الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ١٥] ﴿وجَعَلُوا لَهُ مِن عِبادِهِ جُزْءًا إنَّ الإنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ﴾ . ﴿وجَعَلُوا لَهُ مِن عِبادِهِ جُزْءًا﴾ أيْ: جَعَلَ هَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ لِلَّهِ مِن خَلْقِهِ نَصِيبًا، وذَلِكَ (p-٥٢٦١)قَوْلُهم لِلْمَلائِكَةِ: (هم بَناتُ اللَّهِ). قالَ القاشانِيُّ: أيِ: اعْتَرَفُوا بِأنَّهُ خالِقُ السَّماواتِ والأرْضِ ومُبْدِعُهُما وفاطِرُهُما. وقَدْ جَسَّمُوهُ وجَزَّأُوهُ بِإثْباتِ الوَلَدِ لَهُ، الَّذِي هو بَعْضٌ مِنَ الوالِدِ، مُماثِلٌ لَهُ في النَّوْعِ، لِكَوْنِهِمْ ظاهِرِيِّينَ جُسْمانِيِّينَ، لا يَتَجاوَزُونَ عَنْ رُتْبَةِ الحِسِّ والخَيالِ، ولا يَتَجَرَّدُونَ عَنْ مَلابِسِ الجُسْمانِيّاتِ، فَيُدْرِكُونَ الحَقائِقَ المُجَرَّدَةَ، والذَّواتَ المُقَدَّسَةَ، فَضْلًا عَنْ ذاتِ اللَّهِ تَعالى. فَكُلُّ ما تَصَوَّرُوا وتَخَيَّلُوا، كانَ شَيْئًا جُسْمانِيًّا. ولِهَذا كَذَّبُوا الأنْبِياءَ في إثْباتِ الآخِرَةِ، والبَعْثِ، والنُّشُورِ، وكُلُّ ما يَتَعَلَّقُ بِالمَعادِ؛ إذْ لا يَتَعَدّى إدْراكُهُمُ الحَياةَ الدُّنْيا، وعُقُولُهُمُ المَحْجُوبَةُ عَنْ نُورِ الهِدايَةِ، أُمُورَ المَعاشِ. فَلا مُناسَبَةَ أصْلًا بَيْنَ ذَواتِهِمْ وذَواتِ الأنْبِياءِ، إلّا في ظاهِرِ البَشَرِيَّةِ. فَلا حاجَةَ إلى ما وراءَها. انْتَهى. ﴿إنَّ الإنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ﴾ أيْ: لَجَحُودٌ نِعَمَ رَبِّهِ، الَّتِي أنْعَمَها عَلَيْهِ، يَبِينُ كُفْرانُهُ لِمَن تَدَبَّرَ حالَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب