الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٢٧ - ٤٠] ﴿وأصْحابُ اليَمِينِ ما أصْحابُ اليَمِينِ﴾ ﴿فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ﴾ [الواقعة: ٢٨] ﴿وطَلْحٍ مَنضُودٍ﴾ [الواقعة: ٢٩] ﴿وظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾ [الواقعة: ٣٠] (p-٥٦٥١)﴿وماءٍ مَسْكُوبٍ﴾ [الواقعة: ٣١] ﴿وفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ﴾ [الواقعة: ٣٢] ﴿لا مَقْطُوعَةٍ ولا مَمْنُوعَةٍ﴾ [الواقعة: ٣٣] ﴿وفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ﴾ [الواقعة: ٣٤] ﴿إنّا أنْشَأْناهُنَّ إنْشاءً﴾ [الواقعة: ٣٥] ﴿فَجَعَلْناهُنَّ أبْكارًا﴾ [الواقعة: ٣٦] ﴿عُرُبًا أتْرابًا﴾ [الواقعة: ٣٧] ﴿لأصْحابِ اليَمِينِ﴾ [الواقعة: ٣٨] ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ﴾ [الواقعة: ٣٩] ﴿وثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ﴾ [الواقعة: ٤٠] ﴿وأصْحابُ اليَمِينِ ما أصْحابُ اليَمِينِ﴾ أيْ: أيُّ شَيْءٍ هُمْ! أيْ: هم شُرَفاءُ، عُظَماءُ كُرَماءُ، يُتَعَجَّبُ مِن أوْصافِهِمْ في السَّعادَةِ. ﴿فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ﴾ [الواقعة: ٢٨] أيْ: لا شَوْكَ لَهُ، أوْ مُوقَرٌ بِالثِّمارِ. ﴿وطَلْحٍ مَنضُودٍ﴾ [الواقعة: ٢٩] يَعْنِي شَجَرَ المَوْزِ الَّذِي نُضِّدَ ثَمَرُهُ مِن أسْفَلِهِ إلى أعْلاهُ. قالَ مُجاهِدٌ: كانُوا يُعْجَبُونَ بِوَجٍّ مِن طَلْحِهِ وسِدْرِهِ. وشَجَرَةُ المَوْزِ ثَمَرَتُها حُلْوَةٌ دَسِمَةٌ لَذِيذَةٌ لا نَوى لَها. ﴿وظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾ [الواقعة: ٣٠] أيْ: مُمْتَدٌّ مُنْبَسِطٌ لا يَتَقَلَّصُ. ﴿وماءٍ مَسْكُوبٍ﴾ [الواقعة: ٣١] أيْ: مَصْبُوبٌ دائِمُ الجَرَيانِ. ﴿وفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ﴾ [الواقعة: ٣٢] ﴿لا مَقْطُوعَةٍ﴾ [الواقعة: ٣٣] أيْ: لا تَنْقَطِعُ عَنْهم مَتى أرادُوها، لِكَوْنِها غَيْرَ مُتَناهِيَةٍ. ﴿ولا مَمْنُوعَةٍ﴾ [الواقعة: ٣٣] أيْ: لا تُمْنَعُ عَنْ طالِبِها. والقَصْدُ مُبايَنَتُها لِفاكِهَةِ الدُّنْيا، فَإنَّها تَنْقَطِعُ أحْيانًا، كَفاكِهَةِ الصَّيْفِ في الشِّتاءِ، وتَمْتَنِعُ أحْيانًا لِعِزَّتِها أوْ جَدْبِها. ﴿وفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ﴾ [الواقعة: ٣٤] أيْ: مُرْتَفِعَةٍ في مَنازِلِها، أوْ عَلى الأرائِكِ لِلرُّقُودِ والمُضاجَعَةِ. وقَدْ يُؤَيِّدُهُ تَأثُّرُهُ بِوَصْفِ مَن يُضاجِعُهُنَّ (p-٥٦٥٢)فِيها. وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنّا أنْشَأْناهُنَّ إنْشاءً﴾ [الواقعة: ٣٥] أيْ: بَدِيعًا فائِقَ الوَصْفِ. فالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلى ما فُهِمَ مِنَ السِّياقِ والسِّباقِ. وقِيلَ: قَدْ يُكَنّى عَنِ الحُورِ بِالفُرُشِ، كَما يُكَنّى عَنْهُنَّ بِاللِّباسِ، فالضَّمِيرُ المَذْكُورُ عَلى طَرِيقِ الِاسْتِخْدامِ، إذْ عادَ إلى الفُرُشِ بِمَعْنى النِّساءِ، بَعْدَ إرادَةِ مَعْناها المَعْرُوفِ مِنها. وقِيلَ: عَلى طَرِيقِ الحَقِيقَةِ، أيْ: مَرْفُوعَةٌ عَلى الأرائِكِ. كَآيَةِ: ﴿هم وأزْواجُهم في ظِلالٍ عَلى الأرائِكِ مُتَّكِئُونَ﴾ [يس: ٥٦] ﴿فَجَعَلْناهُنَّ أبْكارًا﴾ [الواقعة: ٣٦] أيْ: لَمْ يُطْمَثْنَ. ﴿عُرُبًا﴾ [الواقعة: ٣٧] جَمْعُ عَرُوبٍ، وهي المُتَحَبِّبَةُ إلى زَوْجِها، المَحْبُوبَةُ لِتَبَعُّلِها ﴿أتْرابًا﴾ [الواقعة: ٣٧] أيْ: عَلى سِنٍّ واحِدَةٍ. ﴿لأصْحابِ اليَمِينِ﴾ [الواقعة: ٣٨] مُتَعَلِّقٌ بِ "أنْشَأْنا"، أوْ جَعَلْنا، أوْ صِفَةٌ لِ: ﴿أبْكارًا﴾ [الواقعة: ٣٦] أوْ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ، مِثْلَ هُنَّ. ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ﴾ [الواقعة: ٣٩] ﴿وثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ﴾ [الواقعة: ٤٠] أيْ: جَماعَةٌ وأُمَّةٌ مِنَ المُتَقَدِّمِينَ في الإيمانِ، ومِمَّنْ جاءَ بَعْدَهم مِنَ التّابِعِينَ لَهم بِإحْسانٍ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ. والكَثْرَةُ ظاهِرَةٌ لِوَفْرَةِ أصْحابِ اليَمِينِ في أواخِرِهِمْ دُونَ السّابِقِينَ، كَما بَيَّنّا أوَّلًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب