الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٥٧] ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكم هُزُوًا ولَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم والكُفّارَ أوْلِياءَ واتَّقُوا اللَّهَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أيْ: مُقْتَضى إيمانِكم حِفْظُ تَعْظِيمِ دِينِكُمْ: ﴿لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ﴾ أيِ: الَّذِي هو رَأْسُ مالِ كَمالاتِكُمْ، الَّذِي بِهِ انْتِظامُ مَعاشِكم ومَعادِكُمْ، وهو مَناطُ سَعادَتِكُمُ الأبَدِيَّةِ، وسَبَبُ قُرْبِكم مِن رَبِّكُمْ: ﴿هُزُوًا﴾ أيْ: شَيْئًا مُسْتَخَفًّا: ﴿ولَعِبًا﴾ أيْ: سُخْرِيَةً وضَحِكًا، مُبالَغَةً في الِاسْتِخْفافِ بِهِ حَتّى لَعِبُوا بِعُقُولِ أهْلِهِ. (p-٢٠٤٦)ثُمَّ بَيَّنَ المُسْتَهْزِئِينَ وفَصَّلَهم بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم والكُفّارَ﴾ قُرِئَ بِالنَّصْبِ والجَرِّ، يَعْنِي المُشْرِكِينَ كَما في قِراءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ومِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا. ﴿أوْلِياءَ﴾ في العَوْنِ والنُّصْرَةِ. وإنَّما رَتَّبَ النَّهْيَ عَلى وصْفِ اتِّخاذِهِمُ الدِّينَ هُزُوًا ولَعِبًا. تَنْبِيهًا عَلى العِلَّةِ، وإيذانًا بِأنَّ مَن هَذا شَأْنُهُ، جَدِيرٌ بِالبَغْضاءِ والشَّنَآنِ والمُنابَذَةِ. فَكَيْفَ بِالمُوالاةِ؟: ﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ أيْ: في ذَلِكَ، بِتَرْكِ مُوالاتِهِمْ، أوْ بِتَرْكِ المَناهِي عَلى الإطْلاقِ. فَيَدْخُلُ فِيهِ تَرْكُ مُوالاتِهِمْ دُخُولًا أوَّلِيًّا: ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أيْ: حَقًّا، فَإنَّ قَضِيَّةَ الإيمانِ تُوجِبُ الِاتِّقاءَ لا مَحالَةَ. ثُمَّ بَيَّنَ اسْتِهْزاءَهم بِحُكْمٍ خاصٍّ مِن أحْكامِ الدِّينِ، بَعْدَ اسْتِهْزائِهِمْ بِالدِّينِ عَلى الإطْلاقِ، إظْهارًا لِكَمالِ شَقاوَتِهِمْ، بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب