرِّيحِ المُسْتَأْصِلَةِ بِتَتابُعِ الكَيِّ القاطِعِ لِلدّاءِ. أوْ مَعْناهُ: نَحِساتٍ، حَسَمَتْ كُلَّ خَيْرٍ واسْتَأْصَلَتْهُ، أوْ قاطِعاتٍ، قَطَعَتْ دابِرَهم. هَذا عَلى أنَّ ﴿حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] جَمْعُ حاسِمٍ، كَشُهُودٍ وقُعُودٍ. فَإنْ كانَ مَصْدَرًا فَنَصْبُهُ بِمُضْمَرٍ، أيْ: تَحْسِمُ حُسُومًا، أوْ بِأنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ، أيْ: سَخَّرَها عَلَيْهِمْ لِلْحُسُومِ، أيِ: الِاسْتِئْصالِ، وقَدْ قِيلَ: إنَّ تِلْكَ الأيّامَ هي أيّامُ العَجُزِ. والعامَّةُ تَقُولُ: العَجُوزُ وهي الَّتِي تَكُونُ في عَجُزِ الشِّتاءِ، أيْ: آخِرِهِ. ﴿فَتَرى القَوْمَ فِيها صَرْعى﴾ [الحاقة: ٧] أيْ: هَلْكى، جَمْعُ صَرِيعٍ ﴿كَأنَّهم أعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧] أيْ: ساقِطَةٍ مُجْتَثَّةٍ مِن أُصُولِها كَآيَةِ: ﴿كَأنَّهم أعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ [القمر: ٢٠] ﴿فَهَلْ تَرى لَهم مِن باقِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٨] أيْ: بَقاءٍ، أوْ نَفْسٍ باقِيَةٍ، أوْ بَقِيَّةٍ. (p-٥٩١٣)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب