الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١٢_١٣_١٤] ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهم قَوْمُ نُوحٍ وأصْحابُ الرَّسِّ وثَمُودُ﴾ ﴿وعادٌ وفِرْعَوْنُ وإخْوانُ لُوطٍ﴾ [ق: ١٣] ﴿وأصْحابُ الأيْكَةِ وقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وعِيدِ﴾ [ق: ١٤] . ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ﴾ أيْ: قَبْلَ قُرَيْشٍ ﴿قَوْمُ نُوحٍ﴾ قالَ أبُو السُّعُودِ: اسْتِئْنافٌ وارِدٌ لِتَقْرِيرِ حَقِيقَةِ البَعْثِ، بِبَيانِ اتِّفاقِ كافَّةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ عَلَيْها، وتَعْذِيبِ مُنْكِرِيها. ﴿وأصْحابُ الرَّسِّ﴾ وهو بِئْرٌ كانُوا عِنْدَهُ. يُقالُ: إنَّهم قَوْمُ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ. ويُقالُ غَيْرُ ذَلِكَ، كَما تَقَدَّمَ في سُورَةِ الفُرْقانِ. ﴿وثَمُودُ﴾ وهُمُ اللَّذِينَ جادَلُوا صالِحًا، وقَتَلُوا النّاقَةَ. ﴿وعادٌ﴾ [ق: ١٣] وهُمُ اللَّذِينَ جادَلُوا هُودًا في أصْنامِهِمْ. ﴿وفِرْعَوْنُ﴾ [ق: ١٣] وهو الَّذِي جادَلَ مُوسى فِيما أُرْسِلَ بِهِ. قالَ الرّازِيُّ: ولَمْ يَقُلْ: (وقَوْمُ فِرْعَوْنَ)؛ لِأنَّ فِرْعَوْنَ كانَ هو المُغْتَرَّ المُسْتَخِفَّ بِقَوْمِهِ والمُسْتَبِدَّ بِأمْرِهِ. ﴿وإخْوانُ لُوطٍ﴾ [ق: ١٣] وهُمُ اللَّذِينَ جادَلُوهُ في إتْيانِ الرِّجالِ. ﴿وأصْحابُ الأيْكَةِ﴾ [ق: ١٤] أيِ: الغَيْضَةِ مِنَ الشَّجَرِ، المُجادِلُونَ شُعَيْبًا في الكَيْلِ والوَزْنِ. ﴿وقَوْمُ تُبَّعٍ﴾ [ق: ١٤] قالَ المَهايِمِيُّ: المُجادِلُونَ إمامَهم وعُلَماءَهم في الدِّينِ. ومَضى الكَلامُ عَلى ذَلِكَ في الحِجْرِ والدُّخانِ. ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾ [ق: ١٤] أيْ: كُلٌّ مِن هَذِهِ الأُمَمِ وهَؤُلاءِ القُرُونِ كَذَّبُوا رَسُولَهُمْ، (p-٥٤٨٨)ومَن كَذَّبَ رَسُولًا فَكَأنَّما كَذَّبَ جَمِيعَ الرُّسُلِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٥] وإنَّما جاءَهم رَسُولٌ واحِدٌ، فَهم في نَفْسِ الأمْرِ، لَوْ جاءَهم جَمِيعُ الرُّسُلِ كَذَّبُوهُمْ، أفادَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وهو تَوْجِيهٌ لِجَمْعِ الرُّسُلِ. وإفْرادُ ضَمِيرِ كَذَّبَ مُراعاةً لِلَفْظِ " كُلٌّ " فَإنَّهُ مُفْرَدٌ وإنْ كانَ جَمْعًا مَعْنًى. ﴿فَحَقَّ وعِيدِ﴾ [ق: ١٤] أيْ: فَوَجَبَ لَهُمُ الوَعِيدُ الَّذِي وعَدَ بِهِ مَن كَفَرَ، وهو العَذابُ والنِّقْمَةُ. قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إنَّما وصَفَ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ ما وصَفَ مِن إحْلالِهِ عُقُوبَتَهُ بِهَؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ الرُّسُلَ؛ تَرْهِيبًا مِنهُ بِذَلِكَ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، وإعْلامًا مِنهُ لَهم أنَّهم إنْ لَمْ يُنِيبُوا مِن تَكْذِيبِهِمْ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا ﷺ أنَّهُ مُحِلٌ بِهِمْ مِنَ العَذابِ مِثْلَ الَّذِي أحَلَّ بِهِمْ. أيْ: فَهو تَسْلِيَةٌ لِلرَّسُولِ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وتَهْدِيدٌ لَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب