الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٤٦ - ٥٩] ﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٤٧] ﴿ذَواتا أفْنانٍ﴾ [الرحمن: ٤٨] ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٤٩] ﴿فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ﴾ [الرحمن: ٥٠] ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٥١] ﴿فِيهِما مِن كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ﴾ [الرحمن: ٥٢] (p-٥٦٣٠)﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٥٣] ﴿مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِن إسْتَبْرَقٍ وجَنى الجَنَّتَيْنِ دانٍ﴾ [الرحمن: ٥٤] ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٥٥] ﴿فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهم ولا جانٌّ﴾ [الرحمن: ٥٦] ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٥٧] ﴿كَأنَّهُنَّ الياقُوتُ والمَرْجانُ﴾ [الرحمن: ٥٨] ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٥٩]
﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ﴾ أيْ: قِيامَهُ عِنْدَ رَبِّهِ لِلْحِسابِ، فَأطاعَهُ بِأداءِ فَرائِضِهِ، واجْتِنابِ مَعاصِيهِ؛ فَإضافَتُهُ لِلرَّبِّ لِأنَّهُ عِنْدَهُ، فَهو كَقَوْلِ العَرَبِ: ناقَةٌ رَقُودُ الحَلْبِ، أيْ: رَقُودٌ عِنْدَ الحَلْبِ، أوْ مَوْقِفُهُ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ العِبادُ لِلْحِسابِ، فَإضافَتُهُ لِلرَّبِّ لامِيَّةٌ لِاخْتِصاصِ المُلْكِ يَوْمَئِذٍ بِهِ تَعالى. أوْ هو كِنايَةٌ عَنْ خَوْفِ الرَّبِّ وإثْباتِ خَوْفِهِ لَهُ بِطَرِيقٍ بُرْهانِيٍّ بَلِيغٍ؛ لِأنَّ مَن حَصَلَ لَهُ الخَوْفُ مِن مَكانِ أحَدٍ، يَهابُهُ وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ، فَخَوْفُهُ مِنهُ بِالطَّرِيقِ الأوْلى، وهَذا كَما يَقُولُ المُتَرَسِّلُونَ: المَقامُ العالِي، والمَجْلِسُ السّامِي ﴿جَنَّتانِ﴾ أيْ: جَنَّةٌ لِمَن أطاعَ مِنَ الإنْسِ، وجَنَّةٌ لِمَن أطاعَ مِنَ الجِنِّ. أوْ هو كِنايَةٌ عَنْ مُضاعَفَةِ الثَّوابِ، وإيثارُ التَّثْنِيَةِ لِلْفاصِلَةِ، ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٤٧] أيْ: بِإثابَتِهِ المُحْسِنَ ما وصَفَ.
﴿ذَواتا أفْنانٍ﴾ [الرحمن: ٤٨] أيْ: أنْواعِ مِنَ الأشْجارِ والثِّمارِ، جَمْعُ (فَنٍّ) بِمَعْنى النَّوْعَ، أوْ أغْصانٍ لَيِّنَةٍ، جَمْعُ (فَنَنٍ) وهو ما دَقَّ ولانَ مِنَ الغُصْنِ.
﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٤٩] ﴿فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ﴾ [الرحمن: ٥٠] ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٥١] ﴿فِيهِما مِن كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ﴾ [الرحمن: ٥٢] ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٥٣] ﴿مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِن إسْتَبْرَقٍ﴾ [الرحمن: ٥٤] وهو ما غَلُظَ مِنَ الدِّيباجِ، نَبَّهَ عَلى شَرَفِ الظِّهارَةِ، بِشَرَفِ البِطانَةِ، وهو مِن بابِ التَّنْبِيهِ بِالأدْنى عَلى الأعْلى.
(p-٥٦٣١)قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هَذِهِ البَطائِنُ، فَكَيْفَ لَوْ رَأيْتُمُ الظَّواهِرَ؟!
﴿وجَنى الجَنَّتَيْنِ دانٍ﴾ [الرحمن: ٥٤] أيْ: وثَمَرُهُما المَجْنِيُّ دانِي القُطُوفِ، ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٥٥] ﴿فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ﴾ [الرحمن: ٥٦] أيْ: مُنْكَسِراتُ الجَفْنِ، خافِضاتُ النَّظَرِ، غَيْرُ مُتَطَلِّعاتٍ لِما بَعُدَ، ولا ناظِراتٍ لِغَيْرِ زَوْجِها. أوْ مَعْناهُ: إنَّ طَرْفَ النَّظَرِ لا يَتَجاوَزُها، كَقَوْلِ المُتَنَبِّي:
؎وخَصْرٍ تَثْبُتُ الأبْصارُ فِيهِ كَأنَّ عَلَيْهِ مِن حَدَقٍ نِطاقًا
فالمُرادُ: قاصِراتُ طَرَفِ غَيْرِهِنَّ عَنِ التَّجاوُزِ لِغَيْرِهِنَّ. أوِ المَعْنى: شَدِيداتُ بَياضِ الطَّرْفِ، كَما يُقالُ: أحْوَرُ الطَّرْفِ وحَوْراؤُهُ، مِن قَوْلِهِمْ: ثَوْبٌ مَقْصُورٌ وحَوّارِيٌّ.
وجَلِيٌّ أنَّ المَعانِيَ هاهُنا لا تَتَزاحَمُ لِتَحَقُّقِ مِصْداقِها كُلِّها، ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهم ولا جانٌّ﴾ [الرحمن: ٥٦] أيْ: لَمْ يَمَسَّهُنَّ. وأصْلُهُ خُرُوجُ الدَّمِ، ولِذَلِكَ يُقالُ لِلْحَيْضِ: (طَمَثَ)، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلى جِماعِ الأبْكارِ، لِما فِيهِ مِن خُرُوجِ الدَّمِ، ثُمَّ عَمَّ كُلَّ جِماعٍ. وقَدْ يُقالُ: إنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ لِلْإشارَةِ إلى أنَّها تُوجَدُ بِكْرًا كُلَّما جُومِعَتْ. ويُسْتَدَلُّ بِالآيَةِ عَلى أنَّ الجِنَّ يَطْمِثْنَ ويَدْخُلْنَ الجَنَّةَ.
﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٥٧] ﴿كَأنَّهُنَّ الياقُوتُ والمَرْجانُ﴾ [الرحمن: ٥٨] أيْ: في الحُسْنِ والبَهْجَةِ، أوْ في حُمْرَةِ الوَجْنَةِ والوَجْهِ، أدَبًا وحَياءً ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٥٩]
{"ayahs_start":46,"ayahs":["وَلِمَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ جَنَّتَانِ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","ذَوَاتَاۤ أَفۡنَانࣲ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","فِیهِمَا عَیۡنَانِ تَجۡرِیَانِ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","فِیهِمَا مِن كُلِّ فَـٰكِهَةࣲ زَوۡجَانِ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","مُتَّكِـِٔینَ عَلَىٰ فُرُشِۭ بَطَاۤىِٕنُهَا مِنۡ إِسۡتَبۡرَقࣲۚ وَجَنَى ٱلۡجَنَّتَیۡنِ دَانࣲ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","فِیهِنَّ قَـٰصِرَ ٰتُ ٱلطَّرۡفِ لَمۡ یَطۡمِثۡهُنَّ إِنسࣱ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَاۤنࣱّ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","كَأَنَّهُنَّ ٱلۡیَاقُوتُ وَٱلۡمَرۡجَانُ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"],"ayah":"فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق