الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١٩ - ٢١] ﴿مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ﴾ ﴿بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ﴾ [الرحمن: ٢٠] ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٢١] ﴿مَرَجَ البَحْرَيْنِ﴾ أيْ: أرْسَلَهُما، مِن مَرَجَ فُلانٌ دابَّتَهُ، إذا خَلّاها وتَرَكَها. والمَعْنى: أرْسَلَ وأجْرى البَحْرَ المِلْحَ، والبَحْرَ العَذْبَ ﴿يَلْتَقِيانِ﴾ أيْ: يَتَجاوَرانِ. ﴿بَيْنَهُما بَرْزَخٌ﴾ [الرحمن: ٢٠] أيْ: حاجِزٌ مِن قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى وبَدِيعِ صُنْعِهِ ﴿لا يَبْغِيانِ﴾ [الرحمن: ٢٠] أيْ: لا يَبْغِي أحَدُهُما عَلى الآخَرِ بِالمُمازَجَةِ، وإبْطالِ الخاصِّيَّةِ. قالَ الشِّهابُ: يَعْنِي أنَّهُما إذا دَخَلَ أحَدُهُما في الآخَرِ قَدْ يُجْرى فِيهِ فَراسِخُ ولا يَتَلاشى ويَضْمَحِلُّ، حَتّى يُغَيِّرَ أحَدُهُما طَعْمَ الآخَرِ ولَوْنَهُ، كَما نُشاهِدُهُ. وقِيلَ: المُرادُ بَحْرَيْ فارِسَ والرُّومِ، فَإنَّهُما يَلْتَقِيانِ في البَحْرِ المُحِيطِ، وبَيْنَهُما بَرْزَخٌ مِنَ الأرْضِ، لا يَتَجاوَزانِ حَدَّيْهِما بِإغْراقِ ما بَيْنَهُما، وهو مَرْوِيٌّ عَنْ قَتادَةَ والحَسَنِ، قالَ الشِّهابُ: لَكِنَّهُ أوْرَدَ عَلَيْهِ أنَّهُ لا يُوافِقُ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذا عَذْبٌ فُراتٌ وهَذا مِلْحٌ أُجاجٌ﴾ [الفرقان: ٥٣] الآيَةَ، والقُرْآنُ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا. واخْتارَ ابْنُ جَرِيرٍ ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وغَيْرِهِ أنَّهُ عُنِيَ بِهِ بَحْرُ السَّماءِ وبَحْرُ الأرْضِ وذَلِكَ أنَّ اللَّهَ قالَ: يَخْرُجُ مِنهُما اللُّؤْلُؤُ والمَرْجانُ، واللُّؤْلُؤُ والمَرْجانُ إنَّما يَخْرُجُ مِن أصْدافِ بَحْرِ الأرْضِ عَنْ قُطْرِ ماءِ السَّماءِ، فَمَعْلُومٌ أنَّ ذَلِكَ بَحْرُ الأرْضِ وبَحْرُ السَّماءِ. انْتَهى. (p-٥٦١٩)وفِيهِ ما في الَّذِي قَبْلَهُ مِن عَدَمِ مُوافَقَتِهِ لِتِلْكَ الآيَةِ، والأصْلُ في الآيِ التَّشابُهُ. زادَ ابْنُ كَثِيرٍ: إنَّ ما بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ لا يُسَمّى بَرْزَخًا، وحِجْرًا مَحْجُورًا؛ فالأوْلى هو الأوَّلُ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ [الرحمن: ٢١] أيْ: مِمّا في البَحْرَيْنِ وخَلْقِهِما مِنَ الفَوائِدِ، وقَدْ أشارَ إلى بَعْضِهِما بِقَوْلِهِ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب