الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٤] ﴿فَإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إذا أثْخَنْتُمُوهم فَشُدُّوا الوَثاقَ فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها ذَلِكَ ولَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنهم ولَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكم بِبَعْضٍ والَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أعْمالَهُمْ﴾ . ﴿فَإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ﴾ لِما كانَ طَلِيعَةُ هَذِهِ السُّورَةِ تَمْهِيدًا لِجِهادِ المُشْرِكِينَ السّاعِينَ في الأرْضِ بِالفَسادِ، الصّادِّينَ عَنْ مَنهَجِ الرَّشادِ، وبَعْثًا عَلى الصِّدْقِ (p-٥٣٧٤)فِي قِتالِهِمْ، كَسْحًا لِعَقَبَةِ باطِلِهِمْ، عَمَلًا بِما يُوجِبُهُ الإيمانُ ويَفْرِضُهُ الإيقانُ، وتَمْيِيزًا لِأوْلِياءِ الرَّحْمَنِ مِن أوْلِياءِ الشَّيْطانِ، تَأثُّرُ تِلْكَ الطَّلِيعَةِ بِهَذِهِ الجُمْلَةِ. ولِذا قالَ أبُو السُّعُودِ: الفاءُ لِتَرْتِيبِ ما في حَيِّزِها مِنَ الأمْرِ عَلى ما قَبْلَها؛ فَإنَّ ضَلالَ أعْمالِ الكَفَرَةِ وخُبْثَهُمْ، وصَلاحَ أحْوالِ المُؤْمِنِينَ وفَلاحَهُمْ، مِمّا يُوجِبُ أنْ يُرَتِّبَ عَلى كُلٍّ مِنَ الجانِبَيْنِ ما يَلِيقُ بِهِ مِنَ الأحْكامِ؛ أيْ: فَإذا كانَ الأمْرُ كَما ذُكِرَ، فَإذا لَقِيتُمُوهم في المُحارَبَةِ، فَضَرْبَ الرِّقابِ. وأصْلُهُ: فاضْرِبُوا الرِّقابَ ضَرْبًا. فَحُذِفَ الفِعْلُ، وقُدِّمَ المَصْدَرُ، وأُنِيبَ مَنابَهُ مُضافًا إلى المَفْعُولِ. وفِيهِ اخْتِصارٌ وتَأْكِيدٌ بَلِيغٌ. والتَّعْبِيرُ بِهِ عَنِ القَتْلِ، تَصْوِيرٌ لَهُ بِأشْنَعِ صُورَةٍ، وتَهْوِيلٌ لِأمْرِهِ، وإرْشادٌ لِلْغُزاةِ إلى أيْسَرِ ما يَكُونُ مِنهُ: ﴿حَتّى إذا أثْخَنْتُمُوهُمْ﴾ أيْ: غَلَبْتُمُوهُمْ، وقَهَرْتُمْ مَن لَمْ تَضْرِبُوا رَقَبَتَهُ مِنهُمْ، فَصارُوا في أيْدِيكم أسْرى: ﴿فَشُدُّوا الوَثاقَ﴾ بِفَتْحِ الواوِ، وقُرِئَ بِكَسْرِها. وهو ما يُوثَقُ بِهِ، أيْ: يُرْبَطُ ويُشَدُّ، كالقَيْدِ والحَبْلِ. أيْ: فَأمْسِكُوهم بِهِ كَيْلا يَقْتُلُوكم فَيَهْرُبُوا مِنكُمْ: ﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ أيْ: فَإمّا تَمُنُّونَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَتُطْلِقُونَهم بِغَيْرِ عِوَضٍ، لِزَوالِ سَبْعِيَّتِهِمْ، وإمّا تَفْدُونَ فِداءً، فَتُطْلِقُونَهم بِعِوَضِ مالٍ، أوْ مُسْلِمٍ أسَرُوهُ فَيَتَقَوّى بِهِ المُسْلِمُونَ، أوْ يَتَخَلَّصُ أسِيرُهم. قالَ المَهايِمِيُّ: ولَمْ يُذْكَرِ القَتْلُ اكْتِفاءً بِما مَرَّ مِن قَوْلِهِ: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى حَتّى يُثْخِنَ في الأرْضِ﴾ [الأنفال: ٦٧] وذَلِكَ فِيمَن يَرى فِيهِ الإمامُ بَقاءَ السَّبْعِيَّةِ بِالكَمالِ، ولَمْ يُذْكَرْ الِاسْتِرْقاقُ؛ لِأنَّهُ في مَعْنى اسْتِدامَةِ الأسْرِ، وذَلِكَ فِيمَن يَرى فِيهِ نَوْعَ سَبْعِيَّةٍ، ولا تَزالُوا كَذَلِكَ: ﴿حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها﴾ أيْ: إلى انْقِضاءِ الحَرْبِ. و(الأوْزارُ): كالأحْمالِ وزْنًا ومَعْنًى، اسْتُعِيرَ لِآلاتِ الحَرْبِ الَّتِي لا تَقُومُ إلّا بِها، اسْتِعارَةً تَصْرِيحِيَّةً أوْ مَكْنِيَّةً، بِتَشْبِيهِها بِإنْسانٍ يَحْمِلُ حِمْلًا عَلى رَأْسِهِ أوْ ظَهْرِهِ، وأثْبَتَ لَهُ ذَلِكَ تَخْيِيلًا، وقَدْ جاءَ ذِكْرُها في قَوْلِ الأعْشى: ؎وأعْدَدْتَ لِلْحَرْبِ أوْزارَها رِماحًا طِوالًا وخَيْلًا ذُكُورًا (p-٥٣٧٥)وقِيلَ: أوْزارُها آثامُها. يَعْنِي: حَتّى يَتْرُكَ أهْلُ الحَرْبِ -وهُمُ المُشْرِكُونَ- شِرْكَهم ومَعاصِيَهم بِأنْ يُسَلِّمُوا. تَنْبِيهاتٌ: الأوَّلُ - قالَ في (الإكْلِيلِ): في الآيَةِ بَيانُ كَيْفِيَّةِ الجِهادِ. الثّانِي - لِلسَّلَفِ قَوْلانِ في أنَّ الآيَةَ: مَنسُوخَةٌ، أوْ مُحْكَمَةٌ. فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ، والضَّحّاكِ، والسُّدِّيِّ أنَّها مَنسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإذا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الحُرُمُ فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] قالُوا: فَلَمْ يَبْقَ لِأحَدٍ مِنَ المُشْرِكِينَ عَهْدٌ ولا ذِمَّةٌ بَعْدَ بَراءَةٍ، وانْسِلاخِ الأشْهُرِ الحُرُمِ. ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وعَطاءٍ، والحَسَنِ، وعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، أنَّ الآيَةَ مُحْكَمَةٌ لَيْسَتْ مَنسُوخَةً، وأنَّهُ لا يَجُوزُ قَتْلُ الأسِيرِ، وإنَّما لَهُ المَنُّ أوِ الفِداءُ. ووَجْهُ مَن ذَهَبَ إلى الأوَّلِ تَعارُضُ الآيَتَيْنِ عِنْدَهُ بادِئَ بَدْءٍ، فَلَمْ يَبْقَ إلّا القَوْلُ بِإحْداهُما وهي المُطْلَقَةُ. ومَدْرَكُ الثّانِي أنَّ الأمْرَ بِقَتْلِهِمُ المُجْمَلِ في آياتٍ، مَحْمُولٌ عَلى المُفَصَّلِ في مِثْلِ هَذِهِ الآيَةِ، أيْ: إنَّ القَتْلَ عِنْدَ اللِّقاءِ، ثُمَّ بَعْدَ انْقِضاءِ الحَرْبِ المَنُّ أوِ الفِداءُ لا غَيْرُ، إلّا أنْ تَبْدُوَ مَصْلَحَةٌ في القَتْلِ، فَتِلْكَ مِن بابٍ آخَرَ. وثُمَّ قَوْلٌ ثالِثٌ: وهو كَوْنُ الآيَةِ مُحْكَمَةً مَعَ تَفْوِيضِ الأمْرِ إلى الإمامِ، وأنَّ ذِكْرَ المَنِّ والفِداءِ لا يُنافِي جَوازَ القَتْلِ، لِعِلْمِهِ مِن آياتٍ أُخَرَ، لا سِيَّما ومَرْجِعُ الأمْرِ إلى المَصْلَحَةِ. وهَذا القَوْلُ هو الَّذِي أخْتارُهُ، وإذا دارَ الأمْرُ في الآيِ بَيْنَ الإحْكامِ والنَّسْخِ، فالأوَّلُ هو المُرَجَّحُ. وقَدْ لا يَتَعارَضُ قَوْلُ مَن قالَ بِالنَّسْخِ مَعَ الذّاهِبِ إلى الإحْكامِ، لِما قَدَّمْناهُ في مُقَدِّمَةِ التَّفْسِيرِ، مِن تَغايُرِ اصْطِلاحِ السَّلَفِ، والأُصُولِيِّينَ في النَّسْخِ. (p-٥٣٧٦)ثُمَّ رَأيْتُ ابْنَ جَرِيرٍ سَبَقَنِي في تَرْجِيحِ ذَلِكَ، وعِبارَتُهُ: والصَّوابُ مِنَ القَوْلِ عِنْدَنا في ذَلِكَ، أنَّ هَذِهِ الآيَةَ مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنسُوخَةٍ. وذَلِكَ أنَّ صِفَةَ النّاسِخِ والمَنسُوخِ، أنَّهُ ما لَمْ يَجُزِ اجْتِماعُ حُكْمَيْهِما في حالٍ واحِدَةٍ، أوْ ما قامَتِ الحُجَّةُ بِأنَّ أحَدَهُما ناسِخٌ الآخَرَ، وغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أنْ يَكُونَ جَعْلُ الخِيارِ في المَنِّ، والفِداءِ، والقَتْلِ إلى الرَّسُولِ ﷺ، وإلى القائِمِينَ بَعْدَهُ بِأمْرِ الأُمَّةِ، وإنْ لَمْ يَكُنِ القَتْلُ مَذْكُورًا في هَذِهِ الآيَةِ، لِأنَّهُ قَدْ أذِنَ بِقَتْلِهِمْ في آيَةٍ أُخْرى، وذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] الآيَةَ. بَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ، لِأنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَذَلِكَ كانَ يَفْعَلُ فِيمَن صارَ أسِيرًا في يَدِهِ مِن أهْلِ الحَرْبِ، فَيَقْتُلُ بَعْضًا، ويُفادِي بِبَعْضٍ، ويَمُنُّ عَلى بَعْضٍ، مِثْلَ يَوْمِ بَدْرٍ: قَتَلَ عُقْبَةَ بْنَ أبِي مُعَيْطٍ، وقَدْ أُتِيَ بِهِ أسِيرًا. وقَتَلَ بَنِي قُرَيْظَةَ وقَدْ نَزَلُوا عَلى حُكْمِ سَعْدٍ، وصارُوا في يَدِهِ سَلَمًا، وهو عَلى فِدائِهِمْ والمَنِّ عَلَيْهِمْ قادِرٌ، وفادى بِجَماعَةٍ، أُسارى المُشْرِكِينَ الَّذِينَ أُسِرُوا بِبَدْرٍ، ومَنَّ عَلى ثُمامَةَ بْنِ أثالٍ الحَنَفِيُّ، وهو أسِيرٌ في يَدِهِ. ولَمْ يَزَلْ ذَلِكَ ثابِتًا مِن سَيْرِهِ في أهْلِ الحَرْبِ، مِن لَدُنْ أذِنَ اللَّهُ لَهُ بِحَرْبِهِمْ، إلى أنْ قَبَضَهُ إلَيْهِ ﷺ دائِمًا ذَلِكَ فِيهِمْ. وإنَّما ذَكَرَ جَلَّ ثَناؤُهُ في هَذِهِ الآيَةِ المَنَّ والفِداءَ في الأُسارى، فَخَصَّ ذِكْرَهُما فِيها، لِأنَّ الأمْرَ بِقَتْلِهِمْ والإذْنَ مِنهُ بِذَلِكَ، قَدْ كانَ تَقَدَّمَ في سائِرِ آيِ تَنْزِيلِهِ مُكَرَّرًا، فَأعْلَمَ نَبِيَّهُ ﷺ بِما ذَكَرَ في هَذِهِ الآيَةِ مِنَ المَنِّ والفِداءِ، ما لَهُ فِيهِمْ مَعَ القَتْلِ. انْتَهى كَلامُ ابْنِ جَرِيرٍ. الثّالِثُ -مِن فَوائِدِ الآيَةِ أيْضًا جَوازُ تَخْلِيَةِ سَبِيلِ المُشْرِكِينَ، إذا ضَعُفَتْ شَوْكَتُهُمْ، وأمِنَتْ مَفْسَدَتُهم، لِأنَّ ذَلِكَ مِن لَوازِمِ المَنِّ، وقَبُولِ الفِداءِ، والقَوْلُ بِإبادَةِ خَضْرائِهِمْ مِن غَيْرِ تَفْصِيلٌ، يُنافِيهِ نَصُّ هَذِهِ الآيَةِ، وقَبُولُ النَّبِيِّ ﷺ الجِزْيَةَ مِن مَجُوسِ هَجَرَ وهم مُشْرِكُونَ، فَتَفَهَّمْ. (p-٥٣٧٧)وبِالجُمْلَةِ، فالَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ الأئِمَّةُ المُحَقِّقُونَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أنَّ الأمِيرَ يُخَيَّرُ، بَعْدَ الظَّفْرِ تَخْيِيرَ مُصْلَحَةٍ لا شَهْوَةٍ في الأُسَراءِ المُقاتِلِينَ، بَيْنَ قِتالٍ واسْتِرْقاقٍ، ومَنٍّ وفِداءٍ. ويَجِبُ عَلَيْهِ اخْتِيارُ الأصْلَحِ لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأنَّهُ يَتَصَرَّفُ لَهم عَلى سَبِيلِ النَّظَرِ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ تَرْكُ ما فِيهِ الحَظُّ، كَوَلِيِّ اليَتِيمِ، لِأنَّ كُلَّ خَصْلَةٍ مِن هَذِهِ الخِصالِ قَدْ تَكُونُ أصْلَحَ في بَعْضِ الأسْرى. فَإنَّ مِنهم مَن لَهُ قُوَّةٌ ونِكايَةٌ في المُسْلِمِينَ، فَقَتْلُهُ أصْلَحُ. ومِنهُمُ الضَّعِيفُ ذُو المالِ الكَثِيرِ، فَفِداؤُهُ أصْلَحُ، ومِنهم حَسَنُ الرَّأْيِ في المُسْلِمِينَ، يُرْجى إسْلامُهُ، فالمَنُّ عَلَيْهِ أوْلى، ومَن يُنْتَفَعُ بِخِدْمَتِهِ، ويُؤْمَنُ شَرُّهُ، اسْتِرْقاقُهُ أصْلَحُ -كَما في (شَرْحِ الإقْناعِ). الرّابِعُ -تُسَنُّ دَعْوَةُ الكُفّارِ إلى الإسْلامِ قَبْلَ القِتالِ لِمَن بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ، قَطْعًا لِحُجَّتِهِ. ويَحْرُمُ القِتالُ قَبْلَها لِمَن لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ بْنِ الحَصِيبِ قالَ: «كانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا بَعَثَ أمِيرًا عَلى سَرِيَّةٍ أوْ جَيْشٍ، أمَرَهُ بِتَقْوى اللَّهِ تَعالى في خاصَّةِ نَفْسِهِ، وبِمَن مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ. وقالَ: «إذا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ المُشْرِكِينَ فادْعُهم إلى إحْدى ثَلاثٍ، فَإنْ هم أجابُوكَ إلَيْها فاقْبَلْ مِنهُمْ، وكُفَّ عَنْهُمُ: ادْعُهم إلى الإسْلامِ، فَإنْ أجابُوكَ فاقْبَلْ مِنهُمْ، وكُفَّ عَنْهُمْ، فَإنْ هم أبَوْا فادْعُهم إعْطاءَ الجِزْيَةِ، فَإنْ أجابُوكَ فاقْبَلْ مِنهُمْ، وكُفَّ عَنْهم. فَإنْ أبَوْا فاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وقاتِلْهم»» رَواهُ مُسْلِمٌ. وقَيَّدَ الإمامُ ابْنُ القَيِّمِ وُجُوبَ الدَّعْوَةِ واسْتِحْبابَها، بِما قَصَدَهُمُ المُسْلِمُونَ. أمّا إذا كانَ الكُفّارُ قاصِدِينَ المُسْلِمِينَ بِالقِتالِ، فَلِلْمُسْلِمِينَ قِتالُهم مِن غَيْرِ دَعْوَةٍ، دَفْعًا عَنْ نُفُوسِهِمْ، وحَرِيمِهِمْ، وأمْرُ الجِهادِ مَوْكُولٌ إلى الإمامِ واجْتِهادِهِ، لِأنَّهُ أعْرَفُ بِحالِ النّاسِ، وبِحالِ العَدُوِّ، ونِكايَتِهِمْ، وقُرْبِهِمْ، وبُعْدِهِمْ - كَما في (شَرْحِ الإقْناعِ). وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ﴾ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ. أيِ: الأمْرُ ذَلِكَ. أوْ مَفْعُولٌ لِمُقَدَّرٍ: ﴿ولَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنهُمْ﴾ أيْ: لانْتَقَمَ مِنهم بِعُقُوبَةٍ عاجِلَةٍ، وكَفاكم ذَلِكَ كُلَّهُ. ﴿ولَكِنْ لِيَبْلُوَ (p-٥٣٧٨)بَعْضَكم بِبَعْضٍ﴾ أيْ: لِيَخْتَبِرَكم بِهِمْ، فَيَعْلَمَ المُجاهِدِينَ مِنكم والصّابِرِينَ فَيُثِيبَهُمْ، ويَبْلُوهم بِكُمْ، فَيُعاقِبُ بِأيْدِيكم مَن شاءَ مِنهم حَتّى يُنِيبَ إلى الحَقِّ ﴿والَّذِينَ قُتِلُوا﴾ أيِ: اسْتُشْهِدُوا. وقُرِئَ: قاتَلُوا: ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أعْمالَهُمْ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب