الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٢٧] ﴿قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أطْغَيْتُهُ ولَكِنْ كانَ في ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ . ﴿قالَ قَرِينُهُ﴾ أيْ: قَرِينُ هَذا الإنْسانِ الكَفّارِ المَنّاعِ لِلْخَيْرِ، وهو شَيْطانُهُ الَّذِي كانَ مُوَكَّلًا بِهِ في الدُّنْيا، مُتَبَرِّئًا مِنهُ ﴿رَبَّنا ما أطْغَيْتُهُ﴾ أيْ: بِالإرابَةِ ومَنعِ الإسْلامِ وجَعْلِ إلَهٍ آخَرَ مَعَكَ، ﴿ولَكِنْ كانَ في ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ أيْ: في طَرِيقٍ جائِرٍ عَنْ سَبِيلِ الهُدى، جَوْرًا بَعِيدًا بِنَفْسِهِ. قالَ القاشانِيُّ: وقَوْلُ الشَّيْطانِ: ﴿ما أطْغَيْتُهُ﴾ إلَخْ كَقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ وعَدَكم وعْدَ الحَقِّ ووَعَدْتُكم فَأخْلَفْتُكم وما كانَ لِي عَلَيْكم مِن سُلْطانٍ إلا أنْ دَعَوْتُكم فاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي ولُومُوا أنْفُسَكُمْ﴾ [إبراهيم: ٢٢] لِأنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ في ضَلالٍ عَنْ طَرِيقِ التَّوْحِيدِ، بَعِيدٍ عَنِ الفِطْرَةِ الأصْلِيَّةِ بِالتَّوَجُّهِ إلى الجِهَةِ السُّفْلِيَّةِ، والتَّغَشِّي بِالغَواشِي المُظْلِمَةِ الطَّبِيعِيَّةِ، لَمْ يَقْبَلْ وسْوَسَةَ الشَّيْطانِ، وقَبِلَ إلْهامَ المَلَكِ؛ فالذَّنْبُ إنَّما يَكُونُ عَلَيْهِ بِالِاحْتِجابِ مِن نُورِ الفِطْرَةِ، واكْتِسابِ الجِنْسِيَّةِ مَعَ الشَّيْطانِ في الظُّلْمَةِ. انْتَهى. وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وإنَّما أخْبَرَ تَعالى عَنْ قَوْلِ قَرِينِ الكافِرِ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ، إعْلامًا مِنهُ عِبادَهُ، تَبَرُّأ بَعْضِهِمْ مِن بَعْضِ يَوْمَ القِيامَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب