الباحث القرآني

ثُمَّ بَيَّنَ تَعالى نَوْعًا آخَرَ مِن مُفْتَرِياتِهِمْ بِقَوْلِهِ: (p-٢٥٢٠)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١٣٨] ﴿وقالُوا هَذِهِ أنْعامٌ وحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إلا مَن نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وأنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وأنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ ﴿وقالُوا هَذِهِ﴾ إشارَةٌ إلى ما جَعَلُوهُ لِآلِهَتِهِمْ، والتَّأْنِيثُ لِلْخَبَرِ: ﴿أنْعامٌ وحَرْثٌ حِجْرٌ﴾ أيْ: حَرامٌ (والجُمْهُورُ عَلى كَسْرِ الحاءِ وسُكُونِ الجِيمِ) فِعْلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ، كالذَّبْحِ والطَّحْنِ، يَسْتَوِي في الوَصْفِ بِهِ المُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ والواحِدُ والجَمْعُ؛ لِأنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الأسْماءِ غَيْرِ الصِّفاتِ. أيْ: مُحَرَّمَةٌ عَلَيْنا، أوْ مُحْجَرَةٌ عَلَيْنا في أمْوالِنا لِلْأوْثانِ. ويُقْرَأُ بِضَمِّ الحاءِ. (p-٢٥٢١)﴿لا يَطْعَمُها إلا مَن نَشاءُ﴾ قالَ في "المَدارِكِ": كانُوا إذا عَيَّنُوا أشْياءَ مِن حَرْثِهِمْ وأنْعامِهِمْ لَآتَيْناهم قالُوا: ﴿لا يَطْعَمُها إلا مَن نَشاءُ﴾ يَعْنُونَ: خَدَمَ الأوْثانِ، والرِّجالَ دُونَ النِّساءِ. ﴿بِزَعْمِهِمْ﴾ حالٌ مِن فاعِلِ (قالُوا) أيْ: مُتَلَبِّسِينَ بِزَعْمِهِمُ الباطِلِ مِن غَيْرِ حُجَّةٍ. قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وهَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ ما أنْـزَلَ اللَّهُ لَكم مِن رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنهُ حَرامًا وحَلالا قُلْ آللَّهُ أذِنَ لَكم أمْ عَلى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: ٥٩] ﴿وأنْعامٌ﴾ أيْ: وقالُوا مُشِيرِينَ إلى طائِفَةٍ أُخْرى مِن أنْعامِهِمْ: هَذِهِ أنْعامٌ: ﴿حُرِّمَتْ ظُهُورُها﴾ يَعْنُونَ بِها البَحائِرَ والسَّوائِبَ والحَوامِيَ: ﴿وأنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها﴾ أيْ: حالَةُ الذَّبْحِ، وإنَّما يَذْكُرُونَ عَلَيْها أسْماءَ الأصْنامِ: ﴿افْتِراءً عَلَيْهِ﴾ أيْ: عَلى اللَّهِ وكَذِبًا مِنهم في إسْنادِهِمْ ذَلِكَ إلى دِينِ اللَّهِ وشَرْعِهِ، فَإنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهم في ذَلِكَ، ولا رَضِيَهُ مِنهم ﴿سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أيْ: عَلَيْهِ، ويُسْنِدُونَ إلَيْهِ. وفِيهِ وعِيدٌ وتَهْدِيدٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب