الباحث القرآني

(p-٥٨٩١)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ القَلَمِ وتُسَمّى سُورَةَ القَلَمِ. وهي مَكِّيَّةٌ. وآيُها اثْنَتانِ وخَمْسُونَ. (p-٥٨٩٢)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١ - ٤] ﴿ن والقَلَمِ وما يَسْطُرُونَ﴾ ﴿ما أنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ [القلم: ٢] ﴿وإنَّ لَكَ لأجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ [القلم: ٣] ﴿وإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤] ﴿ن﴾ بِالسُّكُونِ عَلى الوَقْفِ: اسْمٌ لِلْحَرْفِ المَعْرُوفِ، قُصِدَ بِهِ التَّحَدِّي. أوِ اسْمٌ لِلسُّورَةِ، مَنصُوبٌ بِ: اذْكُرْ، أوْ مَرْفُوعٌ خَبَرًا لِمَحْذُوفٍ ﴿والقَلَمِ﴾ أيِ: الَّذِي يُخَطُّ بِهِ ﴿وما يَسْطُرُونَ﴾ أيْ: يَكْتُبُونَ. و" ما " مَصْدَرِيَّةٌ أوْ مَوْصُولَةٌ. وقَوْلُهُ: ﴿ما أنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ [القلم: ٢] جَوابُ القَسَمِ، قُصِدَ بِهِ تَكْذِيبُ المُشْرِكِينَ في إفْكِهِمُ المُحَدَّثِ عَنْهُ بِآيَةِ: ﴿وقالُوا يا أيُّها الَّذِي نُـزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ [الحجر: ٦] قالَ الزَّجّاجُ: " أنْتَ " هو اسْمُ " ما "، و" بِمَجْنُونٍ " الخَبَرُ. وقَوْلُهُ: " بِنِعْمَةِ رَبِّكَ " كَلامٌ وقَعَ في البَيْنِ. والمَعْنى: انْتَفى عَنْكَ الجُنُونُ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ، كَما يُقالُ: أنْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ عاقِلٌ، وأنْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهِمٌ. ومَعْناهُ: أنَّ تِلْكَ الصِّفَةَ المَحْمُودَةَ إنَّما حَصَلَتْ، والصِّفَةَ المَذْمُومَةَ إنَّما زالَتْ بِواسِطَةِ إنْعامِ اللَّهِ ولُطْفِهِ وإكْرامِهِ؛ فالباءُ في " بِنِعْمَةِ " مُتَعَلِّقَةٌ بِمَعْنى النَّفْيِ المَدْلُولِ عَلَيْهِ بِ: " ما " والباءُ في " بِمَجْنُونٍ " زائِدَةٌ. ﴿وإنَّ لَكَ لأجْرًا﴾ [القلم: ٣] أيْ: ثَوابًا عَلى أذى المُشْرِكِينَ واحْتِمالِ هَذا الطَّعْنِ والصَّبْرِ عَلَيْهِ ﴿غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ [القلم: ٣] أيْ: غَيْرُ مَنقُوصٍ ولا مَقْطُوعٍ. (p-٥٨٩٣)قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: مِن قَوْلِهِمْ: (حَبْلٌ مَنِينٌ)، إذا كانَ ضَعِيفًا، وقَدْ ضَعُفَتْ مِنَّتُهُ، أيْ: قُوَّتُهُ. أوْ غَيْرُ مَمْنُونٍ بِهِ عَلَيَّ، زِيادَةً في العِنايَةِ بِهِ ﷺ، والتَّنْوِيهِ بِمَقامِهِ. ﴿وإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤] قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أيْ: أدَبٍ عَظِيمٍ، وذَلِكَ أدَبُ القُرْآنِ الَّذِي أدَّبَهُ اللَّهُ بِهِ، وهو الإسْلامُ وشَرائِعُهُ. قالَتْ عائِشَةُ: ««كانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ القُرْآنَ»»، أيْ: كَما هو في القُرْآنِ. قالَ الرّازِيُّ: وهَذا كالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ: ﴿بِنِعْمَةِ رَبِّكَ﴾ [القلم: ٢] والدَّلالَةِ القاطِعَةِ عَلى بَراءَتِهِ مِمّا رُمِيَ بِهِ؛ لِأنَّ الأخْلاقَ الحَمِيدَةَ والأفْعالَ المَرْضِيَّةَ، والفَصاحَةَ التّامَّةَ، والعَقْلَ الكامِلَ، والبَراءَةَ مِن كُلِّ عَيْبٍ، والِاتِّصافَ بِكُلِّ مَكْرُمَةٍ، كانَتْ ظاهِرَةً مِنهُ. وإذا كانَتْ ظاهِرَةً مَحْسُوسَةً فَوُجُودُها يُنافِي حُصُولَ الجُنُونِ؛ فَكَذَبَ مَن أضافَهُ إلَيْهِ وضَلَّ، بَلْ هو الأحْرى بِأنْ يُرْمى بِما قُذِفَ بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب