الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[١٠ - ١٣] ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلُّكم عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكم مِن عَذابٍ ألِيمٍ﴾ ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وتُجاهِدُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ بِأمْوالِكم وأنْفُسِكم ذَلِكم خَيْرٌ لَكم إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الصف: ١١] ﴿يَغْفِرْ لَكم ذُنُوبَكم ويُدْخِلْكم جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ ومَساكِنَ طَيِّبَةً في جَنّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ﴾ [الصف: ١٢] ﴿وأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وفَتْحٌ قَرِيبٌ وبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ﴾ [الصف: ١٣]
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلُّكم عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكم مِن عَذابٍ ألِيمٍ﴾ ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ [الصف: ١١] (p-٥٧٩٣)أيْ: إيمانًا يَقِينِيًّا لا يَشُوبُهُ أدْنى شَكٍّ ﴿وتُجاهِدُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ بِأمْوالِكم وأنْفُسِكم ذَلِكم خَيْرٌ لَكم إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الصف: ١١] أيْ: مِن أهْلِ العِلْمِ. أوْ أنَّهُ خَيْرٌ. فَإنْ قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ بِنَفْسِهِ عَلِمُوا أوَّلًا، وأيْضًا أنَّ عِلْمَهم مُحَقَّقٌ؛ إذِ الخِطابُ مَعَ المُؤْمِنِينَ. فالجَوابُ ما قالَهُ النّاصِرُ: أنَّ الشَّرْطَ لَيْسَ عَلى حَقِيقَتِهِ، بَلْ هو مِن وادِي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٧٨] والمَقْصُودُ بِهَذا الشَّرْطِ التَّنْبِيهُ عَلى المَعْنى الَّذِي يَقْتَضِي الِامْتِثالَ، وإلْهابَ الحَمِيَّةِ لِلطّاعَةِ، كَما تَقُولُ لِمَن تَأْمُرُهُ بِالِانْتِصافِ مِن عَدُوِّهِ: إنْ كُنْتَ حُرًّا فانْتَصِرْ. تُرِيدُ أنْ تُثِيرَ فِيهِ حَمِيَّةَ الِانْتِصارِ لا غَيْرَ. انْتَهى.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَغْفِرْ لَكم ذُنُوبَكُمْ﴾ [الصف: ١٢] جَوابٌ لِلْأمْرِ المَدْلُولِ عَلَيْهِ بِلَفْظِ الخَبَرِ. أوْ لِشَرْطٍ أوِ اسْتِفْهامٍ، دَلَّ عَلَيْهِ الكَلامُ؛ تَقْدِيرُهُ: إنْ تُؤْمِنُوا وتُجاهِدُوا. أوْ هَلْ تَقْبَلُونَ أنْ أدُلَّكُمْ، يَغْفِرُ لَكم ﴿ويُدْخِلْكم جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ ومَساكِنَ طَيِّبَةً في جَنّاتِ عَدْنٍ﴾ [الصف: ١٢] أيْ: بَساتِينَ إقامَةٍ لا ظَعْنَ عَنْها ﴿ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ﴾ [الصف: ١٢] أيِ: النَّجاءُ العَظِيمُ مِن نَكالِ الآخِرَةِ وأهْوالِها.
﴿وأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ [الصف: ١٣] أيْ: عاجِلٌ. وهو فَتْحُ مَكَّةَ. وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ السُّورَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ بِقَلِيلٍ. وكانَ القَصْدُ مِنها تَشْجِيعَ المُؤْمِنِينَ عَلى قِتالِ مُحارِبِيهِمْ، والثَّباتِ أمامَهُمْ، والتَّحْذِيرِ عَنِ الزَّيْغِ عَنْ ذَلِكَ، والتَّرْغِيبِ في السَّخاوَةِ بِبَذْلِ الأنْفُسِ والأمْوالِ، في سَبِيلِ الحَقِّ، لِإعْلاءِ شَأْنِهِ، وإزْهاقِ الباطِلِ. و" أُخْرى " مَفْعُولٌ لِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلى الجَوابَيْنِ قَبْلَهُ، وهو جَوابٌ ثالِثٌ. أيْ: ويُؤْتِكم أُخْرى أوْ صِفَةٌ لِمُبْتَدَأٍ مُقَدَّرٍ، وخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ. وهو لَكُمْ، أيْ: ولَكم إلى هَذِهِ النِّعْمَةِ المَذْكُورَةِ، نِعْمَةٌ أُخْرى عاجِلَةٌ مَحْبُوبَةٌ، وهي نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ لَكم عَلى أعْدائِكُمْ، وفَتْحٌ قَرِيبٌ يُعَجِّلُهُ لَكم.
﴿وبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ﴾ [الصف: ١٣] أيْ: بِنَصْرِهِ تَعالى لَهم وفَتْحِهِ. ومَن مَنَعَ مِنَ النُّحاةِ عَطْفَ الإنْشاءِ (p-٥٧٩٤)عَلى الخَبَرِ يَقُولُ: و" بَشِّرِ " مَعْطُوفٌ عَلى " تُؤْمِنُونَ "؛ لِأنَّهُ بِمَعْنى آمِنُوا. وضُعِّفَ بِأنَّ المُخاطَبَ بِ: " تُؤْمِنُونَ " المُؤْمِنُونَ، وبِ: " بَشِّرِ " النَّبِيُّ ﷺ. ثُمَّ إنَّ " تُؤْمِنُونَ " بَيانٌ لِما قَبْلَهُ، و" بَشِّرِ " لا يَصْلُحُ لِذَلِكَ. وأُجِيبَ بِأنَّهُ لا مانِعَ مِنَ العَطْفِ عَلى الجَوابِ، ما هو زِيادَةٌ عَلَيْهِ إذا ناسَبَهُ. وهَذا أوْلى عَلى الوُجُوهِ عِنْدَ صاحِبِ "الكَشْفِ"، كَتَقْدِيرِ: أبْشِرْ يا مُحَمَّدُ، و"بَشِّرْ"، وتَقْدِيرِ: قُلْ قَبْلَ: " يا أيُّها " وجَعْلِ: "بَشِّرْ" أمْرًا بِمَعْنى الخَبَرِ، كَما في قَوْلِهِ: أبْطِئِي أوْ أسْرِعِي.
{"ayahs_start":10,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَـٰرَةࣲ تُنجِیكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِیمࣲ","تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَـٰهِدُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَ ٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ","یَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡ وَیُدۡخِلۡكُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ وَمَسَـٰكِنَ طَیِّبَةࣰ فِی جَنَّـٰتِ عَدۡنࣲۚ ذَ ٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ","وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحࣱ قَرِیبࣱۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَـٰرَةࣲ تُنجِیكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِیمࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق