الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٥] ﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا واغْفِرْ لَنا رَبَّنا إنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ ﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا واغْفِرْ لَنا رَبَّنا إنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ قالَ مُجاهِدٌ: أيْ: لا تُعَذِّبْنا بِأيْدِيهِمْ، ولا بِعَذابٍ مِن عِنْدَكَ فَيَقُولُوا: لَوْ كانَ هَؤُلاءِ عَلى حَقٍّ ما أصابَهم هَذا. وكَذا قالَ قَتادَةُ، أيْ: لا تُظْهِرْهم عَلَيْنا فَيَفْتَتِنُوا بِذَلِكَ. يَرَوْنَ أنَّهم إنَّما ظَهَرُوا عَلَيْنا لِحَقٍّ هم عَلَيْهِ. انْتَهى. ومَآلُ هَذا الدُّعاءِ هو التَّعَوُّذُ مِن مِثْلِ ما صَنَعَ حاطِبٌ، مِمّا يُورِثُ افْتِتانَ المُشْرِكِينَ بِالدِّينِ؛ إذْ يَكُونُ ذَلِكَ مَدْعاةً لِقَوْلِهِمْ: لَوْ كانَ هَؤُلاءِ عَلى حَقٍّ، وما يُوعَدُونَ بِهِ مِنَ الظَّفَرِ حَقٌّ، لَما (p-٥٧٦٧)صانَعَنا مُؤْمِنُهُمْ، فَإذَنْ ما هم عَلَيْهِ أمانِيُّ. فَيَتَزَلْزَلُ مَن كانَ في نَفْسِهِ الِانْتِظامُ في سِلْكِهِمْ، والِاسْتِسْعادِ بِحَقِّهِمْ. فَفي الآيَةِ مَعْنى كَبِيرٌ، وتَأْدِيبٌ عَظِيمٌ. أيْ: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا نُهْمِلُ مِن دِينِنا ما أُمِرْنا بِهِ، أوْ نَتَساهَلُ فِيما عُزِمَ عَلَيْنا مِنهُ، حَتّى لا تَنْحَلَّ بِذَلِكَ قُوَّتُنا، ويَتَزَلْزَلَ عِمادُنا، ويُفْتَحَ لِعَدُوِّ الدِّينِ الِافْتِتانُ بِهِ؛ لِأنَّ المُؤْمِنِينَ ما دامُوا مُتَمَسِّكِينَ بِآدابِ الدِّينِ، مُحافِظِينَ عَلَيْها، قائِمِينَ بِها حَقَّ القِيامِ، فَإنَّ النَّصْرَ قائِدُهم والظَّفَرَ رائِدُهُمْ، ولِذا أصْبَحَ المُسْلِمُونَ في القُرُونِ الأخِيرَةِ بِحالِهِمْ حُجَّةً عَلى دِينِهِمْ أمامَ عَدُوِّهِمْ، ولا مُسْتَرَدَّ لِقَوْلِهِمْ، ومُسْتَعادَ لِمَجْدِهِمْ، إلّا بِالرُّجُوعِ إلى أصْلِ كِتابِهِمْ، والعِلْمِ بِآدابِهِ، والمُحافَظَةِ عَلى أحْكامِهِ، ونَبْذِ ما أُلْصِقَ بِهِ، مِمّا يُحَرِّفُ كَلِمَتَهُ، ويُجافِي حَقِيقَتَهُ، ولِلْحُكَماءِ في هَذا المَوْضُوعِ مَقالاتٌ مَعْرُوفَةٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب