الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٢٧] ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرامَ إنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكم ومُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ .
﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرامَ إنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكم ومُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ﴾ قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أيْ: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا رُؤْياهُ الَّتِي أراها إيّاهُ أنَّهُ يَدْخُلُ هو وأصْحابُهُ بَيْتَ اللَّهِ الحَرامَ آمِنِينَ، لا يَخافُونَ أهْلَ الشِّرْكِ، مُقَصِّرًا بَعْضُهم رَأْسَهُ، ومُحَلِّقًا بَعْضُهم. ثُمَّ رُوِيَ عَنْ مُجاهِدٍ أنَّهُ قالَ: أُرِيَ بِالحُدَيْبِيَةِ أنَّهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ وأصْحابَهُ مُحَلِّقِينَ، فَقالَ أصْحابُهُ حِينَ نَحَرَ بِالحُدَيْبِيَةِ: أيْنَ رُؤْيا مُحَمَّدٍ ﷺ؟
وعَنِ ابْنِ زَيْدٍ قالَ: «قالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ: إنِّي قَدْ رَأيْتُ أنَّكم سَتَدْخُلُونَ المَسْجِدَ الحَرامَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكم ومُقَصِّرِينَ، فَلَمّا نَزَلَ بِالحُدَيْبِيَةِ، ولَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ العامَ، طَعَنَ المُنافِقُونَ في ذَلِكَ فَقالُوا: أيْنَ رُؤْياهُ؟ فَقالَ اللَّهُ: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ﴾ الآيَةَ، إنِّي لَمْ أرَهُ يَدْخُلُها هَذا العامَ، ولَيَكُونَنَّ ذَلِكَ». و: الرُّؤْيا مَنصُوبٌ بِنَزْعِ الخافِضِ، أيْ: صَدَقَهُ في رُؤْياهُ. أيْ: حَقَّقَ صِدْقَها عِنْدَهُ، كَما هو عادَةُ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، ولَمْ يَجْعَلْها أضْغاثَ أحْلامٍ. أوْ مَنصُوبٌ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ ثانٍ، وهو ما قالَهُ الكِرْمانِيُّ، وعِبارَتُهُ: (كَذَبَ)، يَتَعَدّى إلى مَفْعُولَيْنِ، يُقالُ: كَذَبَنِي الحَدِيثَ، وكَذا (صَدَقَ)، كَما في الآيَةِ. وهو غَرِيبٌ لِتَعَدِّي المُثَقَّلِ لِواحِدٍ، والمُخَفَّفِ لِمَفْعُولَيْنِ.
وقَوْلُهُ: ﴿بِالحَقِّ﴾ حالٌ مِنَ الرُّؤْيا؛ أيْ: مُتَلَبِّسَةٌ بِالحَقِّ، لَيْسَتْ مِن قَبِيلِ أضْغاثِ الأحْلامِ.
وقَوْلُهُ: ﴿لَتَدْخُلُنَّ﴾ جَوابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ؛ أيْ: واللَّهِ! لَتَدْخُلُنَّ.
(p-٥٤٢٧)وقَوْلُهُ: ﴿إنْ شاءَ اللَّهُ﴾ تَعْلِيقٌ لِلْعِدَّةِ بِالمَشِيئَةِ، لِتَعْلِيمِ العِبادِ، أوْ لِلْإشْعارِ بِأنَّ بَعْضَهم لا يَدْخُلُ، فَهو في مَعْنى: لَيَدْخُلُنَّهُ مَن شاءَ اللَّهُ دُخُولَهُ مِنكم. أوْ حِكايَةٌ لِما قالَهُ مَلِكُ الرُّؤْيا، أوِ النَّبِيُّ ﷺ لِأصْحابِهِ.
وقَوْلُهُ: مُحَلِّقِينَ حالٌ مُقَدَّرَةٌ، لِأنَّ الدُّخُولَ في حالِ الإحْرامِ، لا في حالِ الحَلْقِ والتَّقْصِيرِ. وفي الكَلامِ تَقْدِيرٌ، أوْ هو مِن نِسْبَةِ ما لِلْجُزْءِ إلى الكُلِّ. والمَعْنى: مُحَلِّقًا بَعْضُكُمْ، ومُقَصِّرًا آخَرُونَ. والقَرِينَةُ عَلَيْهِ: أنَّهُ لا يَجْتَمِعُ الحَلْقُ والتَّقْصِيرُ، فَلا بُدَّ مِن نِسْبَةِ كُلٍّ مِنهُما لِبَعْضٍ مِنهم.
وثَبَتَ في الصَّحِيحِ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «رَحِمَ اللَّهُ المُحَلِّقِينَ!» قالُوا: والمُقَصِّرِينَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: «رَحِمَ اللَّهُ المُحَلِّقِينَ؟» قالُوا: والمُقَصِّرِينَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: «رَحِمَ اللَّهُ المُحَلِّقِينَ!» قالُوا: والمُقَصِّرِينَ يا رَسُولَ اللَّهِ ! قالَ: «والمُقَصِّرِينَ!»»
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تَخافُونَ﴾ حالٌ مُؤَكِّدَةٌ لِقَوْلِهِ: " آمِنِينَ " أوْ مُؤَسِّسَةٌ، لِأنَّ اسْمَ الفاعِلِ لِلْحالِ والمُضارِعَ لِلِاسْتِقْبالِ، فَيَكُونُ أثْبَتَ لَهُمُ الأمْنَ حالَ الدُّخُولِ. ونَفى عَنْهُمُ الخَوْفَ حالَ اسْتِقْرارِهِمْ في البَلَدِ، لا يَخافُونَ مِن أحَدٍ.
قالَ الحافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ: وهَذا كانَ في عُمْرَةِ القَضاءِ، في ذِي القِعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ، فَإنَّ «النَّبِيَّ ﷺ لَمّا رَجَعَ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ في ذِي القِعْدَةِ، رَجَعَ إلى المَدِينَةِ، فَأقامَ بِها ذا الحِجَّةِ ومُحَرَّمَ، وخَرَجَ في صَفَرَ إلى خَيْبَرَ، فَفَتَحَها اللَّهُ عَلَيْهِ، بَعْضَها عَنْوَةً، وبَعْضَها صُلْحًا، وهي إقْلِيمٌ عَظِيمٌ، كَثِيرُ النَّخْلِ والزُّرُوعِ، فاسْتَخْدَمَ مَن فِيها مِنَ اليَهُودِ عَلَيْها، عَلى الشَّطْرِ، وقَسَمَها بَيْنَ أهْلِ الحُدَيْبِيَةِ وحْدَهُمْ، ولَمْ يَشْهَدْها أحَدٌ غَيْرُهُمْ، إلّا الَّذِينَ قَدِمُوا مِنَ الحَبَشَةِ: جَعْفَرُ بْنُ أبِي طالِبٍ، وأصْحابُهُ، وأبُو مُوسى الأشْعَرِيُّ، وأصْحابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ولَمْ يَغِبْ مِنهم أحَدٌ.
قالَ ابْنُ زَيْدٍ: إلّا أبا دُجانَةَ سِماكَ بْنَ خَرَشَةَ، كَما هو مُقَرَّرٌ في مَوْضِعِهِ. ثُمَّ رَجَعَ المَدِينَةَ، (p-٥٤٢٨)فَلَمّا كانَ في ذِي القِعْدَةِ مِن سَنَةِ سَبْعٍ، خَرَجَ ﷺ إلى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا، هو وأهْلُ الحُدَيْبِيَةِ، فَأحْرَمَ مِن ذِي الحُلَيْفَةِ، ساقَ مَعَهُ الهَدْيَ. قِيلَ: كانَ سِتِّينَ بَدَنَةً. فَلَبّى، وسارَ وأصْحابُهُ يُلَبُّونَ، قَرِيبًا مِن مَرِّ الظَّهْرانِ، بَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ سَلَمَةَ بِالخَيْلِ والسِّلاحِ أمامَهُ، فَلَمّا رَآهُ المُشْرِكُونَ رَعَبُوا رُعْبًا شَدِيدًا، وظَنُّوا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَغْزُوهُمْ، وأنَّهُ قَدْ نَكَثَ العَهْدَ الَّذِي بَيْنَهم وبَيْنَهُ، مِن وضْعِ القِتالِ عَشْرَ سِنِينَ، فَذَهَبُوا فَأخْبَرُوا أهْلَ مَكَّةَ. فَلَمّا جاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَنَزَلَ بِمَرِّ الظَّهْرانِ، حَيْثُ يَنْظُرُ إلى أنْصابِ الحَرَمِ، بَعَثَ السِّلاحَ مِنَ القِسِيِّ، والنَّبْلِ، والرِّماحِ إلى بَطْنِ يَأْجُجَ، وسارَ بِالسُّيُوفِ إلى مَكَّةَ مُغْمَدَةً في قِرَبِها، كَما شارَطَهم عَلَيْهِ. فَلَمّا كانَ في أثْناءِ الطَّرِيقِ، بَعَثَتْ قُرَيْشٌ مِكْرَزَ بْنَ حَفْصٍ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ! ما عَرَفْناكَ تَنْقُضُ العَهْدَ! فَقالَ ﷺ: «وما ذاكَ؟» قالَ: دَخَلْتَ عَلَيْنا بِالسِّلاحِ، القِسِيِّ والرِّماحِ! فَقالَ ﷺ: «لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، وقَدْ بَعَثْنا بِهِ إلى يَأْجُجَ؟» فَقالَ: بِهَذا عَرَفْناكَ، بِالبَرِّ والوَفاءِ. وخَرَجَتْ رُؤُوسُ الكُفّارِ مِن مَكَّةَ، لِئَلّا يَنْظُرُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وإلى أصْحابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، غَيْظًا وحَنَقًا. وأمّا بَقِيَّةُ أهْلِ مَكَّةَ مِنَ الرِّجالِ، والنِّساءِ، والوِلْدانِ فَجَلَسُوا في الطُّرُقِ، وعَلى البُيُوتِ، يَنْظُرُونَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وأصْحابِهِ، فَدَخَلَها عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وبَيْنَ يَدَيْهِ أصْحابُهُ يُلَبُّونَ، والهَدْيُ قَدْ بَعَثَهُ إلى ذِي طِوى، وهو راكِبٌ ناقَتَهُ القَصْواءَ، الَّتِي كانَ راكِبَها يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ الأنْصارِيُّ آخِذٌ بِزِمامِ ناقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وهو يَقُولُ:
؎بِاسْمِ الَّذِي لا دِينَ إلّا دِينُهُ بِاسْمِ الَّذِيِ مُحَمَّدٌ رَسُولُهُ
؎خَلُّوا بَنِي الكُفّارِ عَنْ سَبِيلِهِ
؎اليَوْمَ نَضْرِبُكم عَلى تَأْوِيلِهِ
؎كَما ضَرَبْناكم عَلى تَنْزِيلِهِ
؎ضَرْبًا يُزِيلُ الهامَ عَنْ مَقِيلِهِ
؎ويُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ
؎قَدْ أنْزَلَ الرَّحْمَنُ في تَنْزِيلِهِ
؎فِي صُحُفٍ تُتْلى عَلى رَسُولِهِ
؎بِأنَّ خَيْرَ القَتْلِ في سَبِيلِهِ
؎يا رَبِّ! إنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ
»
(p-٥٤٢٩)ورَوى الإمامُ أحْمَدُ مِن طَرِيقِ أبِي الطُّفَيْلِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمّا نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرانِ في عُمْرَتِهِ، بَلَغَ أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّ قُرَيْشًا تَقُولُ: ما يَتَباعَثُونَ مِنَ العَجْفِ؟ فَقالَ أصْحابُهُ: لَوِ انْتَحَرْنا، مِن ظَهْرِنا، فَأكَلْنا مِن لَحْمِهِ، وحَسَوْنا مِن مَرَقِهِ، وأصْبَحْنا غَدًا حِينَ نَدْخُلُ عَلى القَوْمِ، وبِنا جَمامَةٌ. قالَ ﷺ: «لا تَفْعَلُوا، ولَكِنِ اجْمَعُوا لِي مِن أزْوادِكم» فَجَمَعُوا لَهُ، وبَسَطُوا الأنْطاعَ، فَأكَلُوا حَتّى تَوَلَّوْا، وحَثا كُلُّ واحِدٍ مِنهم في جِرابِهِ. ثُمَّ أقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتّى دَخَلَ المَسْجِدَ، وقَعَدَتْ قُرَيْشٌ نَحْوَ الحِجْرِ فاضْطَبَعَ ﷺ بِرِدائِهِ، ثُمَّ قالَ: «لا يَرى القَوْمُ فِيكم غَمِيزَةً» فاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ دَخَلَ حَتّى إذا تَغَيَّبَ بِالرُّكْنِ اليَمانِيِّ مَشى إلى الرُّكْنِ الأسْوَدِ، فَقالَتْ قُرَيْشٌ: ما يَرْضَوْنَ بِالمَشْيِ إنَّهم لَيَنْقُزُونَ نَقْزَ الظِّباءِ؟ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثَةَ أطْوافٍ، فَكانَتْ سُنَّةً».
قالَ أبُو الطُّفَيْلِ: فَأخْبَرَنِي ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَعَلَ ذَلِكَ في حَجَّةِ الوَداعِ. ورَوى أحْمَدُ مِن طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «لَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأصْحابُهُ مَكَّةَ، وقَدْ وهَنَتْهم حُمّى يَثْرِبَ، ولَقُوا مِنها سُوءًا، فَقالَ المُشْرِكُونَ: إنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيْكم قَوْمٌ قَدْ وهَنَتْهم حُمّى يَثْرِبَ، ولَقُوا مِنها شَرًّا، وجَلَسَ المُشْرِكُونَ مِنَ النّاحِيَةِ الَّتِي تَلِي الحِجْرَ، فَأطْلَعَ اللَّهُ تَعالى نَبِيَّهُ ﷺ عَلى ما قالُوا، فَأمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنْ يَرْمُلُوا الأشْواطَ الثَّلاثَةَ، لِيَرى المُشْرِكُونَ جَلَدَهم. قالَ، فَرَمَلُوا ثَلاثَةَ أشْواطٍ، وأمَرَهم أنْ يَمْشُوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، حَيْثُ لا يَراهُمُ المُشْرِكُونَ. وفي رِوايَةٍ: ولَمْ يَمْنَعِ النَّبِيَّ ﷺ أنْ يَأْمُرَهم أنْ يَرْمُلُوا الأشْواطَ كُلَّها إلّا الإبْقاءُ عَلَيْهِمْ».
(p-٥٤٣٠)وفِي ابْنِ كَثِيرٍ زِيادَةٌ مِنَ الأحادِيثِ في هَذا البابِ، فَلْيُراجِعْها مَن أحَبَّ الزِّيادَةَ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا﴾ أيْ: مِنَ الخِيَرَةِ، والمَصْلَحَةِ في صَرْفِكم عَنْ مَكَّةَ، ودُخُولِكم إلَيْها، عامَكم ذَلِكَ.
قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وذَلِكَ عِلْمُهُ تَعالى ذِكْرُهُ بِما بِمَكَّةَ مِنَ الرِّجالِ، والنِّساءِ المُؤْمِنِينَ لَمْ يَعْلَمْهُمُ المُؤْمِنُونَ، ولَوْ دَخَلُوها في ذَلِكَ العامِ لَوَطِئُوهم بِالخَيْلِ والرَّجْلِ، فَأصابَهم مِنهم مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَرَدَّهُمُ اللَّهُ عَنْ مَكَّةَ مِن أجْلِ ذَلِكَ. ولِيُدْخِلَ في رَحْمَتِهِ مَن يَشاءُ مِمَّنْ يُرِيدُ أنْ يَهْدِيَهُ ﴿فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ﴾ أيْ: قَبْلَ دُخُولِكُمُ الَّذِي وُعِدْتُمْ بِهِ في رُؤْيا النَّبِيِّ ﷺ: ﴿فَتْحًا قَرِيبًا﴾ يَعْنِي الصُّلْحَ الَّذِي جَرى بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وبَيْنَ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، أوْ فَتَحَ خَيْبَرَ، لِتَسْتَرْوِحَ إلَيْهِ قُلُوبُ المُؤْمِنِينَ، إلى أنْ يَتَيَسَّرَ الفَتْحُ المَوْعُودُ. وإلى الأوَّلِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ، قالَ: يَعْنِي صُلْحَ الحُدَيْبِيَةِ. وما فُتِحَ في الإسْلامِ فَتْحٌ كانَ أعْظَمَ مِنهُ، إنَّما كانَ القِتالُ حَيْثُ التَقى النّاسُ. فَلَمّا كانَتِ الهُدْنَةُ، وُضِعَتِ الحَرْبُ، وأمَّنَ النّاسُ كُلُّهم بَعْضُهم بَعْضًا، فالتَقَوْا، فَتَفاوَضُوا في الحَدِيثِ والمُنازَعَةِ، فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدٌ بِالإسْلامِ، يَعْقِلُ شَيْئًا، إلّا دَخَلَ فِيهِ. فَلَقَدْ دَخَلَ في تِينِكَ السَّنَتَيْنِ في الإسْلامِ مِثْلُ مَن كانَ في الإسْلامِ قَبْلَ ذَلِكَ وأكْثَرُ. ووافَقَهُ مُجاهِدٌ، وإلى الثّانِي ذَهَبَ ابْنُ زَيْدٍ.
قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: والصَّوابُ أنْ يَعُمَّ فَيُقالُ: جَعَلَ اللَّهُ مِن دُونِ ذَلِكَ كِلَيْهِما.
{"ayah":"لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡیَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ ءَامِنِینَ مُحَلِّقِینَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِینَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُوا۟ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَ ٰلِكَ فَتۡحࣰا قَرِیبًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق