الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكم أنْ تُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهْلِها وإذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ إنَّ اللَّهَ نِعِمّا يَعِظُكم بِهِ إنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [٥٨]
﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكم أنْ تُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهْلِها﴾ هَذِهِ الآيَةُ مِن أُمَّهاتِ الآياتِ المُشْتَمِلَةِ عَلى كَثِيرٍ مِن أحْكامِ الشَّرْعِ.
(p-١٣٣١)قالَ أبُو السُّعُودِ: في تَصْدِيرِ الكَلامِ بِكَلِمَةِ التَّحْقِيقِ، وإظْهارِ الِاسْمِ الجَلِيلِ، وإيرادِ الأمْرِ عَلى صُورَةِ الإخْبارِ - مِنَ الفَخامَةِ وتَأْكِيدِ وُجُوبِ الِامْتِثالِ بِهِ والدَّلالَةِ عَلى الِاعْتِناءِ بِشَأْنِهِ ما لا مَزِيدَ عَلَيْهِ، وهو خِطابٌ يَعُمُّ حُكْمُهُ المُكَلَّفِينَ قاطِبَةً، كَما أنَّ الأماناتِ تَعُمُّ جَمِيعَ الحُقُوقِ المُتَعَلِّقَةِ بِذِمَمِهِمْ: مِن حُقُوقِ اللَّهِ تَعالى وحُقُوقِ العِبادِ، سَواءٌ كانَتْ فِعْلِيَّةً أوْ قَوْلِيَّةً أوِ اعْتِقادِيَّةً، وإنْ ورَدَ في شَأْنِ عُثْمانَ بْنِ طَلْحَةَ. انْتَهى.
أيْ لِأنَّ الِاعْتِبارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، كَما تَقَرَّرَ في الأُصُولِ، وأجْمَعُوا عَلى أنَّ الأماناتِ مَرْدُودَةٌ إلى أرْبابِها الأبْرارِ مِنهم والفُجّارِ، كَما قالَ ابْنُ المُنْذِرِ.
وفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: أدِّ الأمانَةَ إلى مَنِ ائْتَمَنَكَ ولا تَخُنْ مَن خانَكَ» رَواهُ الإمامُ أحْمَدُ وأهْلُ السُّنَنِ.
قالَ الحافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ: وقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في شَأْنِ عُثْمانَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أبِي طَلْحَةَ، واسْمُ أبِي طَلْحَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ العُزّى بْنِ عُثْمانَ بْنِ عَبْدِ الدّارِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ القُرَشِيُّ العَبْدَرِيُّ حاجِبُ الكَعْبَةِ المُعَظَّمَةِ، وهو ابْنُ عَمِّ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمانَ بْنِ أبِي طَلْحَةَ الَّذِي صارَتِ الحِجابَةُ في نَسْلِهِ إلى اليَوْمِ.
أسْلَمَ عُثْمانُ هَذا في الهُدْنَةِ بَيْنَ صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ وفَتْحِ مَكَّةَ، هو وخالِدُ بْنُ الوَلِيدِ، وعَمْرُو بْنُ العاصِ، وأمّا عَمُّهُ عُثْمانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ أبِي طَلْحَةَ فَكانَ مَعَهُ لِواءُ المُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وقُتِلَ يَوْمَئِذٍ كافِرًا.
وإنَّما نَبَّهْنا عَلى هَذا النَّسَبِ؛ لِأنَّ كَثِيرًا مِنَ المُفَسِّرِينَ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ هَذا بِهَذا.
وسَبَبُ نُزُولِها فِيهِ لَمّا أخَذَ مِنهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِفْتاحَ الكَعْبَةِ يَوْمَ (p-١٣٣٢)الفَتْحِ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ.
وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ في غَزْوَةِ الفَتْحِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي ثَوْرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمّا نَزَلَ بِمَكَّةَ واطْمَأنَّ النّاسُ، خَرَجَ حَتّى جاءَ إلى البَيْتِ فَطافَ بِهِ سَبْعًا عَلى راحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ في يَدِهِ، فَلَمّا قَضى طَوافَهُ دَعا عُثْمانَ بْنَ طَلْحَةَ فَأخَذَ مِنهُ مِفْتاحَ الكَعْبَةِ فَفُتِحَتْ لَهُ، فَدَخَلَها فَوَجَدَ فِيها حَمامَةً مِن عِيدانٍ فَكَسَرَها بِيَدِهِ ثُمَّ طَرَحَها، ثُمَّ وقَفَ عَلى بابِ الكَعْبَةِ وقَدِ اسْتَكَفَّ لَهُ النّاسُ في المَسْجِدِ».
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قامَ عَلى بابِ الكَعْبَةِ فَقالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، صَدَقَ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الأحْزابَ وحْدَهُ، ألا كُلُّ مَأْثُرَةٍ أوْ دَمٍ أوْ مالٍ يُدَّعى فَهو تَحْتَ قَدَمَيَّ هاتَيْنِ إلّا سِدانَةَ البَيْتِ وسِقايَةَ الحاجِّ» .
وذَكَرَ بَقِيَّةَ الحَدِيثِ في خُطْبَةِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَئِذٍ، إلى أنْ قالَ: «ثُمَّ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في المَسْجِدِ فَقامَ إلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ ومِفْتاحُ الكَعْبَةِ في يَدِهِ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ اجْمَعْ لَنا الحِجابَةَ مَعَ السِّقايَةِ، صَلّى اللَّهُ عَلَيْكَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أيْنَ عُثْمانُ بْنُ طَلْحَةَ؟ فَدُعِيَ لَهُ، فَقالَ [لَهُ]: هاكَ مِفْتاحَكَ يا عُثْمانُ، اليَوْمَ يَوْمُ بِرٍّ ووَفاءٍ» .
ورَوى ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في الآيَةِ قالَ: «نَزَلَتْ في عُثْمانَ بْنِ أبِي طَلْحَةَ، قَبَضَ مِنهُ النَّبِيُّ ﷺ مِفْتاحَ الكَعْبَةِ، ودَخَلَ بِهِ البَيْتَ يَوْمَ الفَتْحِ، فَخَرَجَ وهو يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكم أنْ تُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهْلِها﴾ فَدَعا عُثْمانَ إلَيْهِ، فَدَفَعَ إلَيْهِ المِفْتاحَ».
قالَ: «وقالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ (لَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الكَعْبَةِ وهو يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكم أنْ تُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهْلِها﴾ ) فِداهُ أبِي وأُمِّي، ما سَمِعْتُهُ يَتْلُوها قَبْلَ ذَلِكَ».
قالَ السُّيُوطِيُّ: ظاهِرُ هَذا أنَّها نَزَلَتْ في جَوْفِ الكَعْبَةِ. انْتَهى.
(p-١٣٣٣)وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وزَيْدِ بْنِ أسْلَمَ، وشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في الأُمَراءِ، يَعْنِي الحُكّامَ بَيْنَ النّاسِ.
وقالَ السُّيُوطِيُّ في "الإكْلِيلِ": في هَذِهِ الآيَةِ وُجُوبُ رَدِّ كُلِّ أمانَةٍ مِن ودِيعَةٍ وقِراضٍ وقَرْضٍ وغَيْرِ ذَلِكَ، واسْتَدَلَّ المالِكِيَّةُ بِعُمُومِ الآيَةِ عَلى أنَّ الحَرْبِيَّ إذا دَخَلَ دارَنا بِأمانٍ فَأوْدَعَ ودِيعَةً ثُمَّ ماتَ أوْ قُتِلَ أنَّهُ يَجِبُ رَدُّ ودِيعَتِهِ إلى أهْلِهِ، وأنَّ المُسْلِمَ إذا اسْتَدانَ مِنَ الحَرْبِيِّ بِدارِ الحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ يَجِبُ وفاؤُهُ، وأنَّ الأسِيرَ إذا ائْتَمَنَهُ الحَرْبِيُّ عَلى شَيْءٍ لا يَجُوزُ لَهُ أنْ يَخُونَهُ، وعَلى أنَّ مَن أوْدَعَ مالًا وكانَ المُودِعُ خانَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أنَّ يَجْحَدَهُ كَما جَحَدَهُ، ويُوافِقُ هَذِهِ المَسْألَةَ حَدِيثُ: «أدِّ الأمانَةَ إلى مَنِ ائْتَمَنَكَ ولا تَخُنْ مَن خانَكَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في هَذِهِ الآيَةِ قالَ: مُبْهَمَةٌ لِلْبَرِّ والفاجِرِ، يَعْنِي عامَّةً.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وغَيْرُهُ أنَّها نَزَلَتْ في شَأْنِ مِفْتاحِ الكَعْبَةِ، لَمّا أخَذَهُ النَّبِيُّ ﷺ مِن عُثْمانَ بْنِ طَلْحَةَ، واخْتارَ ما رَواهُ عَلِيٌّ وغَيْرُهُ أنَّها خِطابٌ لِوُلاةِ المُسْلِمِينَ، أُمِرُوا بِأداءِ الأمانَةِ لِمَن وُلُّوا عَلَيْهِ، فَيُسْتَدَلُّ بِالآيَةِ عَلى أنَّ عَلى الحُكّامِ والأئِمَّةِ ونُظّارِ الأوْقافِ أداءُ الحُقُوقِ المُتَعَلِّقَةِ بِذِمَمِهِمْ مِن تَوْلِيَةِ المَناصِبِ وغَيْرِها إلى مَن يَسْتَحِقُّها، كَما أنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وإذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ﴾ أمْرٌ لَهم بِإيصالِ الحُقُوقِ المُتَعَلِّقَةِ بِذِمَمِ الغَيْرِ إلى أصْحابِها، وحَيْثُ كانَ المَأْمُورُ بِهِ هَهُنا مُخْتَصًّا بِوَقْتِ المُرافَعَةِ قُيِّدَ بِهِ، بِخِلافِ المَأْمُورِ بِهِ أوَّلًا، فَإنَّهُ لَمّا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِوَقْتٍ دُونَ وقْتٍ أُطْلِقَ إطْلاقًا، وأصْلُ العَدْلِ هو المُساواةُ في الأشْياءِ، فَكُلُّ ما خَرَجَ مِنَ الظُّلْمِ والِاعْتِداءِ سُمِّيَ عَدْلًا.
رَوى الإمامُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلى مَنابِرَ مِن نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأهْلِيهِمْ وما وُلُّوا» .
(p-١٣٣٤)ورَوى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أحَبُّ النّاسِ إلى اللَّهِ يَوْمَ القِيامَةِ وأدْناهم عِنْدَهُ مَجْلِسًا: إمامٌ عادِلٌ، وأبْغَضُ النّاسِ إلى اللَّهِ وأبْعَدُهم مِنهُ مَجْلِسًا إمامٌ جائِرٌ» .
ورَوى الحاكِمُ والبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنِ ابْنِ أبِي أوْفى، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ اللَّهَ تَعالى مَعَ القاضِي ما لَمْ يَجُرْ، فَإذا جارَ تَبَرَّأ اللَّهُ مِنهُ وألْزَمَهُ الشَّيْطانَ» .
قالَ الإمامُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في رِسالَتِهِ "السِّياسَةُ الشَّرْعِيَّةُ" بَعْدَ الخُطْبَةِ: هَذِهِ الرِّسالَةُ مَبْنِيَّةُ عَلى آيَةِ الأُمَراءِ في كِتابِ اللَّهِ تَعالى، وهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكم أنْ تُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهْلِها﴾ الآيَةَ.
قالَ العُلَماءُ: نَزَلَتْ في وُلاةِ الأُمُورِ عَلَيْهِمْ أنْ يُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهْلِها وإذا حَكَمُوا بَيْنَ النّاسِ أنْ يَحْكُمُوا بِالعَدْلِ، ثُمَّ قالَ: وإذا كانَتِ الآيَةُ قَدْ أوْجَبَتْ أداءَ الأماناتِ إلى أهْلِها والحُكْمَ بِالعَدْلِ، فَهَذانَ جُمّاعُ السِّياسَةِ العادِلَةِ والوِلايَةِ الصّالِحَةِ، ثُمَّ قالَ: أمّا أداءُ الأماناتِ فَفِيهِ نَوْعانِ:
أحَدُهُما: الوِلاياتُ وهو كانَ سَبَبَ نُزُولِ الآيَةِ، فَإنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمّا فَتَحَ مَكَّةَ وتَسَلَّمَ مَفاتِيحَ الكَعْبَةِ مِن بَنِي شَيْبَةَ وطَلَبَها العَبّاسُ لِيُجْمَعَ لَهُ بَيْنَ سِقايَةِ الحاجِّ وسَدانَةِ البَيْتِ فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ، فَرَدَّ مَفاتِيحَ الكَعْبَةِ إلى بَنِي شَيْبَةَ، فَيَجِبُ عَلى ولِيِّ الأمْرِ أنْ يُوَلِّيَ عَلى كُلِّ عَمَلٍ مِن أعْمالِ المُسْلِمِينَ أصْلَحَ مَن يَجِدُهُ لِذَلِكَ العَمَلِ.
قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَن ولِيَ مَن أمْرِ المُسْلِمِينَ شَيْئًا فَوَلّى رَجُلًا وهو يَجِدُ مَن هو أصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنهُ فَقَدْ خانَ اللَّهَ ورَسُولَهُ والمُؤْمِنِينَ» رَواهُ الحاكِمُ في صَحِيحِهِ.
وفِي رِوايَةٍ: «مَن قَلَّدَ رَجُلًا عَمَلًا عَلى عِصابَةٍ وهو يَجِدُ في تِلْكَ العِصابَةِ أرْضى مِنهُ فَقَدْ خانَ اللَّهَ ورَسُولَهُ وخانَ المُؤْمِنِينَ» .
وقالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَن ولِيَ مَن أمْرِ المُسْلِمِينَ شَيْئًا فَوَلّى رَجُلًا لِمَوَدَّةٍ أوْ قَرابَةٍ بَيْنِهِما فَقَدْ خانَ اللَّهَ ورَسُولَهُ والمُسْلِمِينَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ البَحْثُ عَنِ المُسْتَحِقِّينَ لِلْوِلاياتِ مِن نُوّابِهِ عَلى الأمْصارِ، مِنَ الأُمَراءِ الَّذِينَ هم نُوّابُ ذِي السُّلْطانِ والقَضاءِ، ومِن أُمَراءِ الأجْنادِ ومُقَدَّمِي (p-١٣٣٥)العَساكِرِ الكِبارِ والصِّغارِ ووُلاةِ الأمْوالِ مِنَ الوُزَراءِ والكُتّابِ والشّادِينَ والسُّعاةِ عَلى الخَراجِ والصَّدَقاتِ، وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأمْوالِ الَّتِي لِلْمُسْلِمِينَ، وعَلى كُلِّ واحِدٍ مِن هَؤُلاءِ أنْ يَسْتَنِيبَ ويَسْتَعْمِلَ أصْلَحَ مَن يَجِدُهُ، ويَنْتَهِي ذَلِكَ إلى أئِمَّةِ الصَّلاةِ والمُؤَذِّنِينَ والمُقْرِئِينَ والمُعَلِّمِينَ وأُمَراءِ الحاجِّ والبُرُدِ وخُزّانِ الأمْوالِ ونُقَباءِ العَساكِرِ الكِبارِ والصِّغارِ، وعَرْفاءِ القَبائِلِ والأسْواقِ.
عَلى كُلِّ مَن ولِيَ شَيْئًا مِن أُمُورِ المُسْلِمِينَ مِنَ الأُمَراءِ وغَيْرِهِمْ أنْ يَسْتَعْمَلَ فِيما تَحْتَ يَدِهِ - في كُلِّ مَوْضِعٍ - أصْلَحَ مَن يَقْدِرُ عَلَيْهِ، ولا يُقَدَّمُ الرَّجُلُ لِكَوْنِهِ طَلَبَ أوْ سَبَقَ في الطَّلَبِ، بَلْ ذَلِكَ سَبَبُ المَنعِ، فَإنَّ في الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «أنَّ قَوْمًا دَخَلُوا عَلَيْهِ فَسَألُوهُ وِلايَةً فَقالَ: إنّا لا نُوَلِّي أمْرَنا هَذا مَن طَلَبَهُ» .
وقالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: «يا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ! لا تَسْألِ الإمارَةَ، فَإنَّكَ إنْ أُعْطِيتَها مِن غَيْرِ مَسْألَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْها، وإنْ أُعْطِيتَها مِن مَسْألَةٍ وُكِلْتَ إلَيْها» أخْرَجاهُ في الصَّحِيحَيْنِ.
(p-١٣٣٦)وقالَ: «مَن طَلَبَ القَضاءَ واسْتَعانَ عَلَيْهِ وُكِلَ إلَيْهِ، ومَن لَمْ يَطْلُبْهُ ولَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ أنْزَلَ اللَّهُ إلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ» رَواهُ أهْلُ السُّنَنِ.
فَإنْ عَدَلَ عَنِ الأحَقِّ الأصْلَحِ إلى غَيْرِهِ لِأجْلِ قَرابَةٍ بَيْنَهُما، أوْ ولّاهُ عَتاقَةً أوْ صَداقَةً أوْ مُوافَقَةً في مَذْهَبٍ أوْ بَلَدٍ أوْ طَرِيقَةٍ أوْ جِنْسٍ، كالعَرَبِيَّةِ والفارِسِيَّةِ والتُّرْكِيَّةِ والرُّومِيَّةِ، أوْ لِرَشْوَةٍ يَأْخُذُها مِنهُ مِن مالِهِ أوْ مَنفَعَةً، أوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأسْبابِ، أوْ لِضَغَنٍ في قَلْبِهِ عَلى الأحَقِّ، أوْ عَداوَةً بَيْنَهُما - فَقَدْ خانَ اللَّهَ ورَسُولَهُ والمُؤْمِنِينَ ودَخَلَ فِيما نُهِيَ عَنْهُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ وتَخُونُوا أماناتِكم وأنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: ٢٧] [الأنْفالِ: ٢٧].
ثُمَّ قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿واعْلَمُوا أنَّما أمْوالُكم وأوْلادُكم فِتْنَةٌ وأنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال: ٢٨] [الأنْفالِ: ٢٨] فَإنَّ الرَّجُلَ لِحُبِّهِ لِوَلَدِهِ أوْ عَتِيقِهِ قَدْ يُؤْثِرُهُ في بَعْضِ الوِلاياتِ أوْ يُعْطِيهِ ما لا يَسْتَحِقُّهُ فَيَكُونُ قَدْ خانَ أمانَتَهُ، وكَذَلِكَ قَدْ يُؤْثِرُ زِيادَةَ حِفْظِهِ أوْ مالِهِ بِأخْذِ ما لا يَسْتَحِقُّهُ أوْ مُحاباةِ مَن يُداهِنُهُ في بَعْضِ الوِلاياتِ فَيَكُونُ قَدْ خانَ اللَّهَ ورَسُولَهُ وخانَ أمانَتَهُ، ثُمَّ إنَّ المُؤَدِّيَ الأمانَةَ - مَعَ مُخالَفَةِ هَواهُ - يُثِيبُهُ اللَّهُ فَيَحْفَظُهُ في أهْلِهِ ومالِهِ بَعْدَهُ، والمُطِيعَ لِهَواهُ يُعاقِبُهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، فَيُذِلُّ أهْلَهُ ويُذْهِبُ مالَهُ، وفي ذَلِكَ الحِكايَةُ المَشْهُورَةُ: إنَّ بَعْضَ خُلَفاءِ بَنِي العَبّاسِ سَألَ بَعْضَ العُلَماءِ أنْ يُحَدِّثَ بِما أدْرَكَ، فَقالَ: أدْرَكْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ فَقِيلَ لَهُ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ! أفْقَرْتَ أفْواهَ بَنِيكَ مِن هَذا المالِ وتَرَكْتَهم فُقَراءَ لا شَيْءَ لَهم - وكانَ في مَرَضِ مَوْتِهِ - فَقالَ: أدْخِلُوهم عَلَيَّ، فَأدْخَلُوهم وهم بِضْعَةَ عَشَرَ ذَكَرًا، لَيْسَ فِيهِمْ بالِغٌ، فَلَمّا رَآهم ذَرَفَتْ عَيْناهُ ثُمَّ قالَ: واللَّهِ يا بَنِيَّ ما مَنَعْتُكم حَقًّا هو لَكُمْ، ولَمْ أكُنْ بِالَّذِي (p-١٣٣٧)آخُذُ أمْوالَ النّاسِ فَأدْفَعُها إلَيْكُمْ، وإنَّما أنْتُمْ أحَدُ رَجُلَيْنِ: إمّا صالِحٌ فاللَّهُ يَتَوَلّى الصّالِحِينَ، وإمّا غَيْرُ صالِحٍ فَلا أُخَلِّفُ لَهُ ما يَسْتَعِينُ بِهِ عَلى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، قُومُوا عَنِّي.
قالَ: ولَقَدْ رَأيْتُ بَعْضَ ولَدِهِ حَمَلَ عَلى مِائَةٍ في سَبِيلِ اللَّهِ، يَعْنِي أعْطاها لِمَن يَغْزُو عَلَيْها.
قُلْتُ: هَذا وقَدْ كانَ خَلِيفَةَ المُسْلِمِينَ مِن أقْصى المَشْرِقِ بِبِلادِ التُّرْكِ إلى أقْصى المَغْرِبِ بِالأنْدَلُسِ وغَيْرِها مِن جَزِيرَةِ قُبْرُصَ وثُغُورِ الشّامِ والعَواصِمِ كَطَرَسُوسَ ونَحْوِها إلى أقْصى اليَمَنِ، وإنَّما أخَصَّ كُلَّ واحِدٍ مِن أوْلادِهِ مِن تَرِكَتِهِ شَيْئًا يَسِيرًا، يُقالُ: أقَلُّ مِن عِشْرِينَ دِرْهَمًا.
قالَ: وحَضَرْتُ بَعْضَ الخُلَفاءِ وقَدِ اقْتَسَمَ تَرِكَتَهُ بَنُوهُ، فَأخَذَ كُلُّ واحِدٍ سِتَّمِائَةِ ألْفِ دِينارٍ، ولَقَدْ رَأيْتُ بَعْضَهم يَتَكَفَّفُ النّاسَ، أيْ: يَسْألُهم بِكَفِّهِ، وفي هَذا البابِ مِنَ الحِكاياتِ والوَقائِعِ المُشاهَدَةِ في الزَّمانِ والمَسْمُوعَةِ عَمّا قَبْلَهُ عِبْرَةٌ لِكُلِّ ذِي لُبٍّ.
وقَدْ دَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلى أنَّ الوِلايَةَ أمانَةٌ يَجِبُ أداؤُها في مَوْضِعٍ مِثْلِ ما تَقَدَّمَ، ومِثْلِ قَوْلِهِ لِأبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الإمارَةِ: «إنَّها أمانَةٌ، وإنَّها يَوْمَ القِيامَةِ حَسْرَةٌ ونَدامَةٌ، إلّا مَن أخَذَها بِحَقِّها وأدّى الَّذِي عَلَيْهِ» فِيما رَواهُ مُسْلِمٌ.
ورَوى البُخارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «إذا (p-١٣٣٨)ضُيِّعَتِ الأمانَةُ فانْتَظِرِ السّاعَةَ قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ! وما إضاعَتُها؟ قالَ: إذا وُسِّدَ الأمْرُ إلى غَيْرِ أهْلِهِ فانْتَظِرِ السّاعَةَ» .
وقَدْ أجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلى هَذا.
ثُمَّ قالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ:
القِسْمُ الثّانِي: أماناتُ الأمْوالِ كَما قالَ تَعالى في الدُّيُونِ: ﴿فَإنْ أمِنَ بَعْضُكم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أمانَتَهُ ولْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣] [البَقَرَةِ: مِنَ الآيَةِ ٢٨٣] ويَدْخُلُ في هَذا القِسْمِ الأعْيانُ والدُّيُونُ الخاصَّةُ والعامَّةُ، مِثْلُ رَدِّ الوَدائِعِ ومالِ الشَّرِيكِ والمُوَكِّلِ والمُضارِبِ ومالِ المَوْلى مِنَ اليَتِيمِ وأهْلِ الوَقْفِ ونَحْوِ ذَلِكَ، وكَذَلِكَ وفاءُ الدُّيُونِ مِن أثْمانِ المَبِيعاتِ وبَدَلِ القَرْضِ وصَدُقاتِ النِّساءِ وأُجُورِ المَنافِعِ ونَحْوِ ذَلِكَ، وقَدْ قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنَّ الإنْسانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩] ﴿إذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا﴾ [المعارج: ٢٠] ﴿وإذا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعًا﴾ [المعارج: ٢١] ﴿إلا المُصَلِّينَ﴾ [المعارج: ٢٢] ﴿الَّذِينَ هم عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ﴾ [المعارج: ٢٣] ﴿والَّذِينَ في أمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ﴾ [المعارج: ٢٤] ﴿لِلسّائِلِ والمَحْرُومِ﴾ [المعارج: ٢٥] - إلى قَوْلِهِ -: ﴿والَّذِينَ هم لأماناتِهِمْ وعَهْدِهِمْ راعُونَ﴾ [المعارج: ٣٢] [المَعارِجِ: ٣٢] وقالَ تَعالى: ﴿إنّا أنْـزَلْنا إلَيْكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أراكَ اللَّهُ ولا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥] [النِّساءِ: ١٠٥] أيْ: لا تُخاصِمْ عَنْهم.
(p-١٣٣٩)وقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «المُؤْمِنُ مَن أمِنَهُ النّاسُ عَلى دِمائِهِمْ وأمْوالِهِمْ، والمُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ، والمُهاجِرُ مَن هاجَرَ ما نَهى اللَّهُ عَنْهُ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَهُ في ذاتِ اللَّهِ» وهو حَدِيثٌ صَحِيحٌ، بَعْضُهُ في الصَّحِيحَيْنِ وبَعْضُهُ في سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ.
وقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَن أخَذَ أمْوالَ النّاسِ يُرِيدُ أداءَها أدّاها اللَّهُ عَنْهُ، ومَن أخَذَ يُرِيدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ اللَّهُ» رَواهُ البُخارِيُّ.
(p-١٣٤٠)وإذا كانَ اللَّهُ تَعالى قَدْ أوْجَبَ أداءَ الأماناتِ الَّتِي قُبِضَتْ بِحَقٍّ فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى وُجُوبِ أداءِ الغَصْبِ والسَّرِقَةِ والخِيانَةِ ونَحْوِ ذَلِكَ مِنَ المَظالِمِ، وكَذَلِكَ أداءُ العارِيَةِ، ولْيُنْظَرْ تَتِمَّةُ هَذا البَحْثِ في الرِّسالَةِ المَذْكُورَةِ، فَإنَّ الوُقُوفَ عَلَيْها مِنَ المُهِمّاتِ.
﴿إنَّ اللَّهَ نِعِمّا يَعِظُكم بِهِ﴾ أيْ: نِعْمَ ما يَأْمُرُكم بِهِ مِن أداءِ الأماناتِ والحُكْمِ بِالعَدْلِ بَيْنَ النّاسِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِن أوامِرِهِ وشَرائِعِهِ الكامِلَةِ العَظِيمَةِ، و(ما) إمّا مَنصُوبَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِـ (يَعِظُكُمْ) أوْ مَرْفُوعَةٌ مَوْصُولَةٌ، كَأنَّهُ قِيلَ نِعْمَ شَيْئًا يَعِظُكم بِهِ، أوْ نِعْمَ الشَّيْءُ الَّذِي يَعِظُكم بِهِ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِما قَبْلَها مُتَضَمِّنَةٌ لِمَزِيدِ لُطْفٍ بِالمُخاطَبِينَ وحُسْنِ اسْتِدْعائِهِمْ إلى الِامْتِثالِ بِالأمْرِ.
﴿إنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعًا﴾ لِأقْوالِكم في الأماناتِ والأحْكامِ ﴿بَصِيرًا﴾ بِأفْعالِكم فِيها، فَإنْ سَمِعَ ورَأى خَيْرًا جازاكم عَلَيْهِ خَيْرَ الجَزاءِ، وإنْ سَمِعَ ورَأى شَرًّا جازاكم عَلَيْهِ، فَهو وعْدٌ ووَعِيدٌ.
ورَوى ابْنُ أبِي حاتِمٍ بِسَنَدِهِ عَنْ أبِي يُونُسَ قالَ: «سَمِعْتُ أبا هُرَيْرَةَ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكم أنْ تُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهْلِها﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ ويَضَعُ إبْهامَهُ عَلى أُذُنِهِ، والَّتِي تَلِيها عَلى عَيْنِهِ ويَقُولُ: هَكَذا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَؤُها ويَضَعُ إصْبَعَهُ».
وقالَ أبُو زَكَرِيّا: وصَفَهُ لَنا المُقْرِي ووَضَعَ أبُو زَكَرِيّا إبْهامَهُ الأيْمَنَ عَلى عَيْنِهِ اليُمْنى، والَّتِي تَلِيها عَلى الأُذُنِ اليُمْنى، وأرانا، فَقالَ: هَكَذا، وهَكَذا، رَواهُ أبُو داوُدَ وابْنُ حِبّانَ في صَحِيحِهِ والحاكِمُ في مُسْتَدْرَكِهِ وابْنُ مَرْدُويَهْ في تَفْسِيرِهِ.
وأبُو يُونُسَ هَذا مَوْلى أبِي هُرَيْرَةَ، واسْمُهُ سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ، أفادَهُ ابْنُ كَثِيرٍ.
{"ayah":"۞ إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّوا۟ ٱلۡأَمَـٰنَـٰتِ إِلَىٰۤ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَیۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُوا۟ بِٱلۡعَدۡلِۚ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا یَعِظُكُم بِهِۦۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِیعَۢا بَصِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق