الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١٥] ﴿قُلْ إنِّي أخافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ ﴿قُلْ إنِّي أخافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾ أيْ: بِمُخالَفَةِ أمْرِهِ ونَهْيِهِ أيَّ عِصْيانٍ. فَيَدْخُلُ فِيهِ ما ذُكِرَ دُخُولًا أوَّلِيًّا ﴿عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ يَعْنِي: عَذابَ يَوْمِ القِيامَةِ، الَّذِي تَظْهَرُ فِيهِ عَظَمَةُ القَهْرِ الإلَهِيِّ. وفي الآيَةِ مُبالَغَةٌ أُخْرى في قَطْعِ أطْماعِهِمْ، وتَعَرُّضٌ لَهم بِأنَّهم عُصاةٌ مُسْتَوْجِبُونَ لِلْعَذابِ العَظِيمِ. ووَجْهُ التَّعْرِيضِ إسْنادُ ما هو مَعْلُومُ الِانْتِفاءِ، بِ (إنْ) الَّتِي تُفِيدُ الشَّكَّ تَعْرِيضًا. وجِيءَ بِالماضِي إبْرازًا لَهُ في صُورَةِ الحاصِلِ عَلى سَبِيلِ الفَرْضِ، تَعْرِيضًا (p-٢٢٦١)بِمَن صَدَرَ عَنْهم ذَلِكَ. وحَيْثُ كانَ تَعْرِيضًا لَهُمْ، والمُرادُ تَخْوِيفُهم إذا صَدَرَ مِنهم ذَلِكَ - لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلالَةٌ عَلى أنَّهُ يَخافُ هو ﷺ عَلى نَفْسِهِ المَعْصِيَةَ، مَعَ أنَّهُ مَعْصُومٌ. كَما لا يُتَوَهَّمُ مِثْلُهُ في قَوْلِهِ: ﴿لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥] وحِينَئِذٍ فَلا حاجَةَ إلى ما أُجِيبَ عَنْ ظاهِرِ دَلالَتِهِ عَلى ما ذُكِرَ، بِأنَّ الخَوْفَ تَعَلَّقَ بِالعِصْيانِ المُمْتَنِعِ الوُقُوعِ امْتِناعًا عادِيًّا، فَلا يَدُلُّ إلّا عَلى أنَّهُ يَخافُ لَوْ صَدَرَ عَنْهُ العِصْيانُ. وهَذا لا يَدُلُّ عَلى حُصُولِ الخَوْفِ. قالَ بَعْضُهُمْ: لا يُقالُ عَلى تَقْدِيرِ العِصْيانِ، يَكُونُ الجَوابُ هو اسْتِحْقاقُ العَذابِ، لا الخَوْفِ. لِأنّا نَقُولُ: لا مُنافاةَ بَيْنَهُما. فالخَوْفُ إمّا عَلى حَقِيقَتِهِ، أوْ كِنايَةً عَنِ الِاسْتِحْقاقِ. انْتَهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب