الباحث القرآني

(p-٥١٧١)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٤٦ - ٤٨] ﴿النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وعَشِيًّا ويَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدَّ العَذابِ﴾ ﴿وإذْ يَتَحاجُّونَ في النّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنّا كُنّا لَكم تَبَعًا فَهَلْ أنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا نَصِيبًا مِنَ النّارِ﴾ [غافر: ٤٧] ﴿قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنّا كُلٌّ فِيها إنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ العِبادِ﴾ [غافر: ٤٨] . ﴿النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وعَشِيًّا﴾ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مُبَيِّنَةٌ لِكَيْفِيَّةِ نُزُولِ العَذابِ بِهِمْ، عَلى أنَّ: { النّارُ } مُبْتَدَأٌ، وجُمْلَةُ: { يُعْرَضُونَ } خَبَرُهُ. وعَلى الثّانِي، فالنّارُ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ، وهو خَبَرُ العَذابِ السَّيِّئِ، أوْ هي بَدَلٌ مِن: { سُوءُ العَذابِ } . والمُرادُ عَرْضُ أرْواحِهِمْ عَلَيْها دائِمًا. واكْتَفى بِالطَّرَفَيْنِ المُحِيطَيْنِ -الغُدُوِّ والعَشِيِّ- عَنِ الجَمِيعِ، وبِهِ يُسْتَدَلُّ عَلى عَذابِ القَبْرِ والبَرْزَخِ. وقاناهُ اللَّهُ تَعالى بِمَنِّهِ. قالَ السُّيُوطِيُّ: وفي (العَجائِبِ) لِلْكَرْمانِيِّ، في الآيَةِ أدَلُّ دَلِيلٍ عَلى عَذابِ القَبْرِ؛ لِأنَّ المَعْطُوفَ غَيْرُ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ؛ يَعْنِي قَوْلَهُ تَعالى: ﴿ويَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ﴾ أيْ: هَذا العَرْضُ ما دامَتِ الدُّنْيا، فَإذا قامَتِ السّاعَةُ يُقالُ لَهُمْ: ﴿أدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدَّ العَذابِ﴾ وهو عَذابُ جَهَنَّمَ؛ لِأنَّهُ جَزاءُ شِدَّةِ كُفْرِهِمْ: ﴿وإذْ يَتَحاجُّونَ في النّارِ﴾ [غافر: ٤٧] أيْ: يَتَخاصَمُونَ فِيها، الأتْباعُ والمَتْبُوعُونَ: ﴿فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنّا كُنّا لَكم تَبَعًا﴾ [غافر: ٤٧] أيْ: أتْباعًا كالمُكْرَهِينَ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا نَصِيبًا مِنَ النّارِ﴾ [غافر: ٤٧] ﴿قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنّا كُلٌّ فِيها﴾ [غافر: ٤٨] أيْ: نَحْنُ وأنْتُمْ. فَكَيْفَ نُغْنِي عَنْكُمْ؟ ولَوْ قَدَرْنا لَأغْنَيْنا عَنْ أنْفُسِنا: ﴿إنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ العِبادِ﴾ [غافر: ٤٨] أيْ: بِأنْ أدْخَلَ أهْلَ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وأهْلَ النّارِ النّارَ، ولا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ. أوْ بِأنْ قَدَّرَ عَذابًا لِكُلٍّ مِنّا لا يُدْفَعُ عَنْهُ، ولا يَتَحَمَّلُهُ عَنْهُ غَيْرُهُ، قالَ الشِّهابُ: وهَذا أنْسَبُ بِما قَبْلَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب