الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٢] ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وآمَنُوا بِما نُـزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وهو الحَقُّ مِن رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهم سَيِّئاتِهِمْ وأصْلَحَ بالَهُمْ﴾ . ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ أيِ: الطّاعاتِ فِيما بَيْنَهم وبَيْنَ رَبِّهِمْ. وقَوْلُهُ: ﴿وآمَنُوا بِما نُـزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ﴾ أيْ: بِما أنْزَلَ اللَّهُ بِهِ جِبْرِيلَ عَلى مُحَمَّدٍ ﷺ. وإنَّما خَصَّهُ بِالذِّكْرِ، مَعَ دُخُولِهِ فِيما قَبْلَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ وتَعْلِيمًا؛ لِأنَّهُ لا يَصِحُّ الإيمانُ ولا يَتِمُّ إلّا بِهِ؛ إذْ يُفِيدُ بِعَطْفِهِ أنَّهُ أعْظَمُ أرْكانِهِ، لِإفْرادِهِ بِالذِّكْرِ. وقَدْ تَأكَّدَ ذَلِكَ بِالجُمْلَةِ الِاعْتِراضِيَّةِ الَّتِي هي قَوْلُهُ: ﴿وهُوَ الحَقُّ مِن رَبِّهِمْ﴾ أيِ: الثّابِتُ بِالواقِعِ، ونَفْسُ الأمْرِ ﴿كَفَّرَ عَنْهم سَيِّئاتِهِمْ﴾ أيْ: سَتَرَ بِإيمانِهِمْ وعَمَلِهِمُ الصّالِحِ، ما كانَ مِنهم مِنَ الكُفْرِ والمَعاصِي، لِرُجُوعِهِمْ عَنْها وتَوْبَتِهِمْ: ﴿وأصْلَحَ بالَهُمْ﴾ أيْ: حالَهم وشَأْنَهُمْ، وعَمَلَهم في الدُّنْيا بِالتَّأْيِيدِ والتَّوْفِيقِ. قالَ الشِّهابُ: (البالُ) يَكُونُ بِمَعْنى الحالِ والشَّأْنِ، وقَدْ يَخُصُّ بِالشَّأْنِ العَظِيمِ، كَقَوْلِهِ ﷺ ««كُلُّ أمْرٍ ذِي بالٍ»» . ويَكُونُ بِمَعْنى الخاطِرِ القَلْبِيِّ، ويَتَجَوَّزُ بِهِ عَنِ القَلْبِ، ولَوْ فُسِّرَ بِهِ (p-٥٣٧٣)هُنا كانَ حَسَنًا أيْضًا. وقَدْ فَسَّرَهُ السَّفاقِسِيُّ بِالفِكْرِ؛ لِأنَّهُ إذا صَلَحَ قَلْبُهُ وفِكْرُهُ، صَلَحَتْ عَقِيدَتُهُ وأعْمالُهُ. وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ: البالُ كالمَصْدَرِ، مِثْلُ الشَّأْنِ، لا يُعْرَفُ مِنهُ فِعْلٌ، ولا تَكادُ العَرَبُ تَجْمَعُهُ إلّا في ضَرُورَةِ شِعْرٍ، فَإذا جَمَعُوهُ قالُوا: (بالاتٌ).
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب